طارق الشناوي
تراجع عدد الأفلام المعروضة بنحو 10 أفلام عن العام الماضى، لدينا فى 2018 فقط 37 فيلما، المتوسط الذى ارتبطت به السينما المصرية فى مرحلة ازدهارها هو 60.. لا تصدق ما يقوله أغلب العاملين فى الدائرة السينمائية بأن الرقم كان يصل سنويا إلى 100، راجعوا الأرشيف فى الخمسينيات وحتى الثمانينيات، ستتضح ببساطة المبالغة فى الرقم، لقد تناقل أغلب الفنانين ما كتبه الأستاذ الكبير سعدالدين وهبة بما له من ثقل ومصداقية، (100 فيلم فى العام) كان عنوان مقال نشره فى مطلع التسعينيات على صفحات جريدة الأهرام مع بداية سنوات التراجع، فاعتبروه مرجعية لا تحتمل الشك، رغم أن الهدف الذى أراده «وهبة» هو أن يثير الهِمّة لدى الدولة لكى تتحرك، بعد أن هبط معدل الإنتاج وقتها إلى نحو 30%.
إنها مثل مقولة (السينما كانت بعد القطن مصدر الدخل الثانى لمصر قبل ثورة 52).. نرددها ونحن مطمئنون إلى صدقها المطلق، رغم أنها تحتاج أيضا إلى توثيق من رجال الاقتصاد، أتمنى أن يتولاه زملاؤنا فى «المصرى اليوم».. سألت الأستاذ الراحل المؤرخ الكبير أحمد الحضرى عنها فقال لى إنه سمعها من يوسف بك وهبى.. وبدون تشكيك أيضا فى قامة عميد المسرح العربى فإننا يجب أن نراجع الأمر من خلال أساتذة متخصصين لنؤكده أو ننفيه.
ليس هذا قطعا هو موضوعنا، ولكن السينما فى هذا العام، وهى تلملم أوراقها، نحاول أن نُطل عليها بنظرة عين الطائر، لن تجد نصف الكوب الملآن، لأن الفارغ أخذ القسط الأكبر، ولكن مجرد رشفات، لن تروى ظمأنا ولن تُشبع طوقنا لسينما جديرة بمصر، إلا أنها ولا شك ومضات من نور فى نفق كان يبدو إظلامه بلا نهاية.
بعض من الإيجابيات نذكرها، منها أننا شاركنا بفيلم (يوم الدين) لأبوبكر شوقى فى المسابقة الدولية لمهرجان (كان) بعد 6 سنوات، من الغياب، حيث إن المخرج يسرى نصرالله كان قد شارك فى 2012 بفيلمه (بعد الموقعة)، وقبله فى 1997 يوسف شاهين (المصير)، وهذا يعنى أنه بالقياس لتاريخنا الفقير تُعد مجرد المشاركة إنجازا.. لاقى الفيلم نجاحا لافتا عند عرضه فى قاعة (لوميير)، إلا أنه خرج خاوى الوفاض من الجوائز، ربما الخبر السلبى المتعلق بالفيلم أيضا أننا خرجنا أيضا وكالعادة مبكرا من (الأوسكار)، تجاوزت المحاولات 35 مرة منذ عام 58 فى مسابقة أفضل فيلم أجنبى، ولم نحظ بالصمود حتى اقتراب النهاية، ويقينا أننا قدمنا أفضل ما لدينا، ولكن تلك هى النتيجة، لأن هناك ما هو أفضل، اختاره أعضاء الأكاديمية الدولية الأمريكية لعلوم وفنون السينما.
وكما أشرت، قبل أيام، يجب أن نبعد شبح المؤامرة، شاهدت نحو 7 أفلام من بين التسعة المرشحة لأوسكار أفضل فيلم أجنبى وهى حقا تستحق.
ويبقى أننا حصلنا على العديد من الجوائز.. آخرها قبل أيام من مهرجان (الدار البيضاء) بفيلم (تراب الماس) بجوائز أحسن فيلم عربى والمخرج مروان حامد والممثل ماجد الكدوانى، وقبلها من (قرطاج) الجائزة الأولى للفيلم التسجيلى (التانيت الذهبى) فيلم (أمل) للمخرج محمد صيام، والتانيت الفضى التسجيلى أيضا (يأتون من بعيد) لأمل رمسيس، والتانيت الفضى للروائى الطويل (يوم الدين)، الحاصل أيضا على جائزة أفضل فيلم عربى من مهرجان (الجونة)، وفى مهرجان (القاهرة) حصل الممثل الجديد شريف دسوقى على جائزة أفضل ممثل فى فيلم (ليل خارجى) أحمد عبدالله، والفيلم المصرى (ورد مسموم) أحمد فوزى صالح توج بثلاث جوائز فى القاهرة، وفى (مالمو) جائزة الجمهور لـ (فوتوكوبى) تامر عشرى، والذى حصل أيضا على جائزة السيناريو فى (وهران)، وتواصلت المسيرة السينمائية فى أستونيا بمهرجان (تالين)، وفاز بجائزة الجمهور فيلم (الضيف) هادى الباجورى وتأليف إبراهيم عيسى وبطولة جميلة عوض، الفيلم يحيطه الكثير من الغموض، حيث إنه تردد فى البداية احتمال عرضه رسميا فى مهرجان (القاهرة)، وفجأة تعطلت لغة الكلام.. أنا لم أشاهد الفيلم حتى الآن، ولهذا لا أستطيع أن أحدد بالضبط أين يكمن الخوف الرقابى الذى دفع القائمين عليها لعرضه على جهة أخرى!، فقط ما يمكن أن نذكره عن الفيلم أنه يتبنى مشروع تجديد الخطاب الدينى الذى تدعو إليه رسميا الدولة.
السينما لم تحقق إنجازات ضخمة على مستوى المهرجانات، ولكن أيضا نستطيع أن نقول إنه كان لنا حضورنا بما يمكن أن يحظى بدرجة التواجد المشرف.
المصدر: المصري اليوم