سوليوود «خاص»
أصبحت تقنيات الذكاء الإصطناعي تساهم بشكل كبير في كافة مناحي الحياة، بعد أن صارت هذه التقنيات تحل محل الإنسان في مجالات عملية مختلفة، وبعد أن سيطرت التكنولوجيا على جميع مناحي الحياة والعقل البشري وأصبحت المتحكمة فيه، سيُجبَر الإنسان بعدها على إنشاء علاقات عاطفية مع الروبوتات، كانت تلك هي بداية الموسم الثاني من مسلسل «Black Mirror Season2».
شهدت نهاية عام 2018 وتحديدًا شهر ديسمبر، قيام منصة خدمة بث الترفيه عبر الإنترنت الأميركية «نيتفلكس»، بإنجاز أولى تجاربها العملية في تكريس سيادة المشاهد، حين منحته عبر حلقة خاصة من مسلسل «Black Mirror» بعنوانBlack» Mirror: Bandersnatch»، القدرة على توجيه أحداث الحلقة والاختيار بالنيابة عن أبطالها، وبالتالي تغيير مسار حبكتها، على نحو صار فيه المشاهد جزءًا فاعلًا في الحلقة، بشكل مشابه لفاعلية مخرجها وكاتبها، واعتُبِر هذا الأمر خطوة رائدة من منصة «نيتفلكس» في ذلك التوقيت، ومن شأنها أن تُحدِث تحولًا في صناعة السينما والدراما التلفزيونية، وهو ما سيصبح تجربة قديمة ومتأخرة، بمجرد دخول تجارب «ديزني»، والتي أدخلتها الشركة الأميركية منذ عام 2017 حيز التطبيق العملي، ومن شأن تلك التجارب أن تمكّن صُنّاع الأفلام من تحديد ردود أفعال المشاهدين تجاه أفلامهم، وذلك من خلال مراقبة ملامح وجوههم باستخدام كاميرات الأشعة تحت الحمراء في قاعة السينما لمدة 10 دقائق، وبناءً عليه يتم التنبؤ بردود أفعالهم تجاه بقية الوقت المتبقي من زمن الفيلم.
وتدور فكرة الحلقة حول مرحلة متقدمة من سيطرة التكنولوجيا علينا، لن يستطيع الإنسان الإستغناء عنها ولا عن الذكاء الإصطناعي بشكلٍ عام، حيث سيرى فيه طوق نجاة من كافة السلبيات المُسيطرة على حياته، وسيصل الأمر إلى إنشاء علاقات غرامية مع الروبوت، من دون إدراك النتائج السلبية الناتجة عن هذه الأفعال .
تستكمل أحداث الحلقة حول الحياة الطبيعية التي تجمع بين زوجين شابين، حيث يظهر الزوج كمدمن للتكنولوجيا يقضي معظم أوقاته على مواقع التواصل الإجتماعي، فيتوفى الزوج فجأة في حادث مما يدفع زوجته إلى اللجوء لهاتفه وحساباته على مواقع التواصل، لاستحضار وجوده من خلال الصور والرسائل الصوتية الخاصة به، وتنغمس أكثر في التكنولوجيا عندما تسمع عن تقنية جديدة تُبقيها على تواصل مع زوجها المتوفي، إلى أن يتطور الأمر لشراء روبوت يُشبه زوجها، ظنًا منها أنها ستكون في حالة جيدة بإستحضاره معها؛ لتتفاجأ بأن النتيجة ليست كما تتوقع.
تم طرح الفكرة في الحلقة بشكل موضوعي، وكان هُناك عنصر مفاجئ في تصاعد الأحداث ! فالانتقال من حياة طبيعية بين زوج وزوجته، إلى علاقة بين امرأة وآلة لم يكن متوقعًا على الإطلاق، وتكمن مُتعة الحلقة في عدم التوقع والذهول الذي سوف يُسيطر على المُشاهد تمامًا.
وقد بدا الأمر في البداية طبيعيًا، فهو عمل درامي مشوق ورائع يحبس الأنفاس، كما أنه يفاجئ متابعيه في نهاية كل حلقة من حلقاته المنفصلة بمفاجأة لم يكن يتوقعها، تدور فكر الفيلم الرئيسية حول مدى الخطر الذي يمكن أن تشكله التكنولوجيا، بكل ما تقدمه من منافع للجنس البشري، وهو خطرٌ قد يسحق نفسية وعقل وذاكرة هؤلاء البشر قبل فنائهم، على الرغم من كون الأمر حتى تلك اللحظة لم يخرج عن كونه مجرد عمل درامي لا أكثر، حتى خرجت الصورة عن ذلك الإطار، وظهرت المفاجأة وهي أن بعض ابتكارات «Black Mirror» صارت حقيقية! وقد شهدت الحلقة الأشهر من المسلسل، والتي حملت عنوان «The entire History of you»، ظهور ابتكار بدا غريبًا على الكثيرين وهو عبارة عن ذاكرة مثبتة داخل العقل، والتي تعمل على تسجيل كل ما تراه العين أمامها، ليصبح ذلك كله شكلًا من أشكال الذاكرة التي يمكن استعادتها فيما بعد، وقد كانت هذه المفاجأة هي أنك تستطيع استعادة كل ما شاهدته بعينك، في أي وقت كما ظهر على أرض الواقع، كأن الأمر أصبح حقيقيًا!.
كما تناولت أكثر من حلقة من المسلسل، ظاهرة الرفض البشري لوفاة من نحبهم، وظهرت معها مجموعة من الابتكارات الخيالية، والتي يبدو أن صورها المصغرة قد خرجت إلى النور بالفعل، وفي انتظار أن تصبح أكثر تطورًا.
وقد حملت الحلقة عنوان «Be Right Back»، وتدور قصة الحلقة حول امرأة مات عنها زوجها، فوجدت نفسها بعد وفاته تمر بحالة حرجة من اضطراب ما بعد الصدمة، الذي ينتج في العادة عن مثل تلك الأزمات، حتى ظهر أمامها إعلان عن تطبيق محادثة عبر شبكة الإنترنت.