سوليوود «متابعات»
من بين الأعمال الأجنبية القليلة التي توجد على منصة «شاهد»، ينفرد مسلسل «الصوت الأعلى» The Loudest Voice الذي بدأ بثه مؤخراً بموضوعه الجريء ومستواه الفني الراقي، الذي يجعل منه واحداً من الأعمال الجديرة بالمشاهدة من قبل أي شخص يرغب في أن يعرف ويفهم كيف تدار السياسة والصحافة في أكبر بلد ديمقراطي في العالم.
وبحسب صحيفة الرؤية يرصد المسلسل قصة صعود وسقوط روجر أيلز الذي أسس وترأس محطة تلفزيون «فوكس نيوز»، نتيجة سلسلة من الفضائح الجنسية التي تعرض لها وكانت بداية إطلاق حملة «أنا أيضا» Me too التي أطلقتها الحركات والجمعيات النسوية لكشف حالات التحرش واستغلال المناصب والنفوذ ضد النساء في أماكن العمل. ورغم أن هذه القصة تحتل مركز الصدارة في المسلسل، فإن المساحة التي يتحرك فيها أكبر من ذلك بكثير، حيث يبين المسلسل آليات العمل في التلفزيون والإعلام وكواليس العلاقات الخفية بين السياسيين والصحافة، وكيف تتحول مهنة الموضوعية والنزاهة إلى سلاح للانحياز وانتهاك القيم.
يتكون المسلسل من 7 حلقات تتبع مسيرة روجر أيلز على مدار أكثر من 20 عاماً، منذ بداية التحضير لإطلاق «فوكس نيوز» التي يملكها رجل الأعمال والصحافة روبرت ميردوخ في 1995، وتكليف أيلز بإدارتها إلى خروجه منها بفضيحة مدوية في 2016، بعد أن جعل منها القناة المشفرة الأكثر مشاهدة في أمريكا، وبعد أن أثار من الزوابع والمعارك والنعرات المتعصبة والعنصرية ما هيأ المجال لفوز دونالد ترامب، الذي أتى به أيلز وكان سببا في فوزه بالرئاسة، ولكن في الوقت الذي كان يشق فيه ترامب طريقه نحو البيت الأبيض، كان روجر أيلز في طريقه إلى الخروج من القناة التي أسسها بسبب أكبر فضيحة تحرش جنسي عرفها التاريخ، حيث انقلبت عليه نساء المحطة (وبعض رجالها)، وكشفن واحدة تلو الأخرى الانتهاكات التي تعرضن لها واستغلال النفوذ الذي قام به على مدار سنوات من التلاعب بالصحافة وتحويلها إلى أداة لتحقيق مصالح شخصية من ناحية ونشر أجندته العنصرية من ناحية ثانية. ويتنازل المسلسل حقبة الغزو الأمريكي على العراق، ودور القناة في الدعاية الانتخابية للمرشح دونالد ترامب.
يعتمد المسلسل على كتاب «الأعلى صوتاً في الغرفة» للصحفي جبريل شيرمان، الذي حقق أعلى المبيعات، وبالفعل يظهر شيرمان في بعض الحلقات الأخيرة أثناء إعداد كتابه الذي استغرق سنوات، وحاول أيلز أن يمنعه بأي وسيلة ولكن الفضيحة التي تعرض لها جاءت في الوقت المناسب لتنقذ الكتاب وتجعل منه وثيقة لفترة عمل أيلز في «فوكس» والجرائم التي ارتكبها.
القصة كانت أيضاً موضوع فيلم Bombshell الذي صدر 2019 من إخراج جاي روش، وبطولة نيكول كيدمان وتشارليز ثيرون ومارجو روبي، والذي يحمل اسمه معنيين ينطبقان على قصة أيلز: «قنبلة إغراء» أو «فضيحة مدوية».
المسلسل يكشف تفاصيل أكثر من الفيلم، بحيث يمكن للمشاهد الذي لم يسمع عن الشخصيات والقصة أن يفهم ويتابع الأحداث بسهولة، على عكس الفيلم الذي يفترض أن المشاهد قد سمع وقرأ عن الحكاية بالفعل.
لكن المسلسل أيضاً، ونتيجة الرغبة في التوثيق والوضوح يبدو تقليدياً ومسطحاً بعض الشيء في عنصر السيناريو، ولكنه متميز للغاية في بعض عناصره الأخرى وعلى رأسها التمثيل، حيث يبدع راسل كرو في تجسيد شخصية أيلز بشكل مذهل، كذلك معظم الممثلين الآخرين وعلى رأسهم ناعومي واتس في دور المذيعة جريتشين كارلسون التي أطلقت أول رصاصة في المعركة، وسيينا ميلر في دور بيث زوجة أيلز.
يتميز العمل أيضاً بسرعة إيقاعه، وتكثيفه للأحداث في 7 حلقات فقط، بشكل يجعل منه درساً لصنّاع المسلسلات التي تتكون من 30 حلقة أو أكثر وتخلو من الأحداث والدراما والحركة.