سوليوود «وكالات»
تنطلق الأسبوع المقبل الدورة السادسة والسبعون لمهرجان فينسيا السينمائي، الذي فضلا عن كونه الأقدم في العالم بات يعتبر مؤخرا أهم مهرجان في أوروبا بعد تفوقه على مهرجان كان الفرنسي، الذي خضع لضغط دور العرض الفرنسية ومنع أفلام المنصات الالكترونية الأمريكية، مثل نيتفلكس من المشاركة في منافساته، مما أسفر عن غياب أبرز نجوم هوليوود، الذين يقومون ببطولة تلك الأفلام، عن بساطه الأحمر لأنهم وجدوا بديلا في مهرجان «فينيسيا»، الذي يفتح أبوابه لكل الأفلام بغض النظر عن نهج عرضها للجمهور، وذلك كما جاء في القدس العربي.
وبعد أسبوعين تنطلق الدورة الرابعة والأربعون لمنافسه الشمال أمريكي مهرجان تورنتو الدولي، الذي يعتبر الأكبر في العالم، إذ يعرض عادة أكثر من مئتي فيلم. ويحضره أكثر من مئة ألف شخص، فضلا عن الآلاف من الصحافيين وصناع الأفلام.
المهرجانان منصتان رئيسيتان لإطلاق موسم الجوائز السينمائية، وكلاهما يعتبر مؤشرا مهما لجوائز الأوسكار. فالفيلم الذي فاز بأسد فينسيا الذهبي العام الماضي وهو «روما»، حصد ثلاث جوائز أوسكار، من ضمنها أفضل مخرج وأفضل تصوير لالفونسو كوارون وأفضل فيلم بلغة أجنبية. بينما حصد «الكتاب الأخضر»، الذي فاز بجائزة جمهور مهرجان تورنتو، أوسكار أفضل فيلم، فضلا عن جائزتين أخريين لأفضل ممثل مساعد وأفضل سيناريو أصلي. وما يميز دورتي المهرجانين هذا العام هو الحضور القوي للأفلام العربية.
7 أفلام العربية
سبعة أفلام عربية تشارك في فئات مهرجان فينسيا المختلفة. وعلى رأسها فيلم السعودية هيفاء المنصور «المرشحة المثالية»، وهو الفيلم العربي الوحيد الذي يشارك في المسابقة الرسمية على جائزة الأسد الذهبي. الفيلم يتابع مسار طبيبة تقرر خوض انتخابات بلدية في مجتمع رجالي ومحافظ.
فيلم سعودي آخر وهو «سيدة البحر» لشهد أمين يشارك في مسابقة «أسبوع النقاد». الفيلم أيضا نسائي يحكي قصة فتاة إبنة صيادي سمك تهرب من قريتها الفقيرة خوفا من أن يمنحوها لحوريات البحر المتوحشة. وفي الفئة نفسها ينضم فيلم المخرج اللبناني أحمد غصين «جدار الصوت»، الذي يتمحور حول خمس شخصيات محاصرة في منزل صغير في داخل مبنى يحتله جنود أسرائيليون في قرية جنوبية لبنانية خلال حرب تموز/ يوليو 2006.
فيلم عربي واحد يتنافس في مسابقة «آفاق» وهو «بيك نعيش – إبن» للمخرج التونسي مهدي برصاوي، الذي يدور حول زوجين يقرران تمضية اجازة مع طفلهما في جنوب تونس في صيف ثورة الياسمين عام 2011 ويواجهون حدثا يغيّر مشاريعهما ومسار حياتهما.
فيلم تونسي ثان وهو «الفزّاعات» لنوري بوزيد أُدرّج في برنامج الأفلام التجريبية. يتناول الوضع الاجتماعي في تونس بعد ثورة الياسمين. وثالث يشارك في فئة «أيام فينيسيا»، وهو «أريكة في تونس» لمنال العبيدي، الذي يحكي قصة طبيبة نفسية تنتقل من فرنسا الى تونس لتمارس مهنتها في ضاحية شعبية قريبة من العاصمة. لكن غداة ثورة الياسمين صارت تواجه تحديات جديدة.
أيام فينيسيا» تضم أيضا أول مشاركة سودانية في المهرجان من خلال فيلم «ستموت في العشرين» لمخرجه أمجد أبو العلاء، الذي يحكي قصة مراهق مولود في قرية تسيطر عليها أفكار صوفية، يعيش أيامه في خوف وقلق بعد أن يتنبأ أحدهم أمامه بأنه سيموت في سن العشرين.
فيلم آخر من انتاج هوليوودي عراقي وهو «موصل» يعرض خارج المسابقة. من انتاج الأخوين انتوني وجوزيف روسو المعروفين بإخراج أفلام مارفيل «المنتقمون»، والمخرج العراقي محمد الدراجي. ويتابع الفيلم فرقة قوى خاصة عراقية تشارك في تحرير الموصل من «داعش».
ما يلفت النظر هو الحضور القوي للسينما التونسية، التي حضرت بقوة أيضا في مهرجان كان السينمائي الأخير بأربعة أفلام، وذلك بفضل الدعم المادي الذي تقدمه الحكومة لصناع السينما وحرية التعبير وتسهيل إجراءات صنع الأفلام بعد ثورة الياسمين.
ومن المفارقات أن أحدث السينمات العربية، وهي السعودية، التي انطلقت قبل أقل من عامين، تُمثل بفلمين في هذا المهرجان العريق، وقدمت الفيلم العربي الوحيد في المسابقة الرسمية بفيلم نسائي. ويعود الفضل في ذلك للمخرجة هيفاء المنصور، التي كان فيلمها «وجدة» أول فيلم سعودي يشارك في المهرجان في منافسة آفاق عام 2012 وأول فيلم يمثل السعودية في منافسات جوائز الأوسكار.
المنصور صوّرت «وجدة» بينما كانت مختبئة داخل شاحنة وتواصلت مع طاقم الممثلين والتقنيين من خلال اللا سلكي. وفي حديث معها أكدّت لي أن الوضع تغير كثيرا في السعودية، وأنها الآن تنعم بحرية كاملة في ممارسة صناعة الأفلام.
«هناك الآن مؤسسة سينما تساهم في تمويل الأفلام وتقدم كل حاجات صناعتها»، تعلق هيفاء. «لكن التغيير لا يقتصر على السينما، بل في كل مجالات الفن، وذلك لأن أكثر من سبعين بالمئة من السعوديين هم تحت جيل الثلاثين وكثير منهم درسوا خارج السعودية وعادوا بأفكار جديدة ساهمت في تغيير أفكار المجتمع المحافظة.»
فيلم المنصور سوف يواجه واحدًا وعشرين فيلما لأبرز مخرجي أقطار العالم مثل رومان بولنسكي، ستيفين سودربرغ، نوح بامباوخ واوليفيير اوسياس.
14 فيلما عربيا في تورنتو
مهرجان تورنتو يعتبر مهرجان المهرجانات وهذا يعني أنه يقدم عروضا أولى بجانب عروض أفلام عرضت في مهرجانات سابقة. لهذا معظم الأفلام العربية، التي عرضت في مهرجانات عالمية مهمة مثل «صندانس» و»برلين» و»كان» و»فينيسيا» تطرح مرة أخرى فيه. ويعتبر المهرجان العالمي الأكثر طرحا للأفلام العربية، وهذا العام يقدم أربعة عشرة منها تمثل معظم الدول العربية.
العروض الأولى تضم فيلما وثائقيا، وهو «الكهف» من المخرج السوري فراس فياض، الذي رُشح فيلمه الأخير «آخر الرجال في حلب» لأوسكار أفضل فيلم وثائقي عام 2018. ويعود في فيلمه الجديد الى سوريا ليحكي قصة طبيبات يعالجن ضحايا الحرب تحت الأرض لتفادي القصف الجوي.
وفي مسابقة «اكتشافات» تشارك ثلاثة أفلام عربية تعرض للمرة الأولى عالميا وهي الفيلم اللبناني «1982» للمخرج وليد موونس، الذي يعود الى زمن اجتياح اسرائيل للبنان عام 1982 ليحكي قصة طفل يقع في حب طفلة من الجانب الآخر في جنوب بيروت.
وفيلم المخرج المصري هشام صقر «بعلم الوصول»، الذي يدور حول امرأة تصارع شعور الاكتئاب بعد وفاة والدها وسجن زوجها. وهو الفيلم المصري الوحيد الذي وصل العالمية هذا العام.
والفيلم التونسي «حلم نورا» من إخراج هند بوجمعة وبطولة هند صبري، التي تجسد دور امرأة تحلم بتحقيق حياة جديدة مع حبيبها بعد سجن زوجها، لكن الحلم يبدو صعب المنال.
الحضور القوي للأفلام العربية في أهم المحافل السينمائية الدولية مثل فينسيا وتورنتو وكان، يثبت مرة أخرى أن السينما العربية تتطور ووصلت مستو جماليا وفنيا دراميا يؤهلها لخوض منافسات مع سينمات عالمية أخرى، وأحيان تفوز بها. ففي العام الماضي، نالت ثلاثة جوائز في مهرجان فينسيا. فهل ستحصد الأفلام العربية المشاركة هذا العام مثل تلك الجوائز؟