هناء حجازي
لا يمكنك وأنت تشاهد هذا المسلسل الرهيب المنتج هذا العام، والذي أعتقد أنه سيرشح وسينال العديد من الجوائز.. لا يمكنك سوى أن تتابعه بشغف وألم وتساؤل “هل فعلاً حدث ذلك؟، هل أحداث المسلسل هي فعلاً ما تم في الحقيقة؟”.
لكنك تعرف أن كارثة تشيرنوبل قد حدثت فعلاً، والعالم كله كان يضع يده على قلبه حين حدثت تلك الكارثة، وربما كاتب المسلسل أضاف أحداثاً وشخصيات لم توجد في الواقع، لكن القصة، أساس القصة يبقى حقيقة.
حين تشاهد المسلسل تشعر أنك تشاهد خيالاً علمياً، وأنا بواقعيتي لا أحب مشاهدة الأعمال الفنية القائمة على الخيال العملي، لكن هذا المسلسل أثبت لي أن الحقيقة أغرب فعلاً من الخيال، هذه الجملة المكررة بالنسبة لي كانت هي المعبر الحقيقي عما شعرت به أثناء المشاهدة.
مسلسل تاريخي.. الأحداث وقعت في عام 1986، انتحر بطل الحكاية العام 1988، وقرر الأميركان أخيراً أن يحكوها. لا يبدو صحيحاً أن يحكي القصة من يعتبر عدواً. لكن الذي حدثت القصة في أراضيه لا يبدو كذلك، لديه المقدرة على إنتاج عمل فني ضخم ويشد المشاهد بهذه الطريقة، ونحن المشاهدون لا نهتم من الذي يروي طالما أن الرواية جذابة، حتى لو كانت هناك بعض البهارات أو الكثير منها، ما يهم، هو أن العالم يفتح عيناه من جديد وينتبه، هناك كارثة حدثت قبل 33 سنة، والسبب أخطاء بشرية، لم يكن خطأ العلم، أو محاولات العلم لتوفير سبل حياة أفضل وأيسر للبشر، كان السبب هو الكذب؛ المسلسل محاكمة للكذب، كذب المسؤولين، إذا حدثت كارثة فليس المهم هو معرفة السبب الحقيقي، المهم هو تطمين الجميع أن كل شيء بخير.
المسلسل يجب أن يشاهده كل مسؤول، لأنه يجبره على رؤية ماذا يفعل الكذب، والمداراة.
الكذب يؤدي إلى كوارث، والاستمرار في الكذب يجعل تكرار حدوثها أمرا محتملا ومتوقعا.
كاتب العمل ومخرجه كريغ مازن كان عمره 15 سنة حين حدثت الكارثة، وظل طوال عمره يفكر في المسألة، وقرر أخيرا أن يبحث عن الحقيقة في العام 2015. بدأ بالبحث والقراءة فقط ليفهم ما الذي حدث تلك الليلة، وأدرك مع استمرار البحث أن العالم لا يعرف، إنه يريد للعالم أن يعرف.. الكذب هو السبب الحقيقي وراء حدوث الكوارث.
ربما هو أيضا روى الحقيقة بطريقة هوليود. ربما هو أيضا أضاف شيئا من عنده كما يفعل المنتجون في هوليود كي يصبح العمل خلابا وناجحا.
لكنه ككل عمل ناجح وخلاب، يحرك شيئا في الضمير الإنساني، وهذا هو المهم.. ما يترك الفن من أثر في ضمير الإنسان.
المصدر: جريدة الرياض