عبدالله بن بخيت
كم عدد الممثلين السعوديين الذين لعبوا أدواراً خارج الكوميديا؟ كم عدد المسلسلات السعودية غير الكوميدية التي شاهدتها في حياتك؟ كم عدد المسلسلات السعودية التي تقوم على قصة متصلة وليس حلقات منفصلة؟ اذكر لنفسك ممثلاً سعودياً واحداً اشتهر بأدائه خارج الكوميديا؟
قارن بين نسبة المسلسلات الكوميدية المصرية إلى غير الكوميدية، (تذكر أن مصر مشهورة بالكوميديا)، قارن أيضاً بين عدد المسلسلات الكوميدية الأميركية وغير الكوميدية، هل شاهدت مسلسلاً تركياً كوميدياً؟ هل شاهدت مسلسلاً مصرياً أو أميركياً أو تركياً أو كورياً في حلقات منفصلة، كل حلقة لا صلة لها بالتي قبلها أو التي بعدها؟
بدأ التلفزيون السعودي بثه العام 1965 من القرن الميلادي الماضي. بمقارنة هذا التاريخ بدول أخرى سنعرف أن المملكة بدأت البث التلفزيوني مبكراً، زمن كاف لإنضاج أي تجربة.
عند مراجعة الأعمال السعودية التلفزيونية المبكرة جداً سنجد أن معظمها ارتكز على مجموعة من الاسكتشات الضاحكة، بداية طبيعية لأمة لا تملك تاريخاً وتجربة في الأعمال الدرامية (مسرح سينما).. إلخ، كان العيارون وخفيفو الدم فرصة للتلفزيون لتلبية احتياجاته من المواد المحلية، فأنتج هؤلاء أعمالاً هي اجتهادات مرتجلة دون مساندة من فريق، استمر هذا المفهوم حتى اليوم مع تطورات شكلية سببها أن الممثل السعودي أو العيّار بوصفه منتجاً للعمل وصاحب اليد الطولى فيه يفرض على المؤلف وعلى المخرج التكيف مع قدراته وبسبب ضخامة الميزانية المتاحة له صار ينتج ثلاثين اسكتشاً تحت اسم مسلسل.
أسباب كثيرة أدت إلى صقل البداية وعدم تجاوزها إلى أي درجة من النضج، من الأسباب الأساسية العلاقات وتبادل المصالح، من الصعب الولوج مع هذا الباب لما ينطوي عليه من اتهامات بعضها مع الأسف يصعب إثباته، السبب الثاني يعود إلى الظرف الاستثنائي الذي مرت به المملكة في السنوات الأربعين الماضية، حيث توقف إنتاج الفن وتمت محاصرة أهله في أضيق الغرف ولم يستثن العمل التلفزيوني بل إن العمل الدرامي التلفزيوني صار أكبر الضحايا بحكم طبيعته، الرواية أو القصيدة منتج فردي لكن إنتاج عمل تلفزيوني جاد مشروع جماعي ومؤسسي يحتاج إلى تضافر الأفراد مع القطاعين الخاص والعام في إطار استراتيجية التنمية في البلاد.
نشأ ظرف غريب جداً، تخصص الدولة ملايين الريالات لتشجيع الإنتاج التلفزيوني والراسم لخطط التنمية التعليمية يستثني أي تعليم أو تدريب يتصل بالفن، سمح بالابتعاث لدراسة كل شيء عدا دراسة السينما وفنون التلفزيون وأسقط من خططه فكرة تأسيس معاهد أو كليات لدراسة الدراما، فكانت النتيجة تعميق فن العيارة والاسكتشات.
المصدر: الرياض