حوار – أحمد العياد
يحرص «مهرجان أفلام السعودية» دائمًا على تكريم السينمائيين المتميزين، لدورهم الرائد في تلك الصناعة، وهو ما يُتيح لمحبي السينما التعرُّف على روَّاد أثروا الحياة الفنية على مختلف مستوياتها.
وكرَّم المهرجان في نسخته التاسعة المقامة حاليًا، السيناريست البحريني أمين صالح، والمخرج والمنتج السعودي صالح الفوزان، الذي أنتج عشرات الأفلام الروائية الطويلة وحصل على حوالي 30 جائزة عربية ودولية.
بمناسبة هذا التكريم، أجرى موقع «سوليوود» حوارًا مطوَّلاً مع الفوزان للحديث عن مختلف القضايا، سواء ما يتعلق بمسيرته السينمائية التي بدأت بمحض الصدفة، كما يقول، أو التجارب والظواهر السينمائية، ومنها ما يُطلق عليه «أفلام المقاولات»، بدايتها والمسؤولين عنها، فضلاً عن رؤيته حول صناعة السينما السعودية، من حيث واقعها ومستقبلها.
مبارك التكريم في الدورة الجديدة من مهرجان الأفلام السعودية بعد سنوات من العمل بالإنتاج السينمائي، حدثنا عن شعورك بعد إعلامك بقرار المهرجان..
بداية أود أن أتوجه بالشكر إلى القائمين على المهرجان وإدارته لتكريمي وسط مجموعة من السينمائيين المتميزين، شيء جميل للغاية أن تنال التكريم في حياتك، فالتكريم وأنت على قيد الحياة له سعادة لا توصف، وأجد تكريمي ومشاركتي في الدورة الجديدة فرصة كي يتعرف الشباب على الأجيال التي سبقتهم، كـ(فؤاد جمجوم، وحسن بلجون) – رحمهما الله – والجيل الذي تلاهم مثل: طلعت بلجون، ومحمد وخالد وأحمد هاشم ناقرو، وصالح فوزان، فكلنا عملنا كموزعين ومنتجين في السينما المصرية رغم جبروت الصحوة حينها.
تكريمك فرصة لاستعادة بداية علاقتك بالسينما، حدثنا عن بدايات عملك في السينما..
لا أعرف إن كنت ستصدقني أن الأمر بالكامل جاء من دون تخطيط، أنا من مواليد حي الدحو بالرياض، وبطبعي لست من الحالمين الذي حلموا بما سيكونون عليه في المستقبل، فكل شيء جاء معي بالمصادفة، فلم أحلم به ولم أقصده، بل حدث بالصدف، وكل صدفة تدفع بي في اتجاه معين، فلا الإنتاج ولا التوزيع ولا الفيديو أو حتى البناء الدرامي (السيناريو) والإخراج؛ كلها أمور جاءت دون إرادة مقصودة ومخطط لها، وحقيقة أشعر بالامتنان لتلك الصدف التي حدثت في حياتي وجعلتني كما أنا الآن. لكن ذلك لم يحدث فقط بالصدف، فالصدفة كانت الخطوة الأولى في كل مرحلة، لكن في كل مرحلة كان تعلقي وإخلاصي بعملي ومواكبتي التعلم أكاديميًا أو خبراتيًا هو الأساس الذي أبني عليه الخطوة التي تلي.
هل هناك شيء كنت تريد تجربته ولم تفعله ذلك الوقت؟
يمكن أمر واحد وهو العزف على العود والغناء، فقد كان أحد أبناء جيراننا يرسم ويعزف على العود والكمان، وكنت أود أن أصبح عازفًا ومطربًا، لكنه في أحد المرات قال وهو يمازحني كيف تغني بصوتك المبحوح هذا؟ الناس ستكسر العود على رأسك، لذا آثرت السلامة ولم أكمل تلك الفكرة لأني أدرك أن صوتي الأبح غير صالح للغناء.
وقتها كنت مقبلاً على الفن ولم يكن لديك الهاجس المرتبط بالسعودي المحافظ الذي يشعر بارتكاب ذنب لاهتمامه بالفن؟
لا لا، الجيل الحالي لديه فكرة خاطئة عن تلك الفترة، فالمجتمع في تلك الفترة كان سويًا أو يمكن القول شبه سوي، ويمكنك ملاحظة جيل الستينيات وفكرهم. وكمثال انظر إلى موظفي جريدة الشرق الأوسط، خلال إدارة عثمان العمير وعبدالرحمن الراشد، ستلاحظ تنوع جنسيات ومناطق وديانات ومذاهب العاملين بهاتين المؤسستين، فلم نعرف التشدد بحياتنا وممارستنا، بل كان تديننا فطريًا لا علاقة له بالتشدد الديني أو المذهبي أو المناطقي؛ صحيح أن أفكارنا كان بها جزء ذكوري خاصة على المرأة وبالرغم من كل ذلك كانت المرأة عاملة والأسواق تعج بالسيدات البائعات، وبالمناسبة حاولت في سيناريو فيلمي “رطرط” طرق هذه الفترة من خلال قصة ثلاث نساء يعشن في مجتمع ذكوري. عمومًا بشكل دقيق التشدد لم يأتِ إلا بعد عام 1979 حيث بدأ بالدفع تجاه التعنصر والتدين المتشدد غير المنضبط، والأسلوب الفج في التعامل، وهو ما يؤيد ويؤكد مقولة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد: إننا عدنا إلى طبيعتنا.
انخرطت بالعمل في السينما المصرية منذ عام 1985، كيف جاءت البداية؟
عملي بالسينما المصرية كان إحدى الصدف التي تحدثت عنها، وإرهاصاتها بدأت في أواخر عام 1978 وبدايات 1979 عندما بدأت العمل بالفيديو؛ لذا لا يمكنني الادعاء أنني كنت أحلم بهذا أو خططت له، لكن ما يمكن تأكيده هو قدرتي على اقتناص الفرص التي أتيحت أمامي ومواصلة التعلم؛ ففي البداية افتتحت أنا ولاعب الهلال السابق سلطان بن نصيب محل فيديو، وذلك المحل أول علاقة لي بالأفلام والسينما. دامت شراكتي أنا وسلطان بن نصيب تقريبًا عام ونصف ثم بعدها فصلنا الشراكة، فاشتريت حصته وأصبح المحل من نصيبي، بينما سلطان افتتح محل فيديو آخر في أسواق الجوهر التي كانت بنفس مكان الفيصلية حاليًا، وهذه الصدفة الأولى.
وبسبب كون نسخ الأفلام غير جيدة ومشوشة ورديئة، بل إن كثيرًا منها يمكنك سماع صوت مكانة العرض وصوت دوران بكرات السينما؛ اضطررت إلى السفر إلى لبنان أيام حربه المشؤومة، بحثًا عن نسخ جيدة المستوى صوتًا وصورة (أي نسخ أصلية). وأثناء تعاقدي مع شركة صباح العالمية للفيديو على شراء 200 أو 300 شريط فيديو تعرفت على العزيز الصديق المنتج اللبناني صادق الصباح الذي كان يدير الشركة. وخلال اجتماعاتنا التي استمرت فترة تجهيز النسخ، ولأن بيروت كانت تعيش الحرب ليلاً ونهارًا، لا أنسى أننا أنا وصادق والموظفون اضطررنا جميعًا للمبيت ليلة في المكتب بسبب اشتباكات المتقاتلين في الشوارع المحيطة بمكتب الشركة، وبسبب ظروف الحرب كثرت اجتماعاتنا. وفي أحد تلك الاجتماعات سألني الأستاذ صادق عما إذا كنت أرغب في أن أصبح وكيلاً لشركة صباح العالمية للفيديو في المملكة فلم أتردد لحظة واحدة؛ وهذه كانت الصدفة الثانية، فبدلاً من أعود بـ200 أو 300 نسخة لمحلي عدت بالنسخ ووكيلاً لإحدى أهم شركات الفيديو في العالم العربي حينها. ثم مع استمرار العلاقة والتعامل بيني وبين الأستاذ صادق الصباح تعرفت على عمه محمد علي الصباح مايسترو التوزيع السينمائي في العالم العربي وقتها. ومنذ ذلك التعارف بدأت في شراء حقوق توزيع بعض الأفلام لتوزيعها بالمملكة؛ وهذه صدفة ثالثة مع الأخذ في الاعتبار أن كل العالم العربي حينها لم يكن يطبق أنظمة حقوق التوزيع أو المؤلف. فبداية نظام حقوق المؤلف جاء في مرحلة لاحقة حينما بدأت وزارة الإعلام ممثلة في إدارة المطبوعات المسؤولة عن رقابة الأفلام وفسحها، تطالب الموزعين بشهادة حقوق صادرة عن غرفة صناعة السينما المصرية.
وبعد ذلك؟
إن لم تخني الذاكرة في 1983 أو 1984 أنشأ الإخوة محمد وخالد وأحمد هاشم ناقرو شركة روتانا للإنتاج والتوزيع السينمائي، وهي بالتأكيد ليست روتانا اليوم التي توسع مجال عملها، بل نواتها الأولى حينما توقفت عن تمويل وتوزيع الأفلام واتجهت إلى مجال الصوتيات والموسيقى والأغاني؛ وهذه قصة أخرى. المهم فيما يخص صدفتي الرابعة وفقت بالتعاقد مع شركة روتانا على توزيع مصنفاتها في المنطقة الوسطى، ومن خلال علاقتي بالإخوة الأعزاء محمد وخالد وأحمد ناقر بدأ ترددي على القاهرة والسفر معهم والاطلاع على بعض تفاصيل عمل الموزع الخارجي والاحتكاك ببعض السينمائيين المصريين. وبعد فترة زمنية ليست كبيرة جاءت الصدفة الخامسة فتعرفت على سمو الأمير تركي بن محمد، وتم الاتفاق بيننا على تأسيس شركة شامل للإنتاج والتوزيع الفني المصرية، ومؤسسة شامل للإنتاج والتوزيع الفني بالمملكة؛ هنا جاءت النقلة الكبيرة وتحول الأمر من نظرة بعيدة إلى نظرة واحتكاك عن قرب، فمع الانتقال إلى مصر بدأت بالعمل في شراء حقوق توزيع بعض الأفلام المصرية خارج مصر بتمويل يصل تقريبًا إلى 70% من ميزانية الفيلم، لكني بعد عدة أفلام واحتكاك وخبرة كافية بدأت في إنتاج أفلامي من خلال مكتب القاهرة وتوزيع أفلام الغير في المملكة، سواء أفلام عربية، أم أجنبية من خلال مكاتب المؤسسة المنتشرة في مناطق المملكة.
ما هي تفاصيل دورك في العملية الإنتاجية للفيلم؟
في البداية كموزع خارجي هذا هو المسمى على تيترات وأفيشات الفيلم، والموزع الخارجي فعليًا هو منتج مشارك بنسبة تقترب من 70% ويمتلك مقابل ذلك حقوق توزيع الفيلم في جميع أنحاء العالم عدا مصر التي يملك حقوق التوزيع بها المنتج الذي يمول ما نسبته 30%. ومع الأسف تعوَّد البعض تحميل الموزع الخارجي مسؤولية فشل الفيلم، رغم أن الموزع الخارجي يدخل في الغالب بعملية تمويل أي فيلم حينما يكون هناك مشروع وسيناريو ومخرج وأبطال؛ ومن يمول مشروع فيلم بما يقارب 70% من ميزانيته لا يمكن أن يشتري سمكًا في ماء. ثم بعد نتائج نجاح وفشل الأفلام التي مولت في البداية، اضطررت إلى تغيير المسار واتجهت للإنتاج كي أكون مسؤولاً عن خياراتي وأفلامي، لا الاكتفاء بالتوزيع، خاصة بعد اكتسابي الخبرة الكافية للتصدي لعملية الإنتاج؛ وهذه أيضًا صدفة سادسة، فلم أكن كالعادة أحلم أن أكون منتجًا. لكني أحمد الله الذي أعطاني على قدر عملي وجهدي، فمن طبيعتي المثابرة على تطوير ثقافتي السينمائية من خلال المشاركة في المهرجانات العربية والعالمية، والاطلاع على التجارب السينمائية بالعالم، وحضور الندوات، وقراءة كل ما يمت للسينما بصلة. واستمر عملي في السينما المصرية حوالي 13 سنة من 1985 حتى 1997 قدمت فيها 34 فيلمًا روائيًا طويلاً، إضافة إلى إنتاج أربع أو خمس مسرحيات تم تصويرها للتلفزيون من بطولة نجوم الكوميديا المصرية سمير غانم، وسعيد صالح، ومحمد هنيدي، وعلاء ولي الدين، وأحمد بدير.
كل نجوم مصر شركاء في أفلام المقاولات
أنتجت أفلامًا لم تعرض في السينما ولكن عرضت بالفيديو، متى بدأ هذا التحول بالسينما (المقاولات)؟ وهل كنت على وعي به؟
هناك كذبة كبيرة تروج ويصدقها الكثير أن أفلام المقاولات سببها الموزع الخارجي الخليجي، والسعودي تحديدًا، وهذا غير صحيح. فهذه الفكرة بدأ تطبيقها بعد تأميم السينما في مصر، ففي تلك الفترة تم تأميم استوديوهات التصوير ودور العرض السينمائي وبعض الشركات القليلة العاملة في الإنتاج. ولأن موظفي القطاع العام ليس لهم علاقة بالسينما اضطروا إلى التعامل مع مؤسسات فردية، وفي أحيانٍ منتجين فرديين كون موظفي القطاع العام لا خبرة لهم في الإنتاج وأغلبهم من العسكر؛ لذا تعاقدوا مع منتجين منفذين، ومن هنا جاءت فكرة (المقاولة). ثم بعد السماح لمؤسسات الإنتاج الخاصة بالعودة للعمل وبقاء الاستوديوهات ودور العرض تابعة ومملوكة للقطاع العام، حينها لجاء المنتجون للموزع الخارجي للوصول إلى تمويل جزء من ميزانية أفلامهم بنسب كبيرة قد تصل إلى 70% من ميزانية إنتاج الفيلم. وكان على رأس هؤلاء الموزعين – كما ذكرت سابقًا – مايسترو التوزيع الخارجي محمد علي الصباح وأخوه حسين الصباح، وطنوس فرنجية، ونادر أتاسي، وتحسين قوادري، ويوسف الطاهر، وطارق أبو قورة. وفي الثمانينيات الميلادية أعتقد – إن لم تخني الذاكرة – أن شركة السينما الكويتية موَّلت بعض الأفلام، ثم بعد كل ذلك جاء الموزعون السعوديون تاليًا، فكيف نحملهم وزرًا لم يكونوا سببًا فيه. فالموزعون أيًّا كانت جنسيتهم، فهم أمام سوق كبير مثل سوق السينما المصرية، ومن يريد دخول غماره مجبر أن يتبع من سبقوه لا أن يحمل الوزر وحدَه.
حديثك يعني أن هناك مسؤولين آخرين عن سينما المقاولات؟
طبعًا في أحيان كثيرة لا تكفي الميزانية، أو أن ميزانية الفيلم تتجاوز ما فكر به المنتج عند إعداده مدة أيام تصوير الفيلم مما يضطره إلى إلغاء تصوير بعض مشاهد الفيلم كي يخرج رابحًا من إنتاج الفيلم فيطبع الفيلم ناقصًا، وبالتالي تأتي النتائج ضعيفة. وعمومًا هذا النوع من الأفلام يصور لطرحه على أشرطة الفيديو في مصر والعالم العربي، وهو غير مخصص للعرض بدور العرض السينمائي. وحينما فكرت وبدأت إنتاج مجموعة أفلام صغيرة قليلة الميزانية لطرحها على أشرطة الفيديو، صورتها 16مم وحمضتها وطبعتها في اليونان، وقام بتلك المهمة المونتير محمد الطباخ.
على العموم بين ثنايا هذه التهمة الموجهة للموزع الخارجي، هناك تهمة مستترة تحاول أن تشير إلى أكثر من 50 إلى 60 فنيًا وتقنيًا مصريًا عمل في أي فيلم صغير، بأنهم متواطئون مع الموزع الخارجي لتدمير السينما المصرية، أو في أحيان كثيرة يستخدم هذا المصطلح والمعنى كشماعة يعلَّق عليها أي فشل في السينما المصرية.
وماذا عن موقف الفنانين ذلك الوقت من هذه السينما؟
كل النجوم المصريين حتى عادل إمام قدَّم أفلامًا صغيرة تصنَّف ضمن أفلام المقاولات، وأشهر تلك الأفلام فيلمه مع فؤاد المهندس. وبمناسبة ذكر اسم الفنان فؤاد المهندس أنا أنتجت له فيلمًا صغيرًا يصنف تحت اسم أفلام المقاولات اسمه (الكداب وصاحبه) بمشاركة الفنانة لبلبة ومن إخراج أحمد ثروت. وأيضًا أنتجت للفنان محمد صبحي فيلم (احنا اللي سرقنا الحرامية) مع الفنانة صابرين ومن إخراج مدحت السباعي. عمومًا أغلب الفنانين والفنانات المصريين قدموا أفلامًا صغيرة في بداية حياتهم، وهذ ليس عيبًا، فمثلا موَّلت كموزع خارجي لرغدة فيلمًا صغيرًا مع كرم مطاوع اسمه (مصرع الذئاب)، ولإلهام شاهين فيلمًا صغيرًا اسمه (رجال بلا ثمن)، لا يوجد استثناء بين النجوم. وإليك هذه المعلومة على مسؤوليتي الشخصية، رئيس غرفة صناعة السينما المصرية الراحل منيب الشافعي أنتج لي فيلمًا أعتبره أسوأ فيلم صغير موَّلته، وإذا كان رئيس غرفة صناعة السينما المصرية ينتج فيلم مقاولات كما يسمى، فلماذا نحمل نحن فقط المسؤولية.
هل تفهَّم النقاد مثل علي أبو شادي وسمير فريد وسامي السلاموني مثل هذه النوعية من الأعمال؟
هؤلاء كانوا أصدقاء، وكانوا يتحدثون ويكتبون عن أن هذه الأعمال ليست صالحة للعرض السينمائي، وكنا نوافقهم على هذا الرأي؛ لأننا لم ننتجها للعرض السينمائي، بل للعرض على أشرطة الفيديو، ولا أريد أن يجرني هذا الحديث عن السينما الأكاديمية، لكني سأذكر لك مثالاً. ففي بداية التسعينيات الميلادية أنتج فيلم أطلق عليه وقتها فيلم (الدكاترة) من إنتاج الدكتور عادل حسني، وإخراج الدكتور محمد الرشيدي، ومدير التصوير دكتور؛ ومهندس الديكور دكتور؛ وكلهم أستاذة في معهد السينما عدا الدكتور عادل حسني. عند عرض الفيلم بالسينما لم يستمر إلا بضعة أيام ولم يحقق أي إيراد. إذًا علينا الإدراك أنه ليس كل ما يلمع ذهبًا، فالأكاديمي بارع في طرحه وشرحه لطلابه، بينما المحترف بارع في التنفيذ لا التنظير. فالأكاديمي يمكنه أن يشرح، لكن ليس بالضرورة لديه القدرة على التطبيق. هذه باختصار قصة المقاولات، وإذا كان المقصود إيجاد مسمار جحا أو شماعة يراد منها تحميل المسؤولية علينا كموزعين، أقولها بكل صراحة كما يقول المثل اللبناني (خيطوا بغير هالمسلة). الموزعون السعوديون تحديدًا لم يأتوا إلا في نهاية هذه المرحلة، وشكرًا لكل ناقد أو سينمائي سعودي يستمر في ترديد الاتهام نفسه دون أن يدرك أنه هو ذاته المقصود.
في مسيرتك بالسينما المصرية، ما هي الأعمال التي تشعر بأنك تفتخر بتقديمها؟
أغلب أفلامي لا أفتخر بها، هناك بعض الأعمال مثل رغبات ديك البرابر، وأعمال حققت إيرادات عالية مثل: (الحب والرعب) لشريهان. وعمومًا دائمًا أفخر بما هو قادم.
هل شعرت باختلاف في النظرة للمنتج بين مصر وباقي الدول التي كنت موجودًا فيها؟
نعم، هناك اختلافات وفروقات كثيرة في منهجية التفكير بين عديد من الدول، فلا يمكنك مقارنة السينما المصرية المعتمدة على سوق كبير ممتد من موريتانيا حتى عمان، مع سينما أخرى لديها فقط بلدها وبعض البلدان الغربية الداعمة لتلك السينما، وبالتأكيد في مصر عشت وعملت وتعلمت بها أساسيات السينما، وأدين لها بفضل كبير لا يمكن إنكاره، لكن يمكنني القول بأن النظرة في مصر للمنتج محصورة في إنسان يملك الفلوس ولا علاقة له بالفكر ولا الفن. فالمنتج في مصر والشرق عمومًا، حتى لدينا وفي الخليج ولبنان، محاصر في هذه المنطقة؛ لذا لا دافع لديه لتطوير ثقافته السينمائية. أمَّا في دول شمال إفريقيا وأوروبا، فالمنتج هو مثقف ومفكر ومهتم بالشأن الثقافي والسينمائي، إضافة إلى ملكة تدبير تمويل إنتاج الفيلم، وهذا الفارق هام وجوهري، فلا يفترض النظر للمنتج على أنه حامل للفلوس فقط.
باعتقادي أن مستوى السينما المصرية مرتبط بالتركيبة التي تقوم عليها، فهي معتمدة على استعانتك بنجم تعتقد أنه مطلوب في دور العرض فيأتيك بسيناريو ومخرج يفرضهما عليك، وبالتالي ليس لدى المنتج (الذي يود العمل مع هذا النجم أو ذاك) إلا أن يقبل شروط اللعبة. عدا بعض الحالات الشاذة عن هذه القاعدة التي باتت الآن منتشرة ومتسيدة حتى في الأعمال الدرامية التلفزيونية. فمثلاً، إذا أردت أن تتعامل مع محمد رمضان، فعليك القبول بالسيناريو والمخرج اللذين يختارهما هو. حتى إن بعض النجوم يتدخل في اختيار الممثلين العاملين معه. وهذا الحال كان وما زال ساريًا مع أي نجم من النجوم سواء محمد رمضان، أو أحمد زكي، أو عادل إمام، أو يونس شلبي؛ بل إن بعض النجوم يتعامل معك على أنه هو من يشغلك.
تركت السينما المصرية مع بداية موجة السينما الشبابية وبروز نجوم الكوميديا عام 1998، فما السبب؟
كنت على علاقة بالنجوم الجدد وقتها، وكان هناك مشروع لفيلم سينمائي يجمعني مع المخرج محمد النجار يحمل اسم (فرقة دندي) يقوم ببطولته محمد هنيدي وعلاء ولي الدين وأحمد آدم، بالإضافة إلى عبدالمنعم مدبولي وعادل أدهم ومصطفى قمر؛ وبسبب تقديمي موعد تصوير فيلم عصام الشماع، وهو رجل مهم جدًا على فيلم (فرقة دندي)، حدث خلاف بيني وبين المخرج محمد النجار الذي كان يتوقع أني سأصور فيلمه في الأول مما أوقف المشروع.
لماذا قررت الانسحاب ولم تستغل نجاحك ووجودك في مصر وتحاول الاستفادة من علاقاتك؟
وأنت داخل الصناعة يصبح هذا الأمر صعبًا، خاصة مع الاتهامات التي كانت تُلقى على الموزع الخارجي وتحميله مسؤولية كل شيء، لدرجة أنني دخلت في سجال على صفحات جريدة الشرق الأوسط مع المخرج رأفت الميهي، ولم يحسم ذلك الخلاف إلا بتدخل الأستاذ عبدالرحمن الراشد. إذًا محاولة إلقاء تهم السينما المصرية على الموزع الخارجي أكذوبة، فمن يروج لتلك المقولة يتهم كل 60 أو 70 فنيًا وتقنيًا وسينمائيًا مصريًا شاركوا في تصوير أي فيلم صغير؛ إنهم عملاء لإنسان أعطاهم أموالاً. هذا الأمر معيب ومهين في حق السينمائيين المصريين. أمَّا الموزع الخارج، فدفع أمواله للحصول على عمل فني. ومن جانبي حاولت الابتعاد عن هذا الأمر والعمل في المسار الخاص بي؛ لذلك قمت بتصوير أفلامي الصغيرة 16مم لتعرض بالفيديو فقط. وبالرغم من أنني قدمت 34 فيلمًا، هناك مجموعة من الأفلام موَّلتها ولم يدوَّن اسمي عليها كمنتج.
عملك كموزع لم يقتصر على الوجود داخل مصر فقط أيضًا؟
بالفعل بدأت الاحتكاك بالسينمائيين التوانسة والمغاربة مع بداية التسعينيات، فقد كانت لدي رغبة بالوجود وعرض أفلامي في مهرجان قرطاج السينمائي، خاصة أن لديَّ أعمالاً حققت عائدًا تجاريًا جيدَا مثل (الحب والرعب) لشريهان الذي استمر 30 أسبوعًا في سوريا، و(العقرب) مع شريهان أيضًا الذي حقق نجاحًا كبيرًا في مصر، بجانب فيلم (ديك البرابر) الذي استمر 25 أسبوعًا بدور العرض في مصر. وكذلك سافرت للمغرب أنا وشريهان لعرض وتسويق فيلم (الحب والرعب) في محاولة مني لإعادة الفيلم المصري للسوق المغربي، بعد أن تمكنت من عرض عدة أفلام في سوريا. علمًا أني كنت أيضًا عضوًا في لجنة صناعة السينما والتلفزيون السورية منذ تأسيسها في التسعينيات الميلادية، إضافة إلى كوني عضوًا في غرفة صناعة السينما المصرية منذ 1986. كما أن لي عدة محاولات لدعم أي تجمع سينمائي مثل مهرجان الإسكندرية الذي قمت بدعمه عدة سنوات بمبلغ مقطوع مقابل تصوير حفل ختام المهرجان على أشرطة الفيديو.
فترة عملك في تونس، كيف أثرت فيك وفي اختياراتك؟
أتاح لي احتكاكي بالسينمائيين التونسيين رؤية سينما مغايرة؛ لذا تغيَّر كثير من مفاهيمي وإدراكي السينمائي، وبدأت آخذ موقفًا من السينما التجارية، وتوجهت فكريًا وأكاديميًا لسينما المؤلف أو سينما الموجة الجديدة ومضامينها، وبدأت لدي رؤية أخرى للسينما مخالفة للسينما التجارية التي عملت بها، والتي كان يحددها النجم.
خلال وجودي في تونس عرفني المنتج سعد شنب بالأخ والأستاذ حسن دلدول الذي يعتبر أحد المنتجين المهمين في تونس، وبالمناسبة العزيز المرحوم المنتج المصري سعد شنب كان مختلفًا عن بقية المنتجين المصريين ومن أهم أفلامه: (المغتصبون)، (ضد الحكومة)، (عنتر شايل سيفه)، فقد كان – رحمه الله – يعمل بنفس إيقاع التونسيين، فتجده يحكي تفاصيل ديكوباج المشهد الذي سيصوره غدًا كأنه المخرج. أيضًا هناك أمر آخر أعطاني الكثير من الخبرات والمعارف السينمائية، فقد كان لنا اجتماع إسبوعي كل جمعة في فندق شيراتون القاهرة من العاشرة صباحًا حتى الثالثة ظهرً، يشارك في ذلك الاجتماع العديد من السينمائيين، منهم: إيهاب الليثي نائب رئيس غرفة صناعة السينما، وسعد شنب، وعبدالحي أديب، وجمال الليثي، ويوسف فرانسيس، وحسين الصباح، وممدوح الليثي، وابنه عمر الليثي المذيع حاليًا، والعديد من الأصدقاء الذين لا تحضرني أسماؤهم الآن.
هل كتب الفيلم بالفعل؟
في تونس وبعد تعرفي على حسن دلدول بدأنا نفكر لِمَ لا نقدم فيلمًا سينمائيًا سعوديًا، وأتذكر أنني أعلنت عن هذا الأمر في احتفال السفارة السعودية بمصر بيومنا الوطني مع الإعلامي طارق علام، عندما سألني: هل لديك أي مشروع سينمائي سعودي؟ وكانت حينها تراودني فكرة اصطدام الحداثة بمجتمع تقليدي، وكان تصورنا الأولي مع الأستاذ حسن أن أقوم بتمويل تكاليف الجزء الذي سيصور في السعودية، ويمول هو الجزء الذي قررنا أن يصور في تونس. ومن هنا بدأت ملامح الصدفة السابعة تتضح رويدًا رويدًا، ففي البداية عملت مع الفنان عبدالعزيز الحماد على عمل معالجة درامية لفكرتي الأساسية اصطدام الحداثة بمجتمع تقليدي، لكننا لم نوفق. ثم جئت من مصر ومعي الزملاء السيناريست كرم النجار والمخرج علاء محجوب وكان معنا الروائي إبراهيم الناصر، ولم نوفق أيضًا. ثم تلتها المحاولة الثالثة مع الأستاذ سعد الدوسري الذي اعتذر بعد عدة أيام، ثم حاولنا عمل ورشة عمل تكون مجموعة من عدة عناصر: المخرج والسيناريست برهان علوية – لبناني بلجيكي، والسيناريست محمد شرشر – مصري (كنت عملت معه فيلم رغبات)، وعبدالله السدحان وناصر القصبي. وبعد زيارة الجميع لأماكن التصوير المتوقعة كـ(أشيقر وشقراء وسدير والقصب)، سافرنا إلى الساحل الشمالي بمصر وقضينا حوالي أسبوعين حتى توصلنا لمعالجة درامية أولية، لكننا لم نوفق في كتابة سيناريو فيلم سينمائي. عندها وبعد كل تلك المصروفات قرر شريكي الأستاذ حسن دلدول إيقاف هذه المهازل، وطلب مني بالحرف أنه لا يزال يريد المضي قدمًا بالمشروع شرط أن أدرس البناء الدرامي وأكتب السيناريو بنفسي تحت إشراف الأستاذ محمود بن محمود – تونسي بلجيكي، الذي زار السعودية للاطلاع على أماكن التصوير المتوقعة والتعرف على البلد. بعدها سافرت للدراسة وكتابة السيناريو مع معلمي محمود بن محمود في بروكسل وقضيت 6 أشهر عام 1996، ثم ستة أشهر أخرى عام 1997. قضيت كل تلك المدة في أخذ دورات في البناء الدرامي (السيناريو) ولم أعد منها إلا ومعي سيناريو فيلم (سنين الرحمة) الذي فاز عام 1998 بجائزة الشمال لدعم أفلام الجنوب المقدمة من المركز السينمائي الفرنسي بالمسابقة المقامة على هامش مهرجان قرطاج، وترأست لجنة التحكيم السيدة آن دو فوشي رئيسة مهرجانات كان بالمركز السينمائي الفرنسي، والعضو العربي الوحيد بلجنة التحكيم المخرج التونسي الكبير نوري أبو زيد، وبقية الأعضاء الثلاثة الآخرين من هولندا وفرنسا والسينغال. وهكذا اكتملت وتحققت الصدفة السابعة.
أوقفت نشاطك الإنتاجي خلال تلك الفترة؟
تأتيني الأمور صدفة، لكني أعشقها وأتعلق بها، ولذلك أوقفت كل شيء وسافرت للدراسة وكتابة السيناريو كما أسلفت. فرغم الأضواء والمال أوقفت كل ذلك لعشقي للسينما كفن وفكر، فالمال بالنسبة لي أمام السينما لا يعني لي شيئًا، فعلى سبيل المثال أذكر أنني حققت أرباحًا في ثاني يوم حصولي على وكالة توزيع شركة صباح العالمية للفيديو في أول الثمانينيات الميلادية قاربت 80 ألف ريال أرباح يوم واحد، فالربح كان كبيرًا. لكن بنفس الوقت السينما استهوتني، وتوقفي عن الإنتاج ربما لكوني ملولاً لا أحب التكرار، وشعرت بأني أكرر نفسي في السينما المصرية.
قبل أن أنهي جواب هذا السؤال دعني أختم مسلسل الصدف، فالصدفة الثامنة كانت واضحة وحادة من جانب شريكي الأستاذ حسن دلدول. فحينما انتهيت من كتابة السيناريو صارحني أنه لا يريد الاستمرار بنفس المنوال الذي سرنا عليه في مشوار كتابة السيناريو، فتساءلت: ما العمل؟ فرد بكل حزم إن كان هذا المشروع سيكتب له النور، فلا حل إلا أن تعمل نفس ما عملته في دراستك للبناء الدرامي، أي أن تدرس الإخراج، ثم تعمل مساعد مخرج متمرن، وسأنتظر حتى نصور فيلمنا. حاولت التملص من الالتزام، لكنه أقنعني فتركت كل شيء وعدت لدراسة الإخراج دراسة حرة مدة 4 سنوات في لبنان، وخلال دراستي عملت مساعد مخرج متمرن مع المخرج محمود بن محمود في الفيلم التونسي الفرنسي البلجيكي السعودي (قوايل الرمان). وبالمناسبة في هذا الفيلم وكوني شاركت في إنتاجه بنسبة ضئيلة، إلا أن الفرصة كانت كبيرة بمشاركة الأخوين البلجيكيين دردان الحاصلين على السعفة الذهبية في مهرجان كان عدة مرات.
هل حاولت العمل بالتلفزيون؟
لم أحاول، عرض عليَّ بالفعل تجربة إخراج مسلسل تلفزيوني لكني لست من محبي معادلة الدراما التلفزيونية، فالفرق كبير بين السينما والدراما، فالسينما تعتمد على إضمار وحذف الأزمنة الضعيفة، بينما الدراما تسعى للمط والتطويل لأنها تبيع بالساعة.
الوصول للعالمية من خلال المواضيع المحلية
شهدت السينما في الخليج تجارب عدة سواء على صعيد المهرجانات بوجود مهرجان دبي وسينما الخليج، وحتى على مستوى الأفلام بوجود أفلام سعودية مهمة مثل (وجدة)، كيف ترى هذه التجارب وانعكاساتها على السينما السعودية؟
صحيح فيلم (وجدة) فيلم جيد، ولحقه فيلم (بركة يقابل بركة)، ثم فيلم (طريق الوادي)، وعدة أفلام لا تحضرني الآن أسماؤها. وبشكل عام إنتاج مثل هذه الأفلام سيجعلنا قادرين على الحضور وإثبات أنفسنا بين السينما في العالم. وكلي ثقة أن هؤلاء الشباب سيكون لديهم القدرة على الوصول بنا إلى مصاف دول العالم المتقدم سينمائيًا.
هل تعتقد أن صناعة السينما السعودية ستكون قادرة على الصمود إذا لم يستمر الدعم الحكومي؟
بمناسبة هذا السؤال، أناشد وأتمنى على وزيرنا الشاب سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، أن يسعى لرفع نسبة الـ25% المفروضة على قاعات السينما كي تنخفض قيمة التذكرة، وبالتالي يكثر رواد السينما وتزدهر. أمَّا بالنسبة للدعم الحكومي، فيفترض توقفه، إلا عن الأعمال الوطنية الملحمية، وقبل أن يغضب عليَّ كثير من السينمائيين السعوديين. الأفضل للدعم من وجهة نظري أن يخصص 3% أو 4% على كل تذكرة مشاهدة لأي فيلم سينمائي سعودي أو غير سعودي لصالح صندوق تخصصه الوزارة وتشرف عليه هيئة الأفلام، تكون مهمته دعم السينما السعودية من إيرادات دور العروض السينمائية بالمملكة دون تحميل لخزينة الدولة. عمومًا هذا الاقتراح معمول به في كثير من دول العالم، ولا أعتقد أنه مطلوب منا اخترع العجلة.
كيف ترى سعي المخرجين السعوديين للوصول للمهرجانات العالمية؟ وهل بات الانشغال بهذا الأمر يدفعهم لتقديم نوعيات محددة من الأعمال؟
طموح الوصول للمهرجانات العالمية شيء جميل ويفرح ويوفر دافعًا للمخرج ليكون أكثر اجتهادًا وإتقانًا لعمله. لكن هناك نقطة مهمة يجب الالتفات لها، وهي عدم استسهال سرقة أفلام الآخرين وإعادة تقديمها، فهذا الموضوع إن انطلى على الشعب لا يمكن قبوله من الآخر، إلا لو كان اقتباسًا صريحًا يشار إليه في تيترات الفيلم؛ لأني شاهدت بعض الأفلام السعودية المقتبسة اقتباسًا صريحًا.
هل ترفض تقديم الجوانب السلبية بالمجتمع؟
بالتأكيد لا، المشكلة لديّ عندما تقارن بلدي ببلد آخر، فإذا أتى فيلم يظهر بلدك كبلد للإرهاب والإجرام، فبالتأكيد أرفض. الأمر المهم هو أن ينتبه البعض أن العالمية لا تأتي من تقليد الغرب أو هوليوود، بل تأتي من عمق وقاع المحلية، وليس بسرقة أفلام الغير أو تقليدها أو نسخها كما شاهدت في بعضها.
كيف ترى الأفلام السعودية التي قدمت خلال الفترة الماضية، استقبلت دور العرض نحو 10 أفلام سعودية؟
الجمهور السعودي جمهور طيب وبسيط وشغوفـ هذا ما استخلصته من حضوري لبعض عروض أفلام سعودية بمهرجان البحر الأحمر لعامين متتاليين، وهذا الحماس وردود الفعل والتفاعل الجماهيري مهم، ويجب علينا استغلاله وألا نخسره؛ لأن كثرة التجارب غير الموفقة ستفقد الجمهور الثقة فيما يقدم، فالجمهور يذهب ليشاهدك مرة أو مرتين، لكن دعمه لك لن يستمر دون أن يكون هناك أعمال جيدة.. وهذا أمر يجب على الشباب، خاصة القادمين من اليوتيوب للسينما، التنبه له.
بمناسبة الحديث عن المهرجانات، هل تعتقد أن السعودية يمكن أن تقيم مهرجانات أخرى؟
بالتأكيد، الرياض مثلاً يمكن أن يقام فيها مهرجان سينمائي، فنحن في ذروة الانفتاح، ولدينا شباب متحمس وجيد وأتمنى أن يستمر هذا الحماس، والزمن كفيل بخلخلة نتاج هذا الحماس، وكلي ثقة أنه لن يبقى إلا الجيد الذي يستحق البقاء. الأجمل أن شبابنا بدؤوا خطواتهم الأولى من الداخل على عكس جيلي الذي بدأ من الخارج.
أي الأفلام السعودية التي شاهدتها بالسنوات الأخيرة تعجبك؟
أعجبت بفيلم (حد الطار)، وكذلك بفيلم المخرجة هيفاء المنصور (وجدة)، وشاهدت مؤخرًا (سطار)، و(الخلاط) الذي أعتبر مشكلتي الوحيدة معه أن شبكة نتفليكس فرضت علينا وضع 4 أفلام قصيرة لتصفهم بأنه فيلم طويل، أيضًا شاهدت (طريق الوادي) الذي أبهرني فيه نايف خلف بأدائه الرائع.
ماذا عن مشاريعك الجديدة؟
لديَّ مشروع فيلمين، الأول (عزوة) تم تقديمه لصندوق التنمية الثقافي وحصل كسيناريو على موافقة الهيئة، ومسؤولو الصندوق يثنون على المشروع، لكننا حتى الآن ننتظر المخصصات كما أبلغت. أمَّا المشروع الثاني، فهو فيلم (رطرط)، وهو حاليًا أمام إدارة مسابقة ضوء في هيئة الأفلام، ولم أتلقَ أي خبر حتى الآن عن النتيجة. وهناك مشروع جارٍ التفكير والعمل على إعداد المعالجة الدرامية له مع الأستاذ الروائي عبدالله التعزي لإحدى رواياته لتحويلها لفيلم سينمائي..