«الماكغافن».. أداة سردية محببة لدى صناع السينما
سوليوود «خاص»
تُعد تقنية «الماكغافن» من العناصر الشائعة في صناعة السينما، خاصة في أفلام الإثارة، وغالبًا ما تظهر في الجزء الأول من أحداث الفيلم، ثم تتراجع أهميتها لاحقًا، وقد تعود لتظهر في ذروة القصة. ويُعد الماكغافن من أكثر المصطلحات السينمائية غموضًا وإثارة في الوقت ذاته، إذ يُستخدم للإشارة إلى عنصر يبدو في الظاهر ذا أهمية كبيرة، ويدفع الشخصيات إلى اتخاذ قرارات مصيرية أو الانطلاق في مغامرات طويلة، لكنه في الحقيقة لا يحمل أي قيمة فعلية أو تفصيل مؤثر بالنسبة للمُشاهد. وغالبًا ما يُقدَّم هذا العنصر – سواء كان شيئًا ماديًا أو معلومة أو هدفًا مجردًا – في بداية الفيلم، ويُبنى عليه خط سير الحبكة، ثم يتوارى لاحقًا أو يفقد أهميته، حيث يتحول التركيز إلى تطور الشخصيات والصراع الفعلي داخل القصة.
تاريخ المصطلح في السينما
يعود أصل المصطلح إلى السينما البريطانية، وتحديدًا إلى المخرج العالمي «ألفريد هيتشكوك»، الذي يُنسب إليه تعميم مصطلح «MacGuffin» على نطاق واسع، إذ كان يصفه بأنه: «ذلك الشيء الذي يسعى خلفه الجميع، لكنه لا يهم الجمهور كثيرًا». وقد استخدم هيتشكوك هذا المفهوم ببراعة في أفلامه، حيث كان يحرّك الشخصيات عبر هدف ظاهري، بينما يوجّه انتباه الجمهور إلى الجوانب النفسية والتوترات التي تنشأ من هذا السعي. ومنذ ذلك الحين، أصبح الماكغافن أداة سردية محببة لدى صناع السينما، خاصة في أفلام التشويق والجاسوسية والمغامرة.
ما دوره في الأفلام؟
يستخدم صناع الأفلام الماكغافن كوسيلة فعالة لإشعال فتيل القصة وتحفيز الشخصيات على التحرك، ما يُسهم في خلق التوتر الدرامي والتشويق لدى المشاهد. ورغم أن الماكغافن لا يحتل عادةً مكانة جوهرية في نهاية القصة، إلا أن وجوده في بدايتها يكون حاسمًا لخلق الدافع الأساسي للأحداث. كما يُتيح هذا المفهوم للمخرجين التركيز على العلاقات البشرية والصراعات الداخلية والتحولات النفسية، دون الحاجة إلى التوسع في شرح تفاصيل لا تضيف قيمة جوهرية إلى الحكاية.
السينما العالمية و«الماكغافن»
«Pulp Fiction»
يتميّز هذا الفيلم بحواراته المثيرة، ومزجه بين الكوميديا والعنف، وعدم الترتيب الزمني في السرد، إلى جانب التلميحات السينمائية. وقد أصبحت الحقيبة الغامضة التي يحملها فينس وجولز طوال الفيلم، والتي لا يُكشف عن محتواها أبدًا، واحدة من أشهر الماكغافنات في تاريخ السينما. جذب محتواها اهتمام الجمهور، لكن تارانتينو تعمّد عدم الإفصاح عنه، مؤكدًا أن الأهم هو النتائج التي تؤدي إليها، وليس ما بداخلها.
فيلم الجريمة والغموض الصادر عام 1994، من بطولة: جون ترافولتا، وصامويل جاكسون، وأوما ثورمان، وبروس ويليس؛ ومن إخراج: كوينتن تارانتينو.
«Raiders of the Lost Ark»
يُعد هذا الفيلم من أوائل أجزاء سلسلة «إنديانا جونز»، حيث يكون تابوت العهد هو الهدف الذي يسعى خلفه جونز، لكنه في الحقيقة لا يُستخدم إلا كأداة لتحفيز سلسلة من الأحداث والمعارك. لا يهتم المشاهد بقدسية التابوت بقدر ما ينجذب إلى المطاردات بين الأبطال والأشرار.
تدور أحداث الفيلم في عام 1936، أثناء التوسع النازي، حيث ينغمس هتلر في البحث عن تابوت العهد الذي يُقال إنه يحتوي على الوصايا العشر، ويمنح قوة خارقة قادرة على تدمير جيوش بأكملها.
فيلم المغامرة والإثارة الصادر عام 1981، من بطولة: هاريسون فورد، وكارين ألين، وبول فريمان؛ ومن إخراج: ستيفن سبيلبرغ.
«Mission: Impossible III»
في هذا الجزء من السلسلة، يسعى الجميع للحصول على «Rabbit’s Foot»، دون معرفة طبيعتها أو خطورتها. وتُستخدم ببراعة كمحرّك للأحداث، دون أن يتم شرحها أبدًا، وهو ما يعكس الاستخدام النمطي للماكغافن في أفلام الجاسوسية.
تدور أحداث الفيلم بين الفاتيكان والولايات المتحدة، حيث يطارد إيثان هانت العدو أوين دافيان، الذي يختطف خطيبته جوليا، ويحاول هانت إنقاذها قبل فوات الأوان.
فيلم الأكشن والإثارة الصادر عام 2006، من بطولة: توم كروز، وفيليب سيمور هوفمان، وماغي كيو؛ ومن إخراج: جاي جي أبرامز.
«Ronin»
تدور أحداث الفيلم حول مجموعة من المرتزقة المكلّفين بسرقة حقيبة غامضة لا يُكشف عن محتواها أبدًا. وتتمحور الإثارة حول كيفية تنفيذ المهمة، والخيانة بين الأطراف المختلفة، وليس في معرفة ما بداخل الحقيبة، ما يجعلها ماكغافنًا مثاليًا.
تتبع القصة البطلين سام وفينست في ملاحقة الصفقات المشبوهة للمافيا الروسية والإيرلندية.
فيلم الإثارة والتشويق الصادر عام 1998، من بطولة: روبرت دي نيرو، وجان رينو، وناتاشا مكالهون؛ ومن إخراج: جون فرانكنهايمر.
