سوليوود «متابعات»
تحتفي الأوساط الفنية في مصر بذكرى ميلاد الفنانة الراحلة شادية التسعين (9 فبراير – 28 نوفمبر)، عبر فعاليات عدة، من بينها إصدار كتاب جديد مصور عنها، بجانب إعادة عرض أغنياتها وأفلامها على القنوات المصرية، بالإضافة إلى احتفاء موقع البحث الشهير «غوغل» بذكرى ميلادها أمس الاثنين، وفقا لصحيفة الشرق الأوسط.
وأصدر «مركز الهلال للتراث الصحافي» في مؤسسة «دار الهلال» العريقة كتاباً يوثق رحلتها الفنية، تحت عنوان «شادية… سيرة أقوى من الزمان» جمع فيه بين ذكرى الميلاد والرحيل، كاشفاً جوانب مهمة من حياتها كتبتها بنفسها في خمسينات القرن الماضي، كما تضمن فصلاً كاملاً تحت عنوان «اكتشافات جديدة» يبرز صوراً نادرة عن رحلتها من البداية إلى النهاية، من بينها صور لوالديها وأفراد أسرتها، ولقطات من أفلامها، وأخرى جمعتها مع نجوم عصرها الذهبي.إعلان
توثيق أعمالها
توثيق أفلام شادية وأغنياتها التي تغنت بها في أفلامها وحفلاتها لم يكن أمراً سهلاً، حسب الناقد أشرف غريب، مدير مركز دار الهلال للتراث، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، «رجعنا لكافة قوائم الأفلام المصرية وشاراتها والكتيبات التي كانت تصدر مع الأفلام للتأكد من كافة المعلومات المتعلقة بها».
وعن الصور النادرة التي ضمها الكتاب، يقول غريب: «جزء كبير منها من أرشيفي الخاص، كما عرضنا مجموعة أخرى نادرة من أرشيف دار الهلال، لنصدرها في الكتاب الصحافي الذي يجمع بين الكتاب والمجلة، فيتيح لنا عرض الصور بقطع كبير»، ويشير غريب إلى أن «الطباعة كان لها دور مهم في ظهور الكتاب بمستوى لائق، فلولا جودة الطباعة لضاع هذا الجهد الذي تحمس له المهندس أحمد عمر، رئيس مجلس الإدارة»، ويشير غريب إلى أن «شادية هي الوحيدة من بين نجوم الفن التي ارتبط اسمها بمصر فكانت هي (صوت مصر)، وهذا اللقب لم تمنحه لنفسها، بل منحه لها الجمهور، ولم يأت ذلك من فراغ، بل لارتباطها الوثيق جداً بالوطن، فلا توجد مناسبة قومية إلا وشاركت بها، بل إن أغنيتها (يا حبيبتي يا مصر) صارت في مكانة النشيد الوطني»، على حد تعبيره.
بدايات
ولدت فاطمة أحمد كمال شاكر، الشهيرة بشادية في حي عابدين بالقاهرة، لأب يعمل مهندساً للري؛ واكتشفت موهبتها من خلال الحفلات المدرسية، ووفق ما ذكره الكتاب على لسان الفنانة المصرية: «في إحدى جلسات الأسرة كان حاضراً المطرب التركي منير نور الدين، صديق العائلة، فقالت له شقيقتي عفاف إنني أجيد الغناء، فطلب مني الغناء، ودهش أبي حين علم بذلك فقال (طيب غني يا فاطمة)، وبمجرد أن انتهيت فوجئت بالأستاذ منير يصفق لي ويقول لأبي إن صوتي عذب لا ينقصه إلا صقل الموهبة، وأقنع أبي بأن يتيح لي فرصة دراسة الموسيقى، وهكذا بدأت أتلقى أصول الموسيقى، وقمت بالغناء على طريقة الدوبلاج في فيلم (المتشردة) للمخرج محمد عبد الجواد، لكن فيلمي الأول (العقل في إجازة) جاء من خلال المنتج والمخرج حلمي رفلة وبطولة الفنان محمد فوزي، وكان هذا الفيلم فاتحة المستقبل ورحت أمثل فيلماً بعد الآخر».
ثنائي ناجح
وشهدت فترة الخمسينات ميلاد أنجح ثنائي سينمائي جمع شادية مع الفنان كمال الشناوي، حين قدما معاً 25 فيلماً مما يعد رقماً قياسياً بين كل الثنائيات التي عرفتها شاشة السينما المصرية، ومن أفلامهما: «حمامة السلام»، و«وداع في الفجر»، و«قلوب العذارى»، و«المرأة المجهولة»، و«اللص والكلاب»، و«الهارب» الذي كان آخر فيلم جمعهما، كما شكلت دويتو آخر مع الفنان صلاح ذو الفقار خلال فترة زواجهما، الذي جاء بعد زيجتين… الأولى من الفنان عماد حمدي، والثانية من المهندس عزيز فتحي، ولم تنجب أولاداً من زيجاتها الثلاث.
وأثبتت شادية موهبتها كممثلة بتلك النقلات الكبيرة التي قامت بها عبر أفلامها، فمع نهاية الخمسينات قامت بنقلة مختلفة في نوعية أدوارها التي بدأت بفيلم «المرأة المجهولة» عام 1959، ثم «اللص والكلاب»، و«الطريق» وغيرها، وتنازلت فيها طواعية عن الغناء لتثبت موهبتها كممثلة، ثم قدمت الكوميديا في الستينات على غرار فيلمي: «مراتي مدير عام»، و«عفريت مراتي»، وبلغ رصيدها السينمائي 117 فيلماً قدمتها على مدى 37 سنة، وكان آخر أفلامها «لا تسألني من أنا» للمخرج أشرف فهمي 1984.
المطربة
ويعرض الكتاب توثيقاً لأغنيات شادية، سواء التي قدمتها سينمائياً، أو في الحفلات، وكان للسينما فضل ظهور صوتها عبر ميكرفون الإذاعة، ويذكر د. نبيل حنفي محمود، في دراسة بالكتاب تحت عنوان «شادية المطربة ابنة شريط السينما» أن أول أغنية انطلق فيها صوت شادية أمام الميكرفون هي «يا صباح الخير» و«يا اللي وهبتك حياتي» مع محمد فوزي وغنتهما ضمن أحداث أول أفلامها «العقل في إجازة»، وقدمت شادية أغنيات لكبار المؤلفين والملحنين وبرعت في أداء كافة أشكال الغناء ومنها العاطفي والوطني والديني، وكان حفل «الليلة المحمدية» الذي غنت فيها أغنيتها الشهيرة «خد بإيدي» هو آخر ظهور لها، وقد كانت هي الوحيدة بين الفنانات المعتزلات التي لم تحرم الفن، أو تتبرأ من تاريخها الطويل، بل صرحت به للمقربين منها بأن الله هيأ لها طريقاً آخر، ولم تتوقف عن عمل الخير ومساعدة المحتاجين، وعمل مشروعات إنسانية كثيرة لم يعلن عنها.
مسرحية واحدة تكفي
قدمت شادية مسرحية واحدة خلال مسيرتها الفنية الطويلة هي «ريا وسكينة» أمام سهير البابلي وعبد المنعم مدبولي وأحمد بدير، إخراج حسين كمال الذي شجعها والمنتج سمير خفاجي على خوض التجربة المسرحية، وحققت نجاحاً كبيراً، لتقرر مع انتهاء عرض المسرحية إسدال الستار على حياتها الفنية، وبقيت بعيداً عن الأضواء.
ثلاثة أعمال مجهولة
يكشف الكتاب عن ثلاثة أعمال ظلت مجهولة لشادية، وهي أغنية «بسبوسة» من ألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب التي كانت ستقدمها في فيلم «زقاق المدق» 1963 من إخراج حسن الإمام، واستبعدت من الفيلم بعد تسجيلها، مما أغضب عبد الوهاب، ولم يفرج عنها سوى بعد 17 عاماً لتقدمها شادية في فيلم «وادي الذكريات»، وكذلك أغنية «الفوازير» التي قدمتها لإذاعة «صوت العرب» ضمن حلقات كانت تذاع خلال شهر رمضان وتوقف إذاعتها، وفيلم «رغبات ممنوعة» الذي صورته نهاية السبعينات من إخراج أشرف فهمي، واعترضت عليه الرقابة، وطالبت بحذف مشاهد عديدة منه.