سوليوود «خاص»
للسينما تأثير على الجمهور المُتلقي لا يُستهان به؛ ففي كثير من الأحيان يُمكن للأفلام أن تساهم في تشكيل الصورة النمطية للمهن وتعزِيز أو إلحاق الضرر بسمعتها. وظلمت بعض الأعمال السينمائيَّة، عددًا من المهن من خلال إظهار أصحابها دومًا ذا أخلاق وسلوكيات سيئة. بينما على الجانب الآخر، نجد الكثير من الأفلام تنصف مهنًا أخرى، وتُظهر من يعمل بها وكأنهم ملائكة على الأرض. نتناول في هذا التقرير، نظرة على بعض المهن التي ظلمتها السينما، ومهن أخرى انصفتها في أفلام عالمية شهيرة.
مهن ظلمتها السينما: المُحاماة، وعمال الصرافة، ورجال الشرطة
في كثير من الأفلام، يتم تصوير المحامين كشخصيات غير أخلاقية ومستعدة لفعل أي شيء للفوز بالقضايا، حتى لو كان ذلك يعني التلاعب بالحقيقة والانحياز للجانب السلبي. ويظهر الفيلم العالمي «A Few Good Men»، المحامين أشخاصًا يتلاعبون بالحقائق ويستخدمون تكتيكات غير أخلاقية لتحقيق أهدافهم. وعلى نفس النهج يأتي فيلم «The Devil’s Advocate»، الذي يقدم المحامين كشخصيات طماعة ومتآمرة.
وكان لأصحاب مهنة الصرافة نصيب أيضًا من تلك المهن المظلومة في السينما؛ إذ قدمت معظم الأفلام العالمية هذه المهنة بصورة سيئة، وظهر موظفو الصرافة في العديد من الأفلام على أنهم ماديون وأنانيون، يُبدون قلة اهتمام بالمصلحة العامة أو حاجات الفرد العادي. وكان أشهرها فيلم «Wall Street»، الصادر عام 1987، الذي بيَّن أن عالم الصرافة مليء بالجشع والفساد والأنانية. وكذلك فيلم «The Wolf of Wall Street»، من إنتاج عام 2013، وتناول قصة حياة «جوردن بيلفورت»، الذي استغل موقعه في مجال الصرافة للاحتيال والتلاعب بالأسهم والمال.
وبالرغم من أن الشرطة تمثل ركيزة أساسية للأمن والنظام، فإن بعض الأفلام تصور أصحاب هذه المهنة كشخصيات فاسدة وعنيفة، مما يضر بسمعتهم العامة، ويستغلون مناصبهم لتحقيق أهداف سيئة. وكان فيلم «Training Day»، خير مثال على ذلك، وهو من إنتاج 2001، وتدور أحداثه حول ضابط شرطة فاسد يستغل سلطته للتربح الشخصي والتلاعب بزملائه، وكذلك فيلم «Serpico»، الصادر عام 1973، ويروي قصة حياة ضابط شرطة نزيه يكافح للإبلاغ عن الفساد داخل قوات الشرطة، لكنه يواجه مقاومة شديدة من زملائه الضباط الفاسدين في المهنة.
مهن انصفتها السينما: علماء الفلك، والأطباء، وعملاء المخابرات
وتسيَّدَ علماء الفلك قائمة المهن التي مجدتهم السينما في معظم الأعمال، وبفضل الأفلام الخيالية والوثائقية، أصبح علماء الفلك محط إعجاب الجمهور؛ إذ يتم تصويرهم على أنهم مغامرون ومكتشفون يسعون لفهم الكون وأسراره. ويأتي فيلم «Interstellar»، الصادر عام 2014، خير دليل على ذلك، فهو يصور علماء الفلك وهم يكتشفون قدرات جديدة ويسعون لإنقاذ البشرية. وكذلك فيلم «Contact»، وهو من إنتاج عام 1997، ويروي قصة عالمة فلك تكتشف إشارة راديوية من حضارة بعيدة وتسعى لفهم رسالتها وأصلها لخدمة سكان الأرض.
وحظيت مهنة الأطباء بقدر عالٍ من الاهتمام في معظم الأفلام السينمائية؛ إذ يتم تمجيد دور الأطباء كأبطال يعملون بلا كلل لإنقاذ الأرواح والتصدي للأمراض المستعصية، حتى وإن جازف بعضهم بنفسه من أجل ذلك. ويبرز فيلم «Patch «Adams، الصادر عام1998، قصة طبيب حقيقي استخدم الفكاهة والإنسانية لمعالجة المرضى وتحسين حياتهم.
وبالرغم من أن الواقع قد يختلف كثيرًا عن تصوير السينما لعملاء المخابرات، فإن الجمهور يتأثر كثيرًا بالأفلام التي تصورهم على أنهم شخصيات ذكية وشجاعة تضحي من أجل الوطن والعدالة، مثل سلسلة أفلام «James Bond»، التي تصور العميل «007»، وهو يحارب الشر ويحمي المملكة المتحدة والعالم من المؤامرات الخطيرة، وفيلم «Mission: Impossible»، الصادر في عام 1996، ويتبع قصة عميل المخابرات «إيثان هانت»، وفريقه وهم يتنقلون في مهام مستحيلة لحماية الوطن من التهديدات الدولية.
وأخيرًا، يمكن القول إن تصوير السينما للمهن يؤثر بشكل كبير على انطباع الجمهور لها. لكن ينبغي أن نتذكر دائمًا أن الأفلام هي مجرد وسيلة ترفيهية ولا تعكس بالضرورة الواقع بشكل دقيق؛ لذا يجب التمييز بين الخيال والحقيقة وعدم الاعتماد على الأفلام وحدها لتكوين آرائنا حول المهن المختلفة.