سوليوود (إصدارات)
«في الجانب المتعلق بكونك رجلاً عظيماً، فقد أدركت أن الجميع، بما فيهم ألد أعدائك، يقرّون أنه في عالم الموهبة، لا يوجد ند لكَ».
بهذه الرؤية المحبة، الفخورة، والجازمة، يُمهد تشارلز شابلن جونيور لكتابه «والدي تشارلي شابلن» الذي رسم فيه صورة إنسانيّة شاملة وحميمة لشخصية هذا العبقري الذي شَكّل أيقونة السينما الصامتة، من خلال تأديته الفذة لدور «المشرد» أو «الصعلوك» أو «المتسكع» في غالبية أفلامه. واشتهر تشارلي شابلن (1889-1977) وهو ممثل كوميدي إنجليزي، ومخرج، وملحن.
وكاتب سيناريو، في زمن الأفلام الصامتة. عاش طفولة فقيرة وتعيسة، عانى فيها مشقة الجوع الذي اعتبره بلا ضمير. كان والده لا مبالياً، ما دفع بوالدته للكفاح من أجل تأمين لقمة العيش له. أُرسل إلى الإصلاحيّة مرتين قبل بلوغه سن التاسعة من العمر. بدأ نجمه بالسطوع العام 1914.
وفي نهاية العام 1918 أصبح من أكثر الشخصيّات المرموقة والمعروفة في العالم، وأنجز العديد من الأفلام المهمة، وحصل في العام 1972 على جائزة الأوسكار الفخريّة، ولُقّب بالحزين الذي أسعد العالم، والبائس الذي أضحك الملايين.
توزع الكتاب على 42 فقرة، بدأها المؤلف بالحديث عن ولادته العام 1925، وعن السمات التي تجمعه مع أخيه الأصغر (سدني) لا سيّما صفة العناد، ثم ينتقل للإحاطة الدقيقة والوافية بتفاصيل حياة والده الأسريّة والاجتماعيّة والمهنيّة، ومحاولة تزويده بخبراته التي جمّعها من خلال تجاربه المريرة في الحياة، خاصةً أثناء وجوده في الميتم، ناصحاً إياه بأن يؤمن بنفسه.
وأن يشعر بالامتلاء الذي يأتي من الثقة بالنفس، مشيراً في الوقت نفسه أن حياته مع والده، طيلة فترة طفولته وفتوته، كانت أشبه بالحياة في سفينة تُبحر في بحر مائج، أمواجه هي فترات الإبداع المُركّز التي كانت تُتوّج بواحد من أفلامه التي شكّلت بمجموعها سلسلة من التحف السينمائيّة.
مشيراً إلى أن أساليب والده الإخراجيّة كانت تعتمد على البديهة بالدرجة الأولى، وبأن كل ما قدمه على الشاشة كان عفوياً، مُرتجلاً، وهذا ما قاده لأن يُصبح أعظم الإيمائيين في العالم.
وفي إشارة واضحة إلى جحود الولايات المتحدة الأميركيّة لتشارلي شابلن، ومحاولة أوروبا تعويضه عن ذلك، أشار المؤلف إلى أن والده كان يحظى في أوروبا باستقبال الفاتحين. فقد احتفت به حشود غفيرة في وطنه الأم إنجلترا، كما في بقية أرجاء القارة الأوروبيّة، حيث استقبلته ملكة بريطانيا.
وقلّده الرئيس الفرنسي رتبة فارس في فيلق الشرف، بدا هذا الأمر (بحسب المؤلف) وكأن أوروبا تنتهز الفرصة، لا لتُكرّم رجلاً معروفاً فحسب، بل لتظهر ما كان يلقاه من معاملة سيئة في أميركا.