سوليوود «خاص»
يعتمد صناعة «السينما الواقعية»، أو «السينما الفيريتيه» كما عُرفت لدى بعض الشعوب، على نهج خاص في إعداد الأعمال تهتم بكشف جوانب مثيرة ومباشرة حول موضوعات خفية وراء الواقع، وذلك دون تحريف أو تغير؛ حيث تهتم بالقضايا الملحة، سواء كانت سياسية أو مجتمعية، والموضوعات الإنسانية، ويعتمد صناعها على الأدوات البسيطة خلال تنفيذها حيث لا يستخدم خلال صناعتها المؤثرات الخارجية الصناعية والديكورات والمجاميع الضخمة؛ لكن يعتمدون على الكاميرات الصغيرة المحمولة على الكتف، والتصوير في المنازل والشوارع. ومن الطرق التي اعتمدوا عليها تسجيل الحوارات العادية بين الناس في الشوارع، ثم العثور على صور تناسب هذه الحوارات في كثير من الأعمال.
توثيق الثقافات والعادات
تتميز السينما الواقعية بدورها المؤثر في التعريف بالحقب الزمنية من حيث الثقافة والعادات السائدة حينها، والتي تتحدث حبكتها في الغالب عنها لأنها تكون بمثابة شاهد وناقل للواقع كما هو دون تزييف أو تزيين خلال هذه الفترة. ويساهم الديكور والملابس ولغة الحوار وسلوك الشخصيات التي تتشابه مع ما يحدث في الواقع الذي تعكسه في تجسيد ذلك عبر الشاشة ببراعة. كما يهتم صناعها بأن تكون زوايا الكاميرا خلال عمليات التصوير دقيقة وحقيقية لنقل الواقع كما هو؛ لكي تساهم بشكل مؤثر في توسيع مدارك متابعيها، وتفصل الكثير من الجوانب والأبعاد الخيالية عن القضايا التي تناقشها؛ فهي تقدم الواقع بتجسيد خالص في صياغة درامية جذابة.
تاريخها ونشأتها
«الواقعية» كمذهب فني تبلورت وبدأت بالانتشار في منتصف القرن التاسع عشر بحسب تقدير الخبراء، وفي نهاية العشرينيات تميزت الكثير من الأفلام الفرنسية بأنها واقعية شعرية، وكان تميز صنَّاعها برفض لكل من الرومانسية الهوليودية و«السينما الخالصة» التي نادى بها الطليعيون، وقدمت هذه الأفلام قصصًا عن المهاجرين والعمال والمصانع. ومع ذلك، أصبحت الواقعية نمطًا سينمائيًا بارزًا مع ظهور حركة الواقعية الجديدة في إيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية، التي تُعتبر واحدة من أبرز التيارات السينمائية المرتبطة بمفهوم الواقعية. اهتم رواد هذه الحركة بنقل حياة الناس العاديين خارج الاستوديوهات، مع التركيز على يومياتهم بدون حبكات درامية أو ديكورات أو إضاءة مصطنعة.
وبحسب المؤرخين، فمنذ بداية السينما استوحت الواقعية البريطانية جذورها من أعمال «تشارلز ديكنز» و«توماس هاردي» في الأدب، وشهدت ازدهارها في مجال السينما الوثائقية خلال الثلاثينيات من القرن العشرين، وبعد تراجعها في الأربعينيات بسبب الرقابة على الأفلام ذات المضمون السياسي والاجتماعي عادت الواقعية في الخمسينيات تحت اسم مختلف هو «الموجة الجديدة».
مشاهير السينما الواقعية
«روبرتو روسيلليني»:
يعد أبرز مخرجي الواقعية الإيطالية الجديدة، وقدم العديد من الأفلام التي عبرت عن مضمون الحركة السينمائية الواقعية ومنها «Roma città aperta»، و«Paisà».
«إريك رومير»:
حصد المخرج والروائي الفرنسي على العديد من الجوائز المهمة من خلال معظم أعماله التي تنتمي لقائمة الموجة الفرنسية الواقعية الجديدة ومنها: «The Green Ray».
«أندريه بازين»:
يُعتبر أحد أهم نقّاد السينما الفرنسية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، واشتهر بأنه الأب الروحي للموجة الجديدة في السينما الفرنسية.