سوليوود «خاص»
يُستخدم مصطلح الكوميديا السوداء في مجال صناعة السينما للتعبير عن الموضوعات التي تناقش قضايا ذات أبعاد هامة وخطيرة من خلال إضفاء طابع يتميز بالجرأة والفكاهة لها، ولكن بعيدًا عن الابتذال، وذلك من خلال إطار ساخر مع الاحتفاظ بجانب الجدية في الموضوع؛ إذ تستعرض الجوانب السلبية للحياة بروح الفكاهة الصادمة وغير المتوقعة، فهي تعبر عن فن استخدام الفكاهة السوداء للتعامل مع المواضيع التي يُحذر مناقشتها اجتماعيًا؛ لكن بطريقة أقل جدية وأكثر خفة. ويعتمد صانعو أفلام الدعابة السوداء خلال إعداد أعمالهم على جانب من السخرية والدعابة في الموضوعات التي تتمحور قصة العمل حولها لتمرير رسائل الأعمال، لكن تكون سوداء وربما تحمل جانبًا من التناقض، حيث تجمع أمورًا مثيرة للضحك مع موضوعات حزينة وتدعو للبكاء في ذات الوقت.
جمهور خاص
من أبرز القصص التي تدور حولها فنون الكوميديا السوداء، الموت والانتحار والحرب والإرهاب وقضايا العنف البشعة وتأثير تناول المخدرات على المجتمع والأفراد، علاوة على اهتمام صناعها بتناول موضوعات الخيانة الزوجية وما ينتج عنها من جرائم وحشية، وكذلك قضايا العنصرية والتمييز بكل صورها التي ترفضها الإنسانية، والجريمة بشكل عام. وتجذب هذه النوعية من الأعمال قطاعًا خاصًا من محبي الفن السابع حول العالم. وقد خلص فريق من علماء النفس وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Cognitive Processing، إلى أن الذين يقدرون الكوميديا السوداء قد يكون لديهم معدل ذكاءٍ أعلى، وعدوانية أقل، ويقاومون المشاعر السلبية بصورة جيدة.
تاريخ الكوميديا السوداء
يعد الكاتب الإيرلندي «جوناثان سويفت»، منشئ الكوميديا السوداء في القرن الثامن عشر. وقد بدأ الروائي السريالي الفرنسي «أندريه بريتون»، خلال ثلاثينيات القرن العشرين، تحليل أعمال سويفت، ولا سيما عمل حمل اسم «اقتراح متواضع»، وهو عمل مليء بالمرح حول إنهاء المجاعة عن طريق التهام الأطفال. وقد صاغ برينتون المصطلح في كتابه Anthology of Black Humor، ونسب الفضل إلى جوناثان سويفت بأنه منشئ للكوميديا السوداء. ووصلت الكوميديا السوداء إلى السينما مع أفلام مثل: فيلم Frank Capra’s Arscenic، وOld Lace، وThe Ladykillers، وDr. Strangelove، وبلغت أوجها في السبعينيات والثمانينيات مع أفلام مثل: Network، وHarold، وMaude، وMel Brook’s The Twelve Chairs، وThe King of Comedy، وAfter Hours، وHeathers، وRuthless People.
أفلام حازت جوائز هامة بسبب الكوميديا السوداء
«The Ballad of Buster Scruggs»: يعد من أفلام الكوميديا السوداء الأميركية البارزة، وهو من تأليف وإخراج إيثان كوين، وجويل كوين. عرض الفيلم لأول مرة في مهرجان البندقية السينمائي الدولي رقم 75، وصنفه المجلس الوطني لمراجعة الأفلام ضمن أفضل 10 أفلام في 2018.
«Dr. Strangelove»: صدر هذا العمل عام 1964، وأخرجه ستانلي كوبريك، وهو يقدم معالجة كوميدية سوداوية مثيرة للظروف المحيطة بإسقاط قنبلةٍ ذريةٍ، وحاز العديد من الجوائز منها: جائزة هوجو لأفضل عمل درامي 1965، وجائزة البافتا لأفضل فيلم لنفس العام.
«A Fish Called Wanda»: يعد من أعمال الكوميديا السوداء المميزة. وتم إنتاجه في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، وهو من إخراج جون كليز. وحاز جائزة الأوسكار عام 1987.
«Wild Tales»: يصنف هذا العمل ضمن أبرز أعمال الكوميديا السوداء الأرجنتينية، ويتضمن 6 قصص مختلفة تمحورت كلها حول ثيمة الغضب. في كل قصة، نتابع البطل فيما يتعرّض لموقف ما يفقد على إثره أعصابه، ومن ثمّ يتخذ رد فعل يُخالف كل التوقعات، وهو من إخراج داميان سزيفرون. وحصل الفيلم على إعجاب الكثير من النقاد؛ حيث فاز بالعديد من الجوائز ومنها جائزة البافتا لأفضل فيلم ليس باللغة الإنجليزية، وجوائز جويا لأفضل فيلم أجنبي. وترشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية في حفل الأوسكار السابع والثمانين، وترشح لجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي 2014.