دراسة حديثة تكشف عن قوة «التأثير المُتتالي» للأفلام على سلوك المشاهدين

سوليوود «متابعات»

كشفت دراسة حديثة أجرتها «إعلانات أمازون» بالتعاون مع شركة «Crowd DNA» عن التأثير الواسع للأفلام على سلوكيات الشراء والمشاركة الجماهيرية، وذلك من خلال ما وصفته بـ«التأثير المُتتالي» الذي يبدأ من لحظة الترقب قبل الإصدار، ويمتد إلى ما بعد المشاهدة بطرق متعددة. الدراسة التي شملت 3000 مشارك في الولايات المتحدة، أكدت أن التجربة السينمائية باتت جزءًا متكاملًا من قرارات المستهلكين في قطاعات مختلفة، وفتحت فرصًا جديدة أمام العلامات التجارية لبناء تفاعل عميق ومستدام مع الجمهور.

ما الذي يدفع الجمهور لمشاهدة الأفلام؟

أظهرت الدراسة أن العلاقة بين المشاهد والأفلام المفضلة ليست عابرة، بل تمتد في المتوسط إلى 10.4 أعوام. هذا الارتباط العاطفي الطويل يعكس قوة المحتوى السينمائي في تشكيل الذوق الشخصي والتأثير على السلوكيات. وبيّنت النتائج أن الأسباب التي تدفع الجمهور لمشاهدة الأفلام متعددة، أبرزها:

«الهروب من الواقع والترفيه»: 88%

«السعي للنمو الشخصي واكتساب وجهات نظر جديدة»: 60%

«إثارة النقاشات ومشاركة التجارب»: 53%

ما يشير إلى أن المشاهدة لا تقتصر على الترفيه فقط، بل تلعب دورًا في تشكيل القيم وتوسيع الأفق الفكري للمشاهدين.

هل تختلف تفضيلات المشاهدة بين السينما والمنزل؟

كشفت الدراسة عن اختلاف واضح في تفضيلات الجمهور بحسب مكان المشاهدة. ففي صالات السينما، يميل المشاهدون إلى تفضيل أفلام «الأكشن» و«المغامرة» و«الخيال العلمي»، لما توفّره هذه الأنواع من تجربة بصرية وصوتية مبهرة على الشاشة الكبيرة.

أما في المنزل، فتنحصر التفضيلات غالبًا في محتوى أكثر هدوءًا وتأملًا مثل الأفلام «الرومانسية» و«الوثائقية» و«الكوميدية»، حيث تكون الأجواء أكثر خصوصية وراحة. هذا التباين يؤكد أن التجربتين تكملان بعضهما، وتوفران مساحات مختلفة من المتعة والتفاعل.

ما حجم التفاعل بين جمهور السينما والمشاهدة المنزلية؟

اعتمدت الدراسة على تصنيف المشاركين إلى ثلاث فئات بناءً على عدد مرات الذهاب إلى السينما:

رواد غير منتظمين «2:5 مرات سنويًا»

رواد متكررون «6:11 مرة سنويًا»

رواد متحمسون «أكثر من 12 مرة سنويًا»

ورغم اختلاف عدد مرات الحضور، فإن 83% من جميع الفئات يشاهدون الأفلام في المنزل مرة أسبوعيًا على الأقل، مما يدل على استمرارية الاهتمام بالمحتوى السينمائي بغض النظر عن مكان المشاهدة. كما أشار 77% من مشاهدي الأفلام المنزلية إلى أنهم زاروا صالات السينما خلال العام الماضي، ما يؤكد على التكامل بين التجربتين بدلاً من التنافس بينهما.

كيف تؤثر الأفلام على السلوك الشرائي للجمهور؟

أبرزت نتائج الدراسة التأثير المباشر للأفلام على قرارات الشراء والاستهلاك، إذ أشار المشاركون إلى انخراطهم في أنشطة متعددة بعد مشاهدة الأفلام، من أبرزها:

81% شاركوا في أنشطة مرتبطة بالفيلم مثل الاستماع إلى الموسيقى التصويرية، أو استكشاف الكواليس، أو اقتناء نسخ مادية، و36% اشتروا ألعابًا مستوحاة من الأفلام؛ بينما 33% اقتنوا ملابس أو أزياء متأثرة بالشخصيات، و33% اشتروا ملصقات أو أعمالًا فنية متعلقة بالفيلم؛ ودمج 61% تجربة مشاهدة الفيلم مع تناول الطعام أو المشروبات في مطعم أو مقهى.

وتوضح هذه الأرقام أن التفاعل مع الفيلم لا يتوقف عند لحظة المشاهدة، بل يمتد ليشمل سلوكيات استهلاكية تفتح أمام العلامات التجارية فرصًا للإبداع واستهداف الجمهور في مراحل متعددة من رحلتهم.

ماذا عن جمهور الناطقين بالإسبانية في الولايات المتحدة؟

في محاولة لفهم تأثير السينما على مختلف الفئات الثقافية، أجرت «إعلانات أمازون» دراسة خاصة شملت 530 مشاركًا ممن يُعرّفون أنفسهم بأنهم ناطقون باللغة الإسبانية في الولايات المتحدة. أظهرت النتائج أن هذا الجمهور يتفاعل مع الأفلام بذات القوة والارتباط العاطفي، إذ:

93% يشاهدون الأفلام بهدف الترفيه والهروب من الواقع
70% أنفقوا أموالًا على منتجات أو تجارب مستوحاة من الأفلام خلال العامين الماضيين
38% أكدوا أن إنفاقهم مرتبط برغبتهم في خلق ذكريات دائمة
42% قالوا إنهم من المحتمل أن يشتروا منتجًا ظهر في أحد الأفلام

وهذا يعزز أهمية تضمين اللغة والثقافة في الحملات الإعلانية التي تستهدف مجتمعات متعددة، لضمان التأثير والوصول الأعمق.

ما أهمية هذه النتائج للعلامات التجارية؟

تكشف الدراسة عن أن جمهور الأفلام لا يكتفي بالاستهلاك السلبي، بل يتحول إلى قوة شرائية ومجتمعية نشطة. وهذا «التأثير المُتتالي» يمنح العلامات التجارية فرصة فريدة لبناء استراتيجيات تفاعلية تمتد على طول رحلة المشاهدة، من الترقب إلى الولاء طويل الأمد.

وتوصي النتائج بضرورة تصميم حملات إعلانية متكاملة تستفيد من المحتوى السينمائي كمحرك رئيسي للربط بين العلامة التجارية والمستهلك، مع الأخذ بعين الاعتبار التباين في أنماط المشاهدة، واللغة، والثقافة.

وأثبتت الدراسة أن الفيلم لم يعد مجرد منتج ثقافي، بل عنصر مؤثر في منظومة التسويق والاستهلاك. ومن خلال فهم أعمق لسلوك الجمهور وتفضيلاته، يمكن للعلامات التجارية أن توظف السينما كأداة فعّالة لخلق تجارب تفاعلية حقيقية تعزز المبيعات، وتبني علاقات طويلة الأمد مع العملاء.