سلطان فادن
بعض الأفلام تأتي بقصص درامية عميقة، تكون مستندة كخلفية على حالات استثنائية في زمن حرب، في زمان ما ومكان ما. وغالبًا هذه القصص تعبر عن حالات التخلص من هذا الارتباط وتعكس مشاعر المرارة والصعوبة والقساوة، عبر رؤية المخرج.
فيلم درامي سوداني عن قصة صداقة بين سيدتين شمالية سودانية مسلمة «منى» وجنوبية مسيحية «جوليا»، في زمن قريب، في سنوات ما قبل انفصال جنوب السودان. تحاول كل واحدة منهما التحرر في أوقات صعبة.
الفيلم بكامله رؤية كاتبه ومخرجه محمد كردفاني. ويعتبر تقدمة جيدة وقوية للأفلام السودانية، بدعم إنتاجي كبير من جهات متنوعة.
تمت كتابة الفيلم بطريقة متوازنة وبتدرج جيد للأحداث. حاول المخرج بدرجة كبيرة التوازن بين ثقل الدورين الرئيسيين للبطلتين، إلا أنه مال أكثر نحو جوليا. وأيضًا بمحاولة أكبر بربط أحداث الفيلم بأحداث الانفصال الجنوبي.
سير إيقاع الفيلم كان إلى حد كبير معقولًا، وكذلك القفزة الزمنية مقبولة، إلى ما بعد حوالي ثلثي مدة الفيلم. حينها تعرض الفيلم إلى بعض “الهفوات” وفقدان التوازن ليس له علاقة بالفيلم: مثل مشهدي لبس منى النقاب، وكذلك حمل زوج منى للسلاح.
في الثلث الأخير من الفيلم وضح فيها «فرض» أفكار النسوية على سرد الفيلم. فظهرت الشخصيتان الرئيسيتان أنهما تحت اضطهاد، بينما معظم الشخصيات الرجالية شريرة وتحمل سلاح «الرشاش». وهو غير مبرر في زمن أحداث الفيلم، وهو زمن حرب وعدم استقرار، وهي أزمنة تختفي وتختلط فيها الحدود، ويقل فيها الوفاء. فرق كبير عن فيلم «The English Patient».
في لحظات كثيرة، أحسست أن الفيلم يميل أكثر للتوافق مع الصورة النمطية عند الغرب، لمنطقة الشرق الأوسط وللسودان بشكل خاص.
لكن يحسب لكردفاني زوايا التصوير وجودة الكاميرا والإضاءة المدروسة. وبطلات الشخصيات الرئيسية كانت في مستوى جيد، قياسًا بحداثة التجربة السودانية في الأفلام.
أما بالنسبة للحوار، فأنا شخصيًا شاهدت الفيلم مرتين، أولًا لعدم التعود على اللهجة السودانية في الأفلام، أو لضعف تدريب المخرج لطاقم التمثيل في تغيير درجات ونبرات الصوت مع مشاعر الحوارات المكتوبة.
الفيلم جيد جدًا «8/10».