إبراهيم العريس
إيمكس في السعودية: صالات عملاقة وعولمة للسينما المحلية
لا يمضي يوم في مهرجان كان إلا وتتصدر أخبار السينما السعودية الصفحات الأولى في مطبوعات المهرجان التي تتساءل يومياً عما إذا كانت السعودية في طريقها إلى أن تحلّ بديلة عن معظم البلدان العربية في الصناعة السينمائية، وصولاً إلى إقامة المهرجانات التي تلهث متعبة أو تتوقف عملياً في غيرها من البلدان… الخليجية على الأقل. وآخر الأخبار السعودية في هذا المجال هي تلك التي تتحدث عن إعفاءات ضريبية تعطى لأية أفلام أجنبية تُصوّر في هذا البلد، وتشمل تخفيضات على الضرائب التي تُدفع مقابل استخدام كل فنان أو تقني سعودي في واحد من تلك الأفلام.
ومن ناحية ثانية أعلنت شركة إيمكس الكندية المتخصصة في الشاشات العملاقة والدائرية أنها قد عقدت اتفاقات مع الهيئة العامة للثقافة السعودية تتعلق بتوزيع الشركة العالمية لأية أفلام سعودية تصوّر بتلك المقاسات العملاقة، و «ذلك بهدف مساعدة المبدعين والشركات السعوديين على توزيع أفلامهم المتوافقة مع تلك المعايير في العالم الخارجي وإيصالها خاصة إلى الأسواق غير العربية» ومن ناحية ثانية أعلنت مجموعة إيمكس أنها في طريقها لإنشاء ما بين عشرين وثلاثين صالة من هذا النوع في مناطق عدة من السعودية.
العراق والهند والبرازيل والسنغال في تكريم قرطاجيّ
في مؤتمر صحافي عقده المنتج التونسي نجيب عيّاد، المدير العام لمهرجان قرطاج السينمائي الدولي، في الجناح التونسي بالقرية العالمية في «كان»، أعلن أن الدورة المقبلة وهي التاسعة والعشرون وستعقد بين الثالث والعاشر من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل بدأت باختيار ما ستعرضه في المسابقة الرسمية وغيرها من التظاهرات الجانبية. وأكد عيّاد أنه تم اختيار 12 فيلماً روائياً طويلاً من البلدان العربية والأفريقية للتباري على جوائز المسابقة الرسمية إضافة إلى 12 فيلماً قصيراً ومتوسط الطول لمسابقة السينما القصيرة. وذلك إضافة إلى عروض تظاهرات مثل «سينما العالم» وتظاهرة «قرطاج في السجون». وإلى هذا هناك تظاهرة «وعود قرطاجية» و «نظرات على السينما التونسية».
أما من ناحية البلدان التي ستستضاف للتعريف بسينماها، فستكون هذه المرة أربعة: العراق والهند والبرازيل والسنغال… ومن يعرف سينما بعض هذه البلدان، لا سيما منها السينما البرازيلية والهندية يمكنه أن يتصور منذ الآن الغنى السينمائي الذي لا شك ستحمله هذه التظاهرة في إضافة خلاقة إلى مهرجان كان جلّ اهتمامه في سنواته السابقة منصباً على السينمات العربية والأفريقية.
10 سنين على رحيل شاهين: معرض ومصير ونسخ مرممة
حتى الطقس البارد لم يمنع الهواة الذين أحبوا أن يتذكروا يوسف شاهين وسعفة خمسينية «كان» الذهبية التي فاز بها في دورة العام 1997 للمهرجان عن مجمل أعماله، وذلك لمناسبة مرور عشر سنوات على رحيل المخرج الكبير، لم يمنعهم من التجمع قبل أيام على الشاطئ الرملي «الكانيّ» كي يستعيدوا في الهواء الطلق ذكريات فيلمه الكبير «المصير» الذي عرض في نسخة مرممة. وللمناسبة أُعلن في «كان» أن معرضاً كبيراً سوف يقام بدءاً من أواسط تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل وحتى الثامن والعشرين من تموز (يوليو) في غاليري مانحي متاحف السينما في باريس، تعرض خلاله أوراق ومخطوطات ومشاهد وجملة من وثائق أخرى تتناول مصادر إلهام صاحب «الأرض» و «العصفور» والالتزامات التي قطعها في حياته، إضافة إلى علاقاته بالثقافة والسينما الفرنسيتين. وذلك إلى جانب العديد من الملابس التي استخدمت في بعض أفلامه ورسوم متنوعة وملصقات وصور والعديد من المخطوطات المتعلقة بمشاريع لم تنجز. وإضافة إلى هذا، أعلن عن الانتهاء من ترميم أفلام شاهينية باتت متوافرة للبيع لأفلام كبيرة له مثل «المصير» و«وداعا بونابرت» و«الإسكندرية/ نيويورك» و«سكوت حنصوّر»…
معهد العالم العربي يستعيد مهرجانه: جوائز وتكريمات وترحيب بالسعودية
في مؤتمر صحافي عقد على هامش الدورة الحالية لمهرجان كان، أعلن معهد العالم العربي الواقع على الضفة اليسرى لنهر السين في باريس، عن عودته إلى إحياء ذلك المهرجان السينمائي الذي كان حقق في الماضي حضوراً كبيراً للسينمات العربية في العاصمة الفرنسية قبل أن يتوقف طوال أكثر من عشر سنوات «لأسباب مالية». وأعلن أن الصيغة الجديدة للمهرجان الذي سيبدأ فعاليات دورته «الأولى» بعد أيام قليلة، ستكون برئاسة الممثلة الفلسطينية المقيمة في فرنسا هيام عباس، ويعرض خلالها نحو سبعين فيلماً تتراوح بين الجديد والأقل جدة على أن يتبارى ثلاثة عشر من بينها للفوز بجوائز الدورة. ومن بين هذه الأفلام المتبارية «تقرير عن سارة وسالم» لمؤيد عليان و «صوفيا» المعروض في «نظرة ما» الكانيّة لمريم بن مبارك، و «قماشي المفضل» للسورية غايا جيجي، المعروض بدوره في «نظرة ما». أما لجنة التحكيم فتتألف من السينمائي المغربي فوزي بنسعيدي والممثلة السعودية فاطمة البناوي والمنتج المصري، الرئيس الجديد لمهرجان القاهرة، محمد حفظي. ونذكر للمناسبة أن الدورة الجديدة لمهرجان معهد العالم العربي سوف تكرم السينمائيين العربيين الراحلين في العام الفائت، اللبناني جان شمعون والجزائري محمود الزموري بعرض فيلم لكل واحد منهما. كما سيكون هناك تكريم ترحيبي بدخول المملكة العربية السعودية معترك السينما.
استعادة «فهرنهايت 451» في نسخة أميركية… بعد تروفو المقارنة الغائبة
يمكن لمحبي سينما الفرنسي الكبير الراحل فرانسوا تروفو أن يطمئنوا بخاصة بعد أن وضعوا أيديهم على قلوبهم طوال الأيام المنقضية من هذه الدورة لمهرجان «كان» خوفاً على سمعة فيلمه الكبير «فهرنهايت 451» (1966). ونعرف أن سبب القلق كان يتعلق بالاقتباس الجديد لنفس رواية الأميركي راي برادبري على يد الأميركي من أصل إيراني رامين بحراني الذي عاد بعد تروفو بأكثر من خمسين عاماً ليحقق فيلماً جديداً له عن ذلك العمل الخيالي العلمي الذي يغوص في السياسة غوصاً عميقاً. أما الداعي إلى الطمأنينة فليس كون الاقتباس الجديد أقل قوة من القديم على رغم تطور التقنيات واستخدام بحراني ممثلين أقل أسطورية من أوسكار وارنر وجولي كريستي اللذين أبدعا في نسخة تروفو. بل لكون العمل الجديد قد أتى تلفزيونياً خالصاً حيث أن المخرج قد حرص على جعل لغته مناسبة للشاشات الصغيرة بالنظر إلى أن الفيلم لن يُعرض مبدئياً في الصالات بل في البيوت إذ توزعه شركة أتش بي أو بدءاً من يوم التاسع عشر من أيار (مايو) الجاري. مهما يكن، ربما تكون هذه النسخة الجديدة من العمل الذي يتحدث عن مجتمع مستقبلي دكتاتوري يحظر على المواطنين قراءة الكتب واقتناءها، ما يجبرهم على حفظ نصوصها عن ظهر قلب قبل العثور عليها وإحراقها من قبل إطفائيّ السلطات، حافزاً للعودة إلى مبدَع تروفو الذي يبقى فريداً في فيلموغرافيته وربما في السينما الفرنسية ككل.
سينمائيون معاصرون «يؤفلمون» أسلافهم الكبار
من أورسون ويلز إلى جين فوندا، ومن أليس غي/ بلاشيه – إحدى رائدات السينما العالمية المنسيات- إلى إنغمار برغمان، كان لافتاً عدد الأفلام الوثائقية التي خصصها مبدعون سينمائيون معاصرون للحديث عن أسلافهم، غير أن اللافت كان حصة برغمان السويدي الكبير الراحل قبل أكثر من عشر سنوات إذ أتت مزدوجة وذلك عبر فيلمين كبيرين أولهما حققته السويدية جين ماغنوسون بعنوان «عام في حياة برغمان» والفيلم، على رغم عنوانه الحصري والمتعلق بفيلم «الختم السابع» أتى ليتناول عدة أعوام من حياة المخرج المبدع (1957-1963) هي تلك التي أطلقته عالمياً وكانت الأكثف في حياته إبداعاً سينمائيّاً ومسرحياً وكتابةً ومن الناحية العاطفية كذلك. أما الفيلم الثاني عن المبدع نفسه فأتى من إخراج الألمانية مرغريتا فون تروتا بعنوان «بحثاً عن إنغمار برغمان» وفيه حاولت رفيقة فولكر شلوندورف السابقة، أن تكثف في أكثر قليلاً من ساعة ونصف الساعة نظرتها إلى الإرث السينمائي الكبير الذي تركه صاحب «بيضة الثعبان» و«همس وصراخ» و«الفريز البري»، وذلك لمناسبة مرور مئة عام على ولادته (1918).