سوليوود (وكالات)
هل النجاح هو في تحقيق الشهرة؟ أم الوصول إلى الأهداف؟ فالنجاح يختلف مفهومه من شخص لآخر، وتتعدّد أشكاله، إنّما الكنز الحقيقي الذي استطاعت الممثلة السعودية عهد كامل تحقيقه، هو عمق تجربتها الإنسانية.
وبنجاحها وعملها إلى جانب نجوم الغرب من الصف الأول، كسب العالم العربي، فنانة موهوبة، وحظي بتجربة إنسانية مميّزة تكشفها لنا عهد التي تعتبر أول فنانة سعودية تلعب بطولة في مسلسل أجنبي يعرض على شبكة Netflix من خلال هذا اللقاء الذي تتحدّث خلاله عن وصولها إلى العالمية وأمور أخرى:.
قبل أن تحين هذه الفرصة الذهبية، كان على عهد أن تسير في طريق حلمها، الذي بدأ منذ ولادتها في مدينة جدة، وبعد حصولها على شهادة الثانوية العامة عام 1998، سافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية وحصلت على بكالوريوس في تصميم الرسوم المتحركة من جامعة «بارسونز»، كما حصلت على دبلوم الإخراج من «أكاديمية نيويورك للفيلم». وكان أول عمل سينمائي لها هو فيلم «القندرجي» الذي قامت بإخراجه وتمثيل دور البطولة به أمام الممثل عمرو واكد، تتابعت الأفلام التي قامت بالتمثيل بها، أبرزها كان دور «حصة» في فيلم «وجدة»، «حرمة» و«من الألف إلى الباء» إلى جانب العديد من الأدوار التي جسدت فيها الأدوار المركبة.
حصلت على عدة جوائز عن أدوارها من مهرجانات السينما الدولية، من مهرجان بيروت السينمائي الدولي، مهرجان دبي السينمائي، ومهرجان الدوحة السينمائي، كما ترشح فيلمها «حرمة» لجائزة أحسن فيلم قصير بمهرجان «برلين السينمائي الدولي»، والتي قامت بإخراجه إلى جانب التمثيل به.
واستمرت مسيرتها الفنية و كان آخر أعمالها دور فاطمة عاصف في مسلسل Collateral.
هل من الممكن أن تعرّفينا على شخصية فاطمة عاصف التي تؤدّين دورها في مسلسل Collateral الذي يعرض على شبكة Netflix؟
فاطمة عاصف هي شخصية عربية تضطرّها الظروف أن تصبح لاجئة، وتدور الأحداث بحيث تبرز شخصيتها القوية الرافضة للاستسلام لكونها ضحيّة، فهي تناضل طيلة الأحداث لإثبات حقها ووجودها.
وقد أحببت تقديم هذا النموذج القوي المحب للحياة من خلال الدراما الأجنبية، فعلى عكس الصورة النمطية في الغرب عن المرأة العربية بأنها كائن ضعيف، يأتي نموذج فاطمة عاصف؛ ليقدّم المرأة العربية كنموذج قوي وواعٍ، قامت بالدفاع عمّا تؤمن به.
كيف قمت بالتحضير لشخصية فاطمة والتعايش مع تفاصيلها الإنسانية؟
أحرص دائماً على العمل على الجانب الإنساني للشخصيات التي أؤدّيها، فقد كان شغفي هو التعرّف على دوافع الشخصية، ما الذي يمنحها القوة؟ ما الذي يحرّكها؟ ومن خلال هذه الأسئلة أبدأ في بناء الشخصية، ثم أقوم بالبحث عن العوامل الإنسانية المشتركة بيني كشخص وبين الشخصية التي أجسّدها.
بالطبع قمت بالكثير من القراءات والبحث عن اللاجئين، إنما لم أكن أريد أن أحصر الشخصية في خانة الضحيّة.
ما أكثر جانب مشترك وجدتِهِ بينك كشخص وبين شخصية فاطمة عاصف؟
الدفاع عمّا أؤمن به وحب الاستمرار في الحياة.
كيف تمّ ترشيحك لهذا المسلسل Collateral وهو إنتاج مشترك بين Netflix وBBC؟
ذهبت إلى تجارب الأداء عن دور أصغر من دور فاطمة، ثم تلقّيت اتصالاً بعد أسبوع، ليقولوا لي إنّه تمّ ترشيحي لدور أكبر وهو دور فاطمة. فسعدت بذلك، وبسرعة كان هناك تناغم بيني وبين القائمين على العمل.
فريق عمل Collateral هم من نجوم الصف الأول من حيث السيناريو، الإخراج والتمثيل، كيف تقيّمين العمل معهم؟
العمل معهم كان عظيماً، فالعمل مع عناصر بهذا الكمّ من المهنية الاحترافية؛ حيث كل فرد من الفريق يقوم بتقديم أفضل ما لديه، كان حافزاً قوياً لأن أقدّم أفضل ما عندي، فهذه فرصة كبيرة بالنسبة لي، حيث إنني اعتدت على أن أقود المشاريع الفنية. بينما في Collateral كان هناك مساحة لأن أطوّر من أدواتي كممثلة وصانعة سينما من خلال تواجدي وتمثيلي مع هذا الفريق المميّز والاحترافية التي يعمل بها.
نعود إلى مشوارك الفني؛ حيث تحرصين على تقديم أدوار تمسّ المرأة العربية وقضاياها المختلفة، كيف وجدت تفاعل الجمهور الغربي مع هذه النماذج؟
عندما أقدّم شخصية، فأنا أنظر لها كامرأة بغضّ النظر عن كونها عربية أو لا، فكل نساء العالم يتشاركن الكثير من الأمور الإنسانية المشتركة، كعدم وصول صوتهن، كحقوق أكثر نرغب فيها، كوني عربية، فالإضافة هنا تأتي من خلال إيصالي لصوت المرأة العربية للهموم المشتركة بينها وبين بقيّة نساء العالم، وكأنني أفتح نافذة للتواصل، فالتجارب الإنسانية المتبادلة هي أكثر ما يؤثّر في الجمهور، وأنا حريصة على أن أقدّم شخصية من خلال المشاعر الصادقة المشتركة والتي يستطيع كل العالم أن يتفاعل معها ويتأثّر بها.
المشاركة الإنسانية بشكل وجداني هي ما تجعل السينما أقوى نافذة للتواصل بين الشعوب المختلفة، وهو ما يجعل الفن الوسيلة الأكثر تأثيراً؛ لأنه يمسّ الإنسان بغض النظر عن هويته سواء كانت عربية أو غربية.
سعيدة لحصولي على هذه الفرصة
الكثير من الأفلام في الغرب صوّرت صعوبة الدخول في مجال السينما والحصول على فرصة للممثلين العرب، فكيف استطعت الحصول على فرصة للتمثيل؟
نعم، إلى جانب صناعتي للأفلام، استمرّت محاولاتي لمدّة 14 عاماً وأنا سعيدة لحصولي على هذه الفرصة مؤخراً. فالدخول في المجال الفني والحصول على فرصة مناسبة ليس أمراً سهلاً على الإطلاق، وقد تكون تجارب الأداء قاسية على البعض؛ إذ يجب على من يرغب في التمثيل أن يكون صامداً قوياً أمام الكثير من الرفض الذي قد يواجهه خلال تجارب الأداء. فالممثلون يتقاضون أجوراً عالية؛ لأن هؤلاء هم من استطاعوا الصمود أمام كمّ كبير من المنافسة وواجهوا الكثير من التحدّيات؛ حتى استطاعوا إثبات موهبتهم. أنا سعيدة؛ لأن حصولي على هذه الفرصة استغرق 14 عاماً؛ ولأن ذلك أتى داعماً لمسيرتي الفنية وإخلاصي تجاه ما أحب.
نعم، التعرّض للرفض، والسعي للحصول على فرصة من خلال تجارب الأداء يتطلّب الكثير من القوة واحتمالات الرفض كبيرة، إنّما إذا كنت محباً للفن، وتريد أن تثبت موهبتك، فليس أمامك إلا خوض التجربة والاستمرار بها.
هل كونك مخرجة ومنتجة جعل فرصك أفضل من خلال تعامل المخرجين معك؛ كونك تقدّمين نفسك كصانعة أفلام وليس كممثلة فقط؟
لا ليس لهذا علاقة.. كوني مخرجة أعطاني مزيداً من الخبرة على المستوى الشخصي وليس في التعامل مع الآخرين.
تجربتي مع عمرو واكد
كيف تقيّمين أول فيلم لك «القندرجي» الآن؟
كانت تجربة جميلة، ظروف صناعة العمل كانت أقرب إلى الأعجوبة، فقد وفِّقت كثيراً من حيث ظروف تمويل العمل الأول لي، التأليف والإخراج.. أنا سعيدة بهذه التجربة، وممتنة لجميع الفريق الذي عمل معي.
كيف استطعت إقناع عمرو واكد حينها بالقيام بالبطولة أمامك؟
تحدّثت إليه عبر الهاتف، وعرضت عليه الفكرة، فطلب قراءة السيناريو، وقال لي:» إذا تلقّيت مني رداً في اليوم التالي، فهذا يعني موافقتي، إما إذا لم أتصل فهذا يعني أنني رافض للفكرة». وبالفعل اتصل بي بعد قراءة السيناريو.
كونها التجربة الأولى لك، كيف استطعت حينها أن توازني بين الإخراج والتمثيل؟
للحقيقة لم يكن لي وقت للتفكير، فكل وقتي كان منصباً على التجهيز الكامل للعمل كمخرجة، فالإخراج يتطلّب الكثير من التحضير وهذا ما اجتهدت فيه؛ حتى أستطيع التمثيل بالشكل الذي يرضيني كممثلة ومخرجة، بالطبع وجود ممثل متمكّن كعمرو واكد كان له انعكاس إيجابي على الأداء أيضاً.
دوري في فيلم «وجدة»
ذكرت في أحد اللقاءات لدى حديثك عن دورك في فيلم «وجدة» أن لعب الأدوار الشريرة أكثر متعة وإثارة. لماذا؟
ليس هناك شر مطلق في الأشخاص، فلا أحد شرير لمجرّد الشر، فالمتعة هنا في إيجاد الدوافع والأسباب التي تؤدّي إلى بلورة هذه الشخصية، وبالتالي تقديمها بصورة صادقة وإنسانية، ففي شخصية حصة التي أدّيتها في فيلم «وجدة»، التي تظهر كشريرة كان يجب عليّ أن أرجع إلى الأسباب والظروف التي خلقت منها هذه الشخصية، وخلال رحلة البحث تظهر لنا الجوانب الإنسانية التي تجعلنا نتفهّم الآخر، ونكون أكثر تعاطفاً معه.
ومن ناحية أخرى ليس هناك بشرٌ خال من الشر أيضاً، ومن خلال لعب هذه الأدوار تكتشف أن نفسك مليئة بمشاعر عديدة قد تبدو متناقضة، أو غير مرغوب فيها، لكن التمثيل يساعدنا على التعامل مع مشاعرنا المختلفة، وبالتالي تصبح تجربتنا الإنسانية أعمق وأصدق من خلال التسامح مع النفس ومع الآخرين.
تقومين بممارسة اليوغا والتأمل بشكل منتظم، ما تأثيرها على حياتك المهنية والشخصية؟
اليوغا والتأمل غيّرا حياتي للأفضل، فقد ساعداني على بناء نفسي من خلال تعزيز روح التعاطف مع نفسي ومع الآخرين.
بالنسبة لي حياتي شهدت الكثير من التقلّبات، فقد توفّي والداي عندما كنت في فترة المراهقة، وقد ساعدني التأمل واليوغا كثيراً في بناء أرضية للاستقرار الوجداني والنفسي الذي كنت أبحث عنه، وجعلني أرى الصورة بشكل أوضح، فاستطعت تجاوز الكثير من الأحداث التي تعرّضت لها، والمشاعر العالقة التي كانت تعيقني كشخص وكفنانة.
استطعت من خلال ممارستي المنتظمة أن أصل لقناعة أنني تعرّضت لكثير من الأمور واللحظات الصعبة في وقت مبكر من حياتي؛ حتى تكتمل تجربتي وتتبلور رؤيتي للحياة من حيث التقبّل والتصالح مع النفس ومع الحياة، التمثيل أيضاً نوع من العلاج. فأنا الآن ممتنة لمجريات حياتي.
ما أكثر دور أدّيتِهِ لا يزال يعيش معك وتأثّرتِ به؟
دوري في فيلم «حرمة» حيث كان جانب الشخصية المتمرّد هو أكثر ما شدّني لها، لا يزال هذا الجانب منها يعيش معي.
السينما السعودية مازالت في مرحلة التجارب
كيف ترين مستقبل السينما والفن بشكل عام في السعودية بعد التغييرات التي تدعم وتشجع الفن السعودي مؤخراً؟
من الصعب الحكم الآن، فمازلنا في بداية التجربة، ولا يزال الوقت مبكراً للحكم ما إذا كان الفيلم السعودي سيجذب جمهوراً كافياً بكميّة كفيلة أن تقيّم صناعة، الأمر لا يقتصر على عرض في مهرجانات، بل بجمهور يجتذبه الفيلم.
أنا متفائلة من هذا الجانب، إنما يجب أن تأخذ الأمور وقتها، ويعتمد نجاح الفيلم أيضاً على قصته والكوادر الفنية التي به، وليس على هويته، الموضوع ليس أن الفيلم سعودي، بل أن الأفلام التي ستصنع بغض النظر عن جنسيتها، هي أفلام جيدة. فالدعم المتاح يفتح الباب للفنانين السعوديين، ولكن لن ينجح الفيلم إلا إن كان جيداً. يجب أن نعي أيضاً أن السينما السعودية مازالت في مرحلة التجارب، وهذه المرحلة مهمة؛ لأننا يجب أن نخوضها؛ كي ننضج ونكتسب الخبرة.
ماهي الأفلام العربية التي شاركت بها؟
«وجدة»، «زنزانة»، «من الألف إلى الباء» مع الممثل السعودي فهد البتيري، بالإضافة إلى «القندرجي» و«حرمة».
لماذا لم تتّجهي إلى العالم العربي كمصر أو بيروت للتمثيل، وفضّلت الاتجاه للسينما العالمية؟
لم أجد نفسي في السينما العربية ونوعية الأعمال التي تنتج في الوقت الراهن، كان لديّ حلم يتعدّى حدود المنطقة العربية. ثم إن بدايتي كانت من نيويورك وأحببت الاستمرار.
يوسف طوقان خطيبي وحب حياتي
كنت من الشفافية والاتّزان، بحيث نشرتِ صورة لك من مهرجان دبي، مع يوسف طوقان.
هل من الممكن أن نعرف من يوسف، وما دوره في حياتك؟
نعم يوسف طوقان هو خطيبي، وهو حب حياتي، أنا ممتنة لله أنني التقيت به، فهو يفهمني ويتقبّلني كما أنا، فالحب شيء عظيم، وقيمة مشاركة الحياة، هي قيمة إنسانية عظيمة، وأن تجد الشخص الذي تستطيع مشاركته لحظات سعادتك، فهذا أمر يضفي معنى للحياة. .