سوليوود «خاص»
عبرت السينما السعودية بأعمالها الفنية الممتعة التي استوحت قصصها من عُمق المجتمع في المملكة، عن التحولات اللافتة للمجتمع السعودي من خلال تناولها للقضايا المختلفة، حيث بدت الأفكار والتحولات المجتمعية والثقافية حاضرة بين ثنايا هذه الأعمال؛ ما جعلها تنافس بضراوة الأفلام العالمية في شباك التذاكر، ويستمر عرضها لأسابيع متتالية وهي متصدرة. نستعرض خلال التقرير التالي قائمة تضم 5 أفلام تظهر تحولات لافتة في «المجتمع السعودي»، ومنها: «المرشحة المثالية»، و«مندوب الليل».
«شمس المعارف»
يحكي الفيلم قصة شباب سعودي يغير الإنترنت حياته، بالتزامن مع ذروة صناعة المحتوى السعودي على الإنترنت. ويلقي الضوء على محطات صناعة المحتوى السعودي منذ التسعينيات حتى الفترة الراهنة؛ إذ تناقش حبكته قضايا مهمة جدًا كانت ضمن أبرز أسباب التغيرات اللافتة والمحورية في المجتمع والثقافة العامة بالمملكة، ومنها الإرث الكامل في صناعة المحتوى ابتداء من «طاش ما طاش»، ومرورًا بصناعة المحتوى عن طريق موقع اليوتيوب، ووصولاً إلى الجانب المشرق للمحتوى الفني الحالي الذي شهد تطورًا خياليًا. وتقع أحداثه في عام 2010؛ حيث ذروة صناعة المحتوى السعودي على الإنترنت، وتروي قصة حسام، وهو طالب على وشك إنهاء المرحلة الثانوية، يجد نفسه مهتمًا بصناعة المحتوى، مما يدفعه إلى إهمال دراسته. ينضم إليه مجموعة من الأصدقاء الذين يجمعهم عالم الإنترنت وما يوفره من إمكانيات ومساحة للحرية والإبداع حتى يقرر الفريق إنتاج فيلم رعب دون ميزانية، وهي مغامرة كبيرة لا يوافقهم عليها المحيطون بهم، خصوصًا أنها ستضع مستقبلهم في خطر.
الفيلم الذي افتتح مهرجان البحر الأحمر السينمائي عام 2020، هو من بطولة: صهيب قدس، وبراء عالم، وأحمد صدام، وإسماعيل الحسن، وإياد أيمن كيفي؛ ومن إخراج: فارس قدس.
«المرشحة المثالية»
يتناول الفيلم قصة طبيبة سعودية شابة تسعى لتغيير نمط التفكير المتحفظ في مجتمعها، ويحاول استعراض العقبات التي تواجه امرأة تترشح لمنصب محلي بسبب التمييز على أساس الجنس. ويعكس الفيلم التغييرات التي شهدتها المملكة، والتي شملت تخفيف قيود نظام ولاية الرجل؛ إذ يبدأ ببطلة الفيلم مريم وهي تقود سيارتها، وتكشف الأحداث كفاح الطبيبة الشابة بطلة العمل من أجل حصولها على حقها، وإثبات قدرتها على منافسة الأطباء الرجال وتحقيق إنجازات تجبر المجتمع على تحفيزها وقبولها.
الفيلم الصادر عام 2019، هو من بطولة: ميلا الزهراني، ونورة العوضي، وخالد عبدالرحيم، وضي الهلالي؛ ومن إخراج: هيفاء المنصور.
«مندوب الليل»
قدم العمل قصة واقعية دون تكلف أو تعقيد، حيث جاءت مختلفة من حيث الشكل والمضمون عن السينما السعودية السائدة. ركَّز العمل على حياة محدودي الدخل من خلال تناول قصة فهد، بطل العمل وأحد أبناء الطبقة محدودة الدخل، وهو شاب ثلاثيني يعمل في خدمة العملاء بإحدى شركات الاتصالات، يكره وظيفته، ومكانته الاجتماعية وحاجته إلى المال لعلاج والده المسن المريض، ومسؤوليته عن أخته المطلقة، مما ينعكس على كل تصرفاته، والنتيجة طرده من عمله بعدما رفض الاستقالة بسبب أخطائه المتعددة، ما يدفعه للتخلي عن مبادئه ودخول عالم جديد يحمل تغيرات لا يفقه فيها شيئًا. العمل لم يتعامل مع الرياض من خلال موقع التصوير فحسب، بل بكونها «شخصية» رئيسية في الفيلم الذي يجوب شوارعها وأحياءها والتغيرات التي طرأت على المدينة وسكانها وطريقة البناء فيها طوال أحداثه التي صورت في مواقع حقيقية في المدينة، ليُعاين المُشاهد الحياة النابضة ليلاً في العاصمة السعودية التي لم تكن هكذا سابقًا.
فيلم الدراما الذي تم اختياره للعرض العالمي الأول في «مهرجان تورنتو السينمائي الدولي»، والصادر عام 2023، هو من بطولة: محمد الدوخي، ومحمد الطويان، ومحمد القرعاوي، وسارة طيبة، وهاجر الشمري؛ ومن إخراج: علي الكلثمي.
«ناقة»
تتمحور قصة العمل حول القيم المختلفة التي نشأت في المجتمع ووقعت بين التقاليد والحداثة، وذلك من خلال تجربة فنية نوعية ومختلفة قدمها العمل وتحدث فيها بكل جرأة ووضوح عن أبرز أسباب ضياع الأولاد، وهي صرامة الآباء أحيانًا، وعدم بناء جسور من الثقة والحب والصداقة مع أبنائهم؛ ليتمكنوا من حمايتهم وقت احتياجهم ويلجؤون لهم أولًا قبل أصدقاء السوء. تدور أحداث الفيلم حول قصة الشابة سارة، التي تتسلل من منزل والديها للخروج في موعد مع سعد، إلا أنها تجد نفسها في وضع شائك بعد تحوّل خطير في الأحداث. ومع تطور أحداث الفيلم، تواجه سارة الكثير من العقبات، وتتقطع بها السبل فوق الكثبان الرملية في مدينة الرياض لتجد نفسها وجهًا لوجه في مواجهة ناقة هائجة.
الفيلم السعودي الذي أحدث حالة جدلية وتفاعلية ضخمة بين المتابعين حوَّله إلى حدث اجتماعي مهم، وليس مجرد فيلم سينمائي فقط، هو من بطولة: أضواء بدر، ويزيد المجيول؛ ومن إخراج: مشعل الجاسر.
«وجدة»
سلطت قصة العمل الضوء على الكثير من العادات والتحديات التي لطالما حرمت الكثير من النساء في بعض المجتمعات العربية من ممارسة حقوقها بشكل طبيعي مثل الرجال، وذلك منذ الطفولة، حيث منعت النساء من قيادة الدراجات التي تعد من الألعاب التي يفضلها الأطفال بناتًا وأولادًا. وكذلك تحدثت مخرجة العمل عن القيود التي كانت تمارس على النساء والبنات في المدارس وحرمانهن من ارتداء بعض الأزياء، في حين يتمتع زملائهن الأولاد بكامل الحرية في ارتدائها؛ كما رصدت لقطة للفيلم أحذية الفتيات الواقفات في صف واحد يُنشدن الأغاني الدينية، وبينما ارتدت كل الطالبات أحذية المدرسة السوداء التقليدية فوق جوارب بيضاء، وضعت وجدة حول قدميها حذاء الكونفرس الرياضي وقد غيرت لون رباطه الأبيض إلى البنفسجي، والذي كان سببًا في نهر مدرستها لها. لكن تنجح بطلة العمل في كسر كل هذه القيود جميعًا عندما تنجح في تحقيق حلم طفولتها. كما تعد تجربة تصوير مخرجة سعودية في شوارع الرياض للعمل خطوة جريئة وطموحة تثبت تغير المجتمع في المملكة.
الفيلم الحاصل على العديد من الجوائز العالمية منها ثلاث جوائز عالمية خلال مهرجان البندقية السينمائي والصادر عام 2012، هو من بطولة: وعد محمد، وريم عبدالله، وسلطان العساف؛ ومن إخراج: هيفاء المنصور.