سوليوود «وكالات»
تفتقد الدكتورة آسيا خليل الرواف “ابتسامة” والدها، الذي يعتبر أول عربي تطأ قدماه هوليوود منذ بداياتها في الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث وصلها بعد رحلة طويلة ابتدأت من مسقط رأسه مدينة بريدة بمنطقة القصيم، وتنقل خلالها بين عدة مدن عربية قبل أن تحط رحاله في هوليوود، التي كانت ناشئة في ذلك الحين، ليقتحم مجالها السينمائي ويشارك في الفيلم الشهير “Cover the War” الذي لعب بطولته أسطورة هوليود جون واين عام 1937، وذلك كما جاء في العربية نت.
قالت: “الوالد متعدد المواهب، مغامر من الدرجة الأولى ورحالة، وقضى فترة من حياته بأميركا، وكان لا يتوانى عن تجربة أي شيء جديد، حتى مشاركته بالتمثيل كأول سعودي يشارك بالسينما في هوليوود، كانت بالمصادفة حيث تزامن تواجده بأميركا مع تصويرهم لفيلم يحاكي طبيعة الصحراء، فكانوا يرغبون بالاستفادة من تجربته، بالزي البدوي والعادات والتقاليد، وبعدها اشترك بالفيلم”.
وكجزء من شخصيته، كانت الكتابة، فتكريمه بمعرض الكتاب لم يكن الأول فقد تم تكريمه سابقاً عام 2007م، عن مذكراته، كما قامت بإصدار كتاب صغير عن “الرواف” تكلم عن شخصيته، وهذا العام كرم على أنه من رواد السينما.
“المجتمع السينمائي لا يناسبني”
وأضافت آسيا خليل الروف: “الدولة لا تقصر فعينها دائماً على الأوائل والرواد، وتعطيهم حقهم من التكريم، فتكريم الوالد هذا العام من ناحية أخرى غير التي كرم عنها سابقا، وأسعدنا هذا التكريم سواء أنا أو أختي أن نكرم في الوالد نفسه.. فلم نكن نتوقع أن يكرم الوالد كونه مثَّل في فيلم أجنبي، لأنه اعتزل بعدها، بسبب أنه كان يقول (المجتمع السينمائي لا يناسبني، في معتقداتي، وعقائدي، وعاداتي)، وقد تم عرض العديد من الأفلام عليه، إلا أنه كان يرفضها بطريقة لبقة، وانسحب بطريقة لم يتضايق منها أحد”.
واعتبرت “أن السعوديين حتى لو هاجروا أو سافروا أو غامروا أو قاموا بأمور ليست من مجتمعهم، يبقى لديهم أشياء تحكمهم مثل دينهم واعتقاداتهم والتزاماتهم، وأكبر دليل على ذلك البعثات بالتعليم والسعوديون من أكثر الجاليات في هذا المجال”.
وأشارت إلى أن والدها كان قليل الكلام، ومحباً للمغامرة والترحال، وكان يسافر مع قوافل “العقيلات” التي كانت تذهب للشام والعراق للتجارة، وكان بسيطاً جداً في المفردات التي كان يستخدمها، كما أنه كان يمتاز بالتلقائية والإقدام، وكانت مساحة شخصيته تغطي كافة الأعمار من الطفل حتى الكبير، وابتسامته كانت دعوى للأريحية والقبول، موضحة أن ذلك انعكس عليها هي وأختها.
قصة زواجه
وسردت الدكتورة آسيا الرواف قصة زواج والدها من والدتها المصرية، حيث قالت: “عندما عاد والدي من أميركا كان بعد طلاقه من زوجته الثانية الأميركية قابل والدتي في الإسكندرية، عندما خرجت من إحدى المحلات فأعجب بها ولحقها إلى منزلها وبعدها تقدم لخطبتها وتزوجها”، مشيرة إلى أن والدتها كانت مثقفة وتتحدث الفرنسية والإيطالية بجانب العربية ولديها خلفية سياسية، ووالدها من تجار الإسكندرية”.
وتابعت: “كنت أفكر أنا وأختي كيف اقتنص والدي كل هذا بوالدتي، وهو حتى لم يجلس معها أو يتحدث معها، وهذا يفسر تجربته بالترحال والسفر، فهذا قد علمه الفطنة، واختيار المناسب له، وكنا نقول دائماً إنه اختار أمي لنا وترك لها حرية التربية والدراسة، فكانت جداً مهتمة بالتعليم، وأكدت علينا أن الشهادة الجامعية شيء مهم ولا نقاش فيه، وبالرغم من أن ثقافة والدي ووالدتي مختلفة حيث إن والدي رحال، وشخصيته بسيطة، ولكنها تخفي أشياء لا تظهر إلا بالوقت المناسب، وهي مستقرة، وملتزمة وصاحبة شخصية قوية، فكانا يتفقان على عدة أمور بحكم الخبرة، واتفقا على أن أحصل أنا وأختي على دراسة كاملة”.
وتابعت الحديث عن والدها قائلة: “كان والدي لا يعبر كثيراً بل يكتفي بالإشارات خاصة بالأشياء التي لا تنال إعجابه، وكان يعشق اللغة العربية، حتى إنه يحفظ المعلقات، وكان يكتب الشعر، حتى إن ابنة أخي من أمي كانت تقيم معنا لفترة وكانت تحفظ من الوالد أبيات الشعر التي كان يقولها، وعندما زار أميركا وكان معه الدكتور عثمان الرواف، وكان يقول إنه شاهد الاحتفاء بوالدي في المدرسة التي افتتحها لتعليم اللغة العربية”.
كتابة المذكرات
وكان الرواف يكتب مذكراته باستمرار وعلى مدى عدة سنوات، فالمسودة الأولى انتهى منها في أواخر الستينيات، ثم نقحت وأضاف عليها في الفترة التي عاشها بالمملكة، والذي ساعد على حفظ هذه المذكرات هو والدتها التي كانت تقوم بجمعها وحفظها في بيت القاهرة، لأن والدها كان يعرضها على أشخاص ويقوم بتوزيعها عليهم، وخشيت والدتي من ضياعها، وخاصة الصور التي كان الوالد يوزعها، فبعض الصور المنشورة بالكتاب لم نعد نجدها.
وحول مؤلفات والدها قالت: “البداية كانت عندما نشرت المؤسسة السعودية للأبحاث والنشر مذكرات الرواف، كانت هي أول من نشر الكتاب بالمدينة المنورة، ولما صدرت مرة أخرى تكرم عليه عام 2007م، وقامت وزارة الإعلام بإقامة ندوة عن والدي وبعد الندوة طلبت عدة دور نشر طباعة الكتاب مرة أخرى، ووصلنا لوم كبير لماذا لم نعيد طباعة المذكرات من جديد، فكانت دار جداول من اللذين بادروا، وجاءنا اتصال من الدكتور محمد السيف، وعرض علينا طباعة المذكرات وألح في ذلك، وميزتهم الانتشار داخلياً وخارجياً، وذلك ساعدنا كون الدار متخصصة بالتاريخ السعودي، وتم ذلك وصدرت من عام 2015 إلى الآن طبعتان للكتاب”.
موضوع يهمك ? عرضت فقرة “العربية.نت اليوم”، الأحد، مجموعة من الأخبار المنوعة من تقديم #هبةفارس ضمن برنامج #صباحالعربية.البداية من…العربية.نت.. قصة إبل “هوليوودية” وملابس معلقة في المغرب الأخيرة
وأشارة الدكتورة آسيا إلى أن “الكتاب وجد أصداء جميلة وأفضل من علق عليه كان د. محمد الربيع، حيث ذكر أن خليل الرواف يعتبر شاهد قرن كامل، تفاعل مع أحداثه والتزم بالصدق في روايتها، وفي البحرين عرضوا للوالد فيلماً وثائقياً وأعطوه حقه بمدة 45 دقيقة، وتحدثوا عن سيرته بشكل تفصيلي”.
نواف “الأميركي”
وعن علاقتهم بأخيهم “نواف” من أم أميركية قالت: “إن التواصل انقطع معه، وكان الوالد ما زال حياً، ولا نعلم الأسباب، وعندما زار السعودية للمرة الوحيدة زار فيها الوالد وبعد سفره، انقطع التواصل به، حتى بعد وفاة الوالد لم يكن هناك أي نوع من التواصل”.
وقالت آسيا إنها تفتقد “كثيراً ابتسامته” وفي آخر أيامه تعب كثيراً لكنه لم يفقد أسلوب تعامله مع الآخرين رغم ضعف ذاكرته، فلما كانت تعود له الذاكرة كان يتحدث عن أشياء لم نكن نعلم عنها، والأمور التي مرت به ويسترسل بذكر تفاصيلها الدقيقة.
وختمت حديثها: “بعض الأحداث التي كان يذكرها عندما تعود له ذاكرته تفاجئهم لأنهم لم يكونوا يعرفون عنها، ومنها بعض الأشخاص الذين كان يعرفهم، وعن بعض الأماكن التي زارها، ولم يكن يتكلم عنها ولا أظن أنه تكلم عنها لأحد حتى عندما كان يدون كان يدون أشياء يستطيع التحدث عنها بطلاقة، فقد كان شخصا مؤتمنا على الأسرار، خاصة أنه عاصر الملك عبدالعزيز وزيارات الملك فيصل، والملك خالد”.