د. مبارك الخالدي
طيف «صناعة السينما» المحلية أو السعودية يلوح في الأفق، بعض السينمائيين يرونه قريبًا جدًا، ويبشرون بسهولة وقرب وصوله، والبعض الآخر يرونه بعيدًا، لن يكون وصوله سهلًا.
للأسبوع الثاني على التوالي أكتب عن «السينما السعودية» فيما أعدُّه إسهامًا في النقاش والجدل حوله، فهو في الحقيقة موضوع يستحق كل هذا الاهتمام والجدل.
ما أطرحه هو مجرد تنبيه إلى شيء قد يكون في نظر البعض صغيرًا وغير هام لا يستحق الالتفات إليه ناهيك عن الكتابة عنه: وهو أنه لا يوجد ما بدأ بعض السينمائيين تسميته بـ(المشاهد السعودي)، ذلك المشاهد الذي يضم في داخله كل السعوديين، أو يمثلهم، الذي أسميه «المشاهد الأسطوري» أو «الخرافي».
هذا المشاهد لا وجود له في الواقع، مثل نظيره «القارئ الأسطوري» المقيم «ما أقام عسيب» في رؤوس بعض الإعلاميين الورقيين رغم كل التغيرات التي طالت عالمهم. من الخطأ أن تعلق التوقعات والآمال على من لا وجود له.
ما يوجد في الواقع ملايين من الناس، أي ملايين من المشاهدين، لا يمكن إقحامهم كلهم في قالب المشاهد الواحد. ولا يمكن تبعا لذلك التنبوء أو الوصول بسهولة إلى معرفة ما يميلون إلى مشاهدته أو اخترال ميولهم المتعددة في ميل واحد، كالميل لمشاهدة الكوميديا بنموذجها المحلي «طاش ماطاش» على سبيل المثال.
الحقيقة هي أن أمام السينمائيين السعوديين جمهورًا من المشاهدين بتجارب مشاهدة متعددة ومختلفة وعميقة وذائقات متطورة، أتوقع أن تلعب دورًا كبيرًا ومؤثرًا في استقبالهم للأفلام الروائية الطويلة التي بدأ بعض السينمائيين يعد العدة لإنتاجها، ما يكشف نظرتهم إلى الأفلام القصيرة على أنها مجرد مرحلة تدرب، مرحلة انتقالية إلى الأفلام الطويلة، مثلما يعتقد البعض على الضفة الأدبية أن القصة القصيرة مرحلة تمهيدية لمرحلة كتابة الرواية.
إن تعددية تجارب وذائقات هذا الجمهور تجعل مهمة جذبه وإرضائه صعبة للغاية، وهذا أحد التحديات التي ستواجه السينمائيين السعوديين. لا أعتقد أن هذه الصعوبة سوف تتلاشى بمجرد فتح دور السينما بالرياض وأخواتها.
هذا الجمهور العريض المتعدد لا يمثله «المشاهد الأسطوري» في أذهان البعض.
المصدر: جريدة اليوم