أمجد المنيف
أهم ما يمكن البدء به عند الحديث عن «مسلسل رشاش»، هو الإشارة للنجاح الكبير في خلق أوقات درامية خارج الموسم الرمضاني المعتاد، وهذا ما سيحفز على بث أعمال متنوعة طوال العام، متى ما دقت ساعة الإبداع.
وأيضًا، أصبح المتابعون على أهبة الاستعداد لاستقبال الأعمال الفنية المميزة، عبر المنصات المحلية، والثقة بمخرجات «شاهد» تمامًا كـ«نتفليكس» و«OSN» وغيرهما.. وهذا ما سيحمل العاملين على المنصة المسؤولية الكبيرة لتقديم أعمال نوعية باستمرار، وأن تكون بنفس مستوى ما قدم في «رشاش» وأفضل.
مثل أي عمل فني حول العالم، تختلف الآراء حول القصة والحبكة والموسيقا والإخراج، وغير ذلك كثير.. وشخصيًا، أصنف العمل كنقلة مهمة في صناعة الدراما السعودية، وتحديدًا في فكرة الأعمال القصيرة، التي تركز على تسلسل الأحداث السريع، بعيدًا عن أي حشو، أو «تمطيط» للمشاهد، أو الاضطرار لتعبئة الوقت بابتذال.
من الضروري مراعاة أن الأعمال الدرامية ليست وثائق تاريخية، ما يعني أن مجريات الحلقات قد يتم «تبهيرها»، وإضافة بعض المكملات التي تحول العمل من مجرد سرد تاريخي إلى عمل فني متكامل.. أمَّا مهمة الأفلام الوثائقية، فهي الالتزام بدقة الأحداث، والاعتماد على المراجع الموثقة تمامًا.
في الوقت نفسه، لا أتفق مع من يقول إن تجسيد مثل هذه الشخصيات قد يمنحها دورًا بطوليًا لدى الناس، من خلال التفاعل المتزامن مع أحداث العمل؛ لأنه باختصار سيقل الاهتمام تدريجيًا بعد انتهاء العمل، هذا أولاً.. وتاليًا، أعمال مثل «Peaky Blinders» و«Prison Break» و«Narcos» وأخريات؛ لم يتعدَّ التهويل بأداء الأبطال خارج الإطار الدرامي. ولعل آخر الإعجاب كان لشخصية «الجوكر»، للأداء في العمل فقط، ثم ذبلت المتابعة لها والحديث عنها مع التقادم.
ورغم كل النقاش المثار حول العمل، فإنني أرى الاختلاف في الحكم عليه -من أي جانب- يعدُّ صحيًا، ويعني بالتأكيد وجود تنوع في الذائقة الفنية، وولادة جيل لا ينتمي لمربع «طاش ما طاش».. وكذلك، لأن العمل يناقش قضايا محلية حقيقية، ويسلط الضوء على حقب زمنية انتهت، يشرح فيها التحديات والبطولات الأمنية.
في النهاية، يمكن التعامل مع ما قدم في «رشاش» كـ«benchmark» للعاملين في صناعة الفن والدراما، وسقف أعلى -حتى الآن- لذائقة الراغبين في متابعة الفن من أجل الفن، دون أي تأويل أو تهويل أو فرز للنيات. والسلام..
المصدر: صحيفة الرياض