سوليوود «بيروت»
تذكرت بيروت المطربة وداد في ذكرى رحيلها العاشرة، التي حلّت في العشرين من الشهر الماضي. تقاطر محبوها وبعض من أبنائها وعائلاتهم إلى دار النمر لمشاهدة فيلم تسجيلي – تحريكي من اخراج شيرين أبو شقرا، حمل عنوان «لحظة أيها المجد»، وذلك كما ورد في القدس العربي.
سبقت الفيلم كلمات مسجلة لإبنتها ريما وإبنها عازف البيانو الكبير عبد الرحمن الباشا من باريس. تجلت ريما في وصف والدتها، المرأة صاحبة الذوق الرفيع والراقي في الموسيقى، وصاحبة النكتة الحاضرة والروح المرحة.
وذكرت كم كان ألم والدتها كبيرا، لأنها كانت تعيّر بأصلها اليهودي، وهي دفعت غالياً ثمن تخليها عن يهوديتها. فقد رحلت دون أن تعرف خبراً عن عائلتها. وذكرت في الوقت عينه تأييد والدتها للثورة الفلسطينية، التي كانت مظاهرها بادية في شوارع بيروت منذ أواخر الستينيات. وأنها كانت دائماً تردد نشيداً سجلته للثورة من كلمات سميح حمادة وكلمات نايف علي.
الفنان عبد الرحمن الباشا سجل كلمته مع مخرجة الفيلم في محطة قطار باريسية حيث كان في طريقه إلى بروكسل. تحدث بالفرنسية، كلمات وصفت صوت وداد وإحساسها من وجهة نظر أكاديمية. وجد في صوتها امكانات كبيرة من التعبير عن الحزن، الفرح والحنين.
وكرر ما كانت تعترف به وداد في حياتها، وهو الخطأ الكبير الذي ارتكبته بحق نفسها بعدم توقيع عقد مع محمد عبد الوهاب لإعادة تسجيل أغنياته. وقال باختصار «عبد الوهاب كان الساحة الأوسع لصوتها». عاد الباشا إلى موروثاته الجينية من والدته التي سمع غناءها وهو في أحشائها ليخلص للقول «من يعرف والدتي يسمع في عزفي وداد».
وكان للناقد الفني الياس سحاب رأي في وداد التي لم تصل في حياتها الفنية إلى المدى الذي يستحقه صوتها «قيمة صوتها وأدائها أعلى من الشهرة التي عرفتها». تحدث عن زيجاتها الثلاثة التي كان يفترض أن تفتح لها مزيداً من الآفاق في عالم الغناء. لكن العكس كان صحيح. زواجها الأول من عبقري القانون محمد عبدو صالح. ومن ثمّ من أمير الزجل اللبناني عبد الجليل وهبي، الذي عينه رياض الصلح رئيس وزراء لبنان بعد الإستقلال واحداً من اعضاء لجنة رباعية لتولي مهمة لبننة الأغنية. وزواجها الثالث كان من توفيق الباشا المؤلف الموسيقى وقائد الأوركسترا العظيم. وختم قائلاً بأن «المقام العربي ينطلق من حنجرة وداد كما النبع الصافي، ومن سوء حظها أنها رفضت عرض محمد عبد الوهاب».
«لحظة أيها المجد» فيلم اعتمد التمثيل، التسجيل، الأرشيف والتحريك. أغنيات وداد الجميلة تمثلت في الفيلم بمشاهد لطيف ومعبرة كمثل «في وردة بين الوردات». حضرت وداد بظرفها المعهود وغالباً في السرير تخبر بعضاً من حياتها للمخرجة شيرين أبو شقرا. تسمع اغنياتها وتقول لذاتها «الله يا عين». اعتمد الفيلم أجواء الخمسينيات في اللباس والمشاهد. وفي التحريك تُركت وداد تجوب شوارع بيروت شبه وحيدة تقود سيارة سبور فارهة حمراء اللون. تركيز على مشاهد من السينما المصرية في بدايات القرن الماضي، بأهداف فنية متعددة منها الإشارة إلى حلم وداد الذي تبدد.
كانت وداد مراهقة عندما رافقها والدها إلى الأستوديو السينمائي في القاهرة لإجراء بروفة. مع دخولهما وجد ممثل وممثلة في وضع قُبل حميمة. تقول وداد «شدني من شعري ورجعنا وأنا ما عملت شي. كان شعري يوما طويل».
تذكرت وداد زيجاتها والغيرة، واعترفت بأنها أحبت توفيق الباشا الذي رفض عرضاً من عاصي الرحباني بأن تغني وداد مع فيروز ما يحاكي حكاية مغنية من لبنان وأخرى من مصر هي وداد. لكن الباشا كان غيوراً. وخلُصت متوجهة للمخرجة «الغيرة يا شيرين»، لتضيف: «شو بيعملو الرجال غير الغيرة وصرف المصاري».
في مسار فني معبر ومحب لصوت وداد قدمت شيرين ابو شقرا فيلمها «لحظة أيها المجد». أضاءت على بعض من عصر النهضة الموسيقية في لبنان، والتي كانت وداد جزءاً منها.
وفي سيرة وداد أنها نشأت في القاهرة. والدها فرح العوّاد رئيس الفرقة الموسيقية لمنيرة المهدية.