عبدالله الدريويش
صحوت من اندماجي مع الفيلم عندما كادت تموت جميع الشخصيات فيه، كان أول فيلم مدته 3 ساعات أشاهده دون ملل، فكرته مغايرة عن كثير من الأفلام، ويستكشف حقبة لم أعشها قط في مجتمع لم أعاشر مثله قط.
أتحدث عن فيلم The hateful eight من إخراج وكتابة كوينتن تارانتينو عن 8 «أوغاد» حبستهم عاصفة ثلجية في محل خردوات، يتقاتلون حتى الموت لمصالحهم المختلفة، وقت الحرب الأهلية في أميركا.
أعترف بأنني تعاطفت مع الأوغاد، بتحالفاتهم الغريبة ومبادئهم الأخلاقية الغريبة، أردت بشدة أن أعرف كيف سينتهي صراعهم.
عندما يتبادر إلى ذهنك تلك الأفلام التي ساهمت في تغييرنا فكريًا وأثارت تعاطفنا أو حفيظتنا أو شهيتنا تجاه شيء ما أو قضية ما، تجد أنها جميعًا نجحت في إمتاعنا وإدماجنا أولاً، أطاحت بدفاعاتنا وأرخت حواجزنا، لتكون أولاً وثانيًا وثالثًا تجارب ترفيهية لمشاهدها. ثم يمكنك أن تقول، جزئيًا، إنها أعمال فكرية أو ذات أهداف.
ستجد القصص السينمائية مختلفة جوهريًا، متشابهة ظاهريًا مع جميع أنواع السرد القصصي. الحكواتي المفوّه، والروائي الفذ، وغيرهم من الفنانين محتاجون لمهارات جديدة تمكنهم من صناعة القصص لتكون سينمائية.
كونك سيناريست، ستتعرف على شخصياتك بعمق، لكنك ستروي طرفًا صغيرًا ومثيرًا، يظهر بتفاعلات الشخصية والتغييرات الجسدية والتصويرية، لا عن طريق الحوار.
ستعشق الصراع، ستصمم الأماكن في عقلك ليرى المشاهد طرفًا من حبكتك لم تحتج للكلام عنه. ستحول أوصافًا طويلة إلى رمزيات بصرية.
ستبني في خيالك عالمًا ثريًا بصريًا وثقافيًا، تجوبه شخصياتك، تغيّره وتتغيّر به. وتحوّله صراعات القصة إلى مكان جديد نتعرف عليه، نراه بعدما حوّلت التوازنات الجديدة للقصة أماكن أبطالنا وأعدائنا.
تجوب بنا ما لم تطله حواسّنا، كمغامرات الطيارين والبحارة وصيادي الكنوز، واعترافات الخونة والمحتالين، والعواقب المجتمعية والأخلاقية حينما تأتي على حين غرة.
أعترف بأنني احتجت لأسابيع قبل أن أكتب أول كلمة من هذه المقالة، وقررت أن أنهيها في يوم واحد حتى لا أواجه رهبتها مرات عديدة.
كاتبة السيناريو، على الطرف الآخر، عندما تكتب، فإنها تضع في اعتبارها:
الحبكة وبنيتها والتصاعدات، والحبكات الفرعية، والأنثروبولوجيا الثقافية، وكيفية تطور الصراع.
وتبني لكل شخصية غايات وصراعات تواجهها ونقاط ضعف وتاريخًا نفسيًا وعاطفيًا، وصداقات وعداوات وتناقضات، وكل شخصية تتفاعل مع عالم القصة وتجد نفسها في مهمة، داخل توازنات متغيرة خلال القصة
كما تصيغ أنواعًا من الحوارات تدعم إظهار القصة.
كما تفكّر الكاتبة في المُشاهد، كيف ستتكشف له القصة، وتأثيرها العاطفي، والسياق الاجتماعي، ووجهة النظر التي تُروى من خلالها القصة
لا تُنسى كذلك. إن للكاتبة أسلوبًا مختلفًا، وحجة أخلاقية عن موضوع القصة، كما أدت دورها في البحث العميق عن التفاصيل، لتكون القصة متكاملة جماليًا ومنطقيًا.
هنا تمامًا، يقع أجمل تحدٍّ، «صناعة السرد القصصي». ذلك المفهوم الذي تتسابق عظمى المنظمات ومراكز الأبحاث لفهم وإتقان تأثيره على الأفراد.
هذه الصنعة الفنية الملهمة هي التي جعلتنا نبدأ ببناء ما أسميناه لاحقًا «واتزن».
أردنا أن نلهم ونصنع ونساعد من يريد أن يتميز في السرد القصصي.
تخيل كيف تجعل دورك كـ«صانع تجربة قصصية» أكبر من كتابة المعالجة والإبداع الفردي. كيف تنظر إلى مخطط يحوي عددًا من العناصر القصصية، متجاورةً ومحبوكة بحرفية. كيف تعمل مع الذكاء الاصطناعي على تحليل مخططك القصصي وربط جوانبه المختلفة لتحرك القلوب وتغير العقول.
يمكنك أن تبدأ الآن، بأن تتقن عناصر السرد القصصي، وتغذي حجتك وتجعلها أكثر جمالاً وعمقًا من خلال فهمك للتأثير القصصي على ضيوفك المشاهدين. عندها فقط تجد طاقم زملائك أكثر حماسًا لتطوير قصتك، جاعلين إياها لوحة فنية سينمائية عظيمة.
في مقالات فريق واتزِن القادمة نستقي من الأبحاث وخبرات صناع القصص والتحليلات المتعمقة، إضاءات عملية تساعدك في صناعة تجربة قصصية ممتازة.
طابت أيامكم..