سوليوود «خاص»
اللغة هي أداة للتواصل والتعبير، وكذلك الفنون مثل الرسم، ففي كل لوحة رسالة، ومن يشاهد اللوحة ويجيد قراءة خطوطها يفهم المقصود والهدف من ورائها، وكذلك النحت والاستعراض وكافة الحركات الجسدية واللغات التعبيرية، والسينما جامعة لكل الفنون ولها مفرداتها اللغوية المصورة.
الصورة والرموز والإشارات هي لغة القدماء، ولا تزال الصورة اليوم تعبر عن ألف كلمة، فماذا لو كانت صور متتابعة بحركات وإشارات وإيماءات؛ ولهذه الأسباب يفهم كافة البشر على الأرض باختلاف ثقافتهم الدلالات الرمزية للمشاهد، فبدأت السينما صامتة، ولا يزال إلى اليوم هناك أفلام قصيرة وروائية صامته والجميع يفهم مضمونها.
ومن يجيد استخدام لغة السينما يتمكن من كتابة قصة سينمائية وسيناريو قوي ومؤثر، وأيضًا يتمكن من إخراج الأفلام بسهولة وبحرفية. وعلينا إدراك عدة عناصر لمعرفة وإجادة هذه اللغة وشفرتها التي تتلخص في محورين أساسيين: الأول هو الإيجاز، والثاني الرمزية.
أولاً: الإيجاز تعريفه وأنواعه
يعرف الإيجاز في لغة السينما بأنه التركيز على الأساسيات في توصيل المعنى للمشاهد بأقل قدر من التفاصيل الدالة عليه، واختيار أهم العناصر المؤثرة والفاعلة في مجريات المشاهد.
- استخدامات الإيجاز في التأثير
يستخدم الإيجاز من الناحية التأثيرية في حذف مشهد، أو إخفاء تفاصيل أو معلومات لجذب المشاهدين، أو لزيادة الغموض الذي يمتع المتلقين ويدفعهم إلى المتابعة بتركيز أكثر، ويفجر العديد من التساؤلات ويزيد استخدام الخيال لتحليل المشاهد.
2- استخدام الإيجاز في التركيز
ويأتي باختصار الزمن بعوامل كسر حاجز الزمن، والاستغناء أو تلخيص الدلالات الضعيفة واختيار التفاصيل المهمة والمؤثرة فقط.
3- الإيجاز الفني
الإيجاز الفني هو أحد متطلبات لغة السينما والسرد، فلا يمكن معايشة كل الأماكن التي يمر بها الشخصيات، ولا ترك الزمن الطبيعي للمشاهد في الواقع. وبالرغم من أن المشاهد افتراضية عابرة للزمن والمكان، فإن المشاهد في النهاية يلخص فكرة رحلة الشخصية من نقطة إلى أخرى حال عدم احتوائها على تفاصيل هامة.
4- الإيجاز الدرامي
هو أحد الأساسيات الدرامية، فهو يعمل على إيصال المشاعر بكافة أنواعها، حيث يركز المشهد على موقع ولا يركز على الآخر حتى يستقر لدى المشاهدين مشاعر القلق والحيرة والتساؤل عمَّا يدور هناك، وأيضًا استخدام الصوت في الإيجاز(صوت رصاصة من بعيد، صوت دقات على باب، صيحة لأحد الأشخاص). ويعدُّ هذا النوع من الضروريات الدرامية الهامة.
5- الإيجاز المجتمعي والرقابي
وهذه الوسيلة تضفي معنى يتطلبه العمل، فيمكن عدم ذكر موضوع أو إلغاء مشهد دموي أو جنسي، والاكتفاء بالدلالة عليه، ويفهم المشاهدون هذه اللغة جيدًا. فيمكن تلخيص وإيجاز مشهد للقتل ببعض الدماء على السكين دون عرض مشهد لتمزيق السكين في الجسد.
ثانيًا: الرمزية تعريفها وعناصرها
الرمزية هي دلالة الرمز ومعناه وقدرته التعبيرية التي تستقر في ذهن المشاهد وفهمه للصورة، ودائمًا ما تستخدم كأداة للتعريف الصامت للحدث، فالعلم يشير إلى الدولة، والمكتب يشير إلى العمل، والطائرة تشير إلى رحلة السفر.. وهكذا.
1- الاستعارة الدرامية
وتستخدم للتفسير والشرح، وتتم بتتابع صورتين لهما نفس الدلالة أو دلالة مختلفة، فكيف لنا أن نعرف مدى ثراء أسرة إلا إذا عرضت أمامنا مشاهد لفقر وعجز إحدى العائلات، أو فرح شخص وحزن الآخر. وفي التشابه مثلاً: صورة سلاح، ثم قبر وصورة .. سكين يوجه لشخص، ولقطة أخرى لذبح أرنب.
2- الاستعارة الشكلية
وتستخدم للربط الشكلي بين صورتين متشابهتين أو متضادتين، فحال عرض صورة لطفلة بسيطة وصورة لألعاب بسيطة، توحي للمشاهد بتأكيد معنى محددة. والعكس أيضًا، حال عرض صورة لرجل غاضب يتبعها صورة لمصارعة الثيران.
3- الاستعارة الأيديولوجية
تستخدم للدلالة على فكرة أو رسالة أو معنى ضمني مستتر، فهي ليست بوضوح الاستعارة الدرامية والتشكيلية، ويمكن أن تتمثل في الإشارة لأداة أو صورة على الحائط أو لعبة على الأرض أو نظرة عين، وأغلب المتمكنين من لغة السينما يقرؤونها جيدًا، وهي تضيف قوة وتعقيدًا وبساطة في الوقت ذاته بحسب موضعها، ودائمًا ما تعبر عن الأفكار والأطروحات والتساؤلات، أو ترمي للماضي أو المستقبل في الإشارة للسبب والنتيجة.