سوليوود «متابعات»
تعدّ السينما الألمانية واحدة من أقدم السينمات في العالم فقد بدأت بالعرض للمرة الأولى في العام 1895، وتميزت عبر تاريخها بالسينما التعبيرية الألمانية التي ازدهرت في عشرينات القرن الماضي، إلى جانب الموجة الألمانية الجديدة. لكن حضور هذه السينما في سوق السينما الأميركية، التي تعدّ من أبرز الأسواق العالمية، ظل محتشما، الأمر الذي جعل القائمين على ترويج السينما الألمانية يسارعون بفتح مكتب الفيلم الألماني بنيويورك، وفقا لموقع العرب.
وعنه تقول سارة ستيفنسون رئيسة مكتب الفيلم الألماني، الذي تم افتتاحه مؤخرا في نيويورك، «لمدة عامين متتاليين لم تشهد مسابقة الأوسكار مشاركة أي فيلم ألماني، وهذا في حد ذاته ليس بالجديد ويحدث كثيرا، ولكن أصبح يتعيّن علينا أن نغيّر هذا الوضع القائم».
وتقول ستيفنسون إن «الأفلام الألمانية لا تعرض دائما في دور السينما الأميركية، رغم أنه بالطبع من المفرح أن يتم عرض واحد منها»، غير أنها تضع عينيها على جائزة أكبر، وهي الترويج للأفلام الألمانية في الولايات المتحدة، وتشجيع عرضها في دور السينما بمختلف الولايات الأميركية.
وعندما يفكّر معظم الأميركيين في السينما الألمانية، يرد على خاطرهم عادة ثلاثة مخرجين فقط، هم رينر فيرنر فاسبندر وفيرنر هيرتزوج وفيم فيندرز، وتوفي فاسبندر بينما دخل المخرجان الباقيان في السبعينات من العمر.
ويهدف مكتب الفيلم المدعوم من وزارة الخارجية الألمانية والمفوّض الثقافي الاتحادي بألمانيا، إلى بيع الأفلام الألمانية إلى المنتجين الأميركيين، ليس فقط الإصدارات الجديدة. ولكن أيضا الأفلام الألمانية الكلاسيكية، والأعمال الأكثر قدما ذات القيمة التاريخية.
وتقول ستيفنسون إن مدينة نيويورك هي المكان المناسب لافتتاح المكتب، حتى لو كانت هوليوود والساحل الغربي الأميركي هما أول ما يرد على الأذهان.
وتوضّح أن «موزّعي الأفلام في الولايات المتحدة يتركزون في نيويورك، ممّا يعني أن الأمور المهمة بالنسبة للسينما الألمانية تحدث هناك».
وتستدرك قائلة «ذلك لا يعني أن لوس أنجلس ليست ذات أهمية تامة بالنسبة للأفلام الألمانية، ولكن بالنسبة لأوضاع تسويقها للمشترين الأميركيين، فإن نيويورك هي المكان الصحيح».
وتم تدشين مكتب الأفلام وسط جائحة كورونا، ممّا جعل الأمور أكثر صعوبة أمام التسويق، حيث اضطرت دور السينما إلى إغلاق أبوابها لفترات طويلة، غير أن ستيفنسون استطاعت أن تنجز الكثير من العمل عبر شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى وجود اتجاه لتكريس هذا الانتشار عبر دور سينما السيارات.
وتوضّح أن الأمور أصبحت الآن أفضل بكثير، بعد السماح لدور السينما بأن تعيد فتح أبوابها بالتدريج أمام الجمهور، كما توجد إمكانات لعرض الأفلام في الهواء الطلق.
وتؤكّد ستيفنسون أن السوق الأميركية مهمة للأفلام الألمانية، وتقول «إنها ليست أكبر سوق لها، حيث توجد هذه الأيام بالطبع فرص جديدة وربما أكبر في مناطق أخرى من العالم، مثل آسيا على سبيل المثال أو أميركا اللاتينية».
غير أنه على الصعيد التقليدي تعد الولايات المتحدة سوقا كبيرة، كما أنها مهمة من الناحية الرمزية، وفي هذا الصدد تقول ستيفنسون «إذا استطعت الحصول على موطئ قدم هنا كمخرج لأفلام ألمانية، فسوف تحقّق نجاحا مشهودا».
وتضيف إنها مع ذلك سوق صعبة «وأعتقد أن الاهتمام بهذه السوق موجود وكان موجودا دائما، غير أنه لم يكن اهتماما سائدا بالطبع”. وتوضّح أن الأفلام الأجنبية التي يطبع الحوار مترجما عليها لا تروق كثيرا لمعظم الأميركيين، كما يوجد الكثير من المحتوى السينمائي الجذاب المعروض باللغة الإنجليزية، وتقول “يجب على المتفرّج أن يكون مهتما بالأفلام الأجنبية لكي يشاهد أفلاما ألمانية».
وهناك مجموعة كبيرة نسبيا من المُشاهدين الذين يحبون مشاهدة السينما المستقلة، وهي الأفلام ذات القيمة الفنية العالية المختلفة عن السينما التجارية التي تروق للمتفرّج العادي، وهذه الشريحة من المتفرّجين المثقفين هي التي يسعى مكتب ستيفنسون لأن يصل إليها. وهي ترى أن تأمين مكانة دائمة للأفلام الألمانية يعد مسألة مهمة، مؤكّدة على أهمية العمل مع شركاء محليين.
وتوضّح أن مكتب الفيلم يفحص أيضا الأفلام للتأكّد من أنها مناسبة للسوق الأميركية، وتقول «إننا ننظر بعناية فائقة إلى ملاءمة القضايا المثارة في الفيلم لاهتمامات المتفرّج الأميركي، والتأكّد من أن الفيلم المرشح للعرض لا ينتهك الحساسيات الثقافية لديه».
وعندما يتعلق الأمر بالتنوع والعنصرية والمساواة في الحقوق، تقرّ ستيفنسون بأن الأفلام المنتجة في الولايات المتحدة أكثر تقدمية من نظيرتها الألمانية.
وتشير إلى أن الأفلام الكوميدية يمكن أيضا أن تكون صعبة التسويق، حيث إن الفكاهة والمزاح لا يمكن أن ينتقلا من ثقافة إلى أخرى بسهولة على الدوام، وتقول «إننا نحاول الابتعاد بأفلامنا عن الأنماط الثقافية المعهودة لدى الأميركيين عن الألمان، مثل البريتزل وهو نوع من البسكويت المملح، والجعة وغيرها». وتضيف «نريد تقديم صورة معاصرة لألمانيا، وأفلام من ألمانيا».
وتم إغلاق دور السينما في نيويورك طوال عام تقريبا بسبب جائحة كورونا، وتمت إعادة فتحها مؤخرا شريطة اتباع الإجراءات الاحترازية.
وبالنسبة لأول تجربة تعتزم ستيفنسون خوضها لارتياد دار سينما في نيويورك بعد إعادة فتح أبوابها، تعرب عن اعتقادها بأنها تريد مشاهدة فيلم «أخبار العالم» (نيوز أوف ذي وورلد)، وهو فيلم حديث تدور أحداثه حول الغرب الأميركي بطولة النجم توم هانكس، وهو معروض في دار سينما قريبة من مكتبها.
كما تعرب عن اعتقادها بأن مشاهدتها لهذا الفيلم ستدعم عملها، حيث إن بطلته الممثلة الصغيرة هيلينا زينجل التي تبلغ من العمر 12 عاما، تنحدر من ألمانيا وتم ترشيحها للفوز بجائزة الغولدن غلوب عن دورها في الفيلم.