سوليوود «متابعات»
يتوقّع محلّلون تصاعد مواجهة جديدة بين استوديوهات هوليوود ونقابات العمّال مع اقتراب مفاوضات العقود المقبلة، وسط التباس متزايد حول استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة السينما.
ويبدو أنّ الظهور الأول للممثلة الاصطناعية «تيلي نوروود» سيكون محورًا رئيسيًا في هذه النقاشات المقبلة.
جولة مفاوضات حاسمة تلوح في الأفق
أوضح «جوناثان هاندل»، محامي الترفيه والتكنولوجيا في شركة «Feig/Finkel»، أنّ دورة المفاوضات الجديدة بدأت بالفعل.
وأشار إلى أنّ نقابة المخرجين قد تبدأ محادثاتها خلال شهر، بينما تستعدّ نقابة ممثلي الشاشة «SAG-AFTRA» ونقابة الكتّاب الأميركيين «WGA» للتفاوض قبل انتهاء عقودهما الحالية منتصف عام 2026.
وأكد «هاندل» أنّ الجروح التي خلّفها الإضراب المزدوج في عام 2023 بالكاد التأمت، مما يزيد حساسية الموقف.
وأضاف أنّ «تيلي نوروود»، التي أثارت عاصفة إعلامية الشهر الماضي، تُواجه وضعًا قانونيًا معقدًا، خصوصًا بعد فشل النقابة في الاتفاق على معايير واضحة للشخصيات الاصطناعية بالكامل في الجولة السابقة.
مسح الممثلين.. أزمة تتسع داخل الصناعة
شارك «هاندل» و«ميشاون نولان»، الشريك الإداري لشركة «نولان هايمان» المتخصصة في الملكية الفكرية، في ندوة خلال مهرجان «إنفينيتي بلوس أنجلوس». واتفقا على أنّ «المسح الرقمي للممثلين» لا يزال منطقة رمادية قانونيًا.
قالت «نولان» إن لديها عميلًا يخضع جسده حاليًا للمسح ثلاثي الأبعاد، وأضافت: «ما تلقّيته من الشركة كان شهادة التزام قياسية فقط، وجميع الحقوق محفوظة كالمعتاد، لكن السؤال هو: ماذا ستفعلون بالبيانات؟ وما هو نطاق الاستخدام؟».
وأضافت أنّ ضغوط الإنتاج تدفع الشركات إلى تسريع التوقيع على اتفاقيات المواهب، دون التعمق في الأسئلة الجوهرية المتعلقة بحقوق النشر واستخدام البيانات. وأشارت إلى أنّ «اتفاقية المواهب لم تعد قابلة للإنجاز الفوري، لأنّ الطريقة التي اعتدنا إدارة العمل بها لن تصلح للمستقبل».
من يمتلك بيانات الممثلين بعد المسح؟
أوضح «هاندل» أنّ الإصرار على تدمير بيانات المسح بعد استخدامها ليس حلًا مثاليًا. وأعطى مثالًا قائلًا: «قد ترغب شركة بعد عشرين عامًا في إعادة إنتاج مشهد مع إزالة آثار الشيخوخة، وستحتاج إلى بيانات قديمة من الممثل».
وأشار إلى أنّ الممثل قد يرفض أو يوافق مقابل عائد مالي جديد، لكنّ المشكلة تكمن في غياب توازن الحقوق، إذ لا يرغب أحد في أن تحتفظ الشركات بالبيانات إلى الأبد، ولا في أن تضيع هذه الأصول الرقمية بالكامل.
مخاوف من استغلال النصوص القديمة في تدريب الذكاء الاصطناعي
حذّر «هاندل» من أنّ الاستوديوهات ومنصّات البث تمتلك كمًا كبيرًا من السيناريوهات غير المُنتجة، ومن المحتمل استخدامها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. وأوضح أنّ الاتفاقيات الحالية لا تتضمن أي بنود واضحة تحظر ذلك، لأنّها وُقّعت قبل عامين أو أكثر من الطفرة التوليدية الأخيرة.
وأشار إلى أنّ السؤال الأهم في المرحلة المقبلة سيكون «ماذا عن الأثر الرجعي؟»، موضحًا أنّ هذا المجال قد يتحول إلى مصدر دخل ضخم للشركات، تمامًا كما يحدث عند إعادة عرض الأفلام القديمة ودفع الرسوم المتبقية.
نماذج الذكاء الاصطناعي بين المدخلات والمخرجات
لفت «هاندل» إلى أنّ أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في الإنتاج تواجه مشكلات معقّدة تتعلق بحقوق الطبع والنشر. فهناك إشكالات في «المدخلات»، أي النصوص التي تُرسل إلى النموذج مثل «Sora» من «OpenAI»، وكذلك في «المخرجات»، أي مقاطع الفيديو الناتجة.
وأضاف أنّ «التكنولوجيا وسير العمل يتطوران بسرعة هائلة، ما يؤدي إلى مئات المطالبات والمراجعات القانونية». وتوقّع أن تصدر قريبًا أحكام قضائية أكثر دقة لتحديد الحدود بين ما هو إبداع مشروع وما يُعد انتهاكًا.
معركة جديدة تلوح في سماء هوليوود
تشير المؤشرات إلى أنّ هوليوود تتجه نحو صراع جديد، هذه المرة حول من يملك «ملامح الممثل الرقمي» و«حقوق الصورة الذكية». ومع استمرار التطور السريع للذكاء الاصطناعي، تبدو المفاوضات المقبلة الأكثر حساسية في تاريخ الصناعة، إذ سيُحدّد ما إذا كانت هوليوود ستظل ساحة بشرية خالصة أم ستفتح أبوابها رسميًا للمواهب الاصطناعية.