تغريد العتيبي
يُعد هذا المساعد من أحد أوائل الدراسات التي عُنيت بتجميع مواضيع وتوجهات مختلفة في القوطية ودراساتها، فقد حُرِّر من أبرز النقّاد والقرّاء والمنظّرين في الثقافة القوطية جيرولد إي هوغل عام 2002. لكن جوهر هذا المساعد هو سعيه إلى إيصال المعلومات مهما بلغ تعقيدها في الفلسفة أو الثقافة في أسلوب مختزل وموجه للباحثين المبتدئين أو طلاب الجامعات. لكنه بالرغم من ذلك، قد اعتمد في اختزال تلك المفاهيم والتوجهات على أربعة عشر ناقدًا ورائدًا في مجال القوطية، لعلّنا نذكر أبرزهم وهم: ديفيد بنتر وأليسون ميلبانك وكيلي هرلي وميشا كافكا وستيفن بروم وفريد بوتنغ ليسردوا حكاية القوطية من الستينيات في القرن الثامن عشر، حيث يُعرف بعصر القوطية الكلاسيكي إلى نهاية القرن العشرين، متكوّنًا من دراسات تناقش القوطية الإبداعية سواء كنص أو تصويرات كرسومات ولوحات بالعودة إلى السياقات السياسية كالاستعمار وما بعده، والحركات الفكرية كالرومانسية وما بعدها، والتوجهات كالوطنية والقومية والثورات الصناعية والقضايا المتزامنة، كالعنصرية والتمييز في أميركا وأوروبا وغيرها، من هيمنة أساليب أدبية وتأثيرها وتداخلاتها مع القوطية، كالرواية الواقعية والمسرح والدراما، وبزوغ فجر السينما، وسقوط هرم الثقافة «العالية» و«العامة»، والمتغيرات حول الفرديات والهويات، ومفاهيم الحياة والموت والعقلانية والجنون. بالرغم من كل تلك المواضيع فإنّ المُساعِد خصَّص مساحة لاقتراحات عدة، للتوسُّع في أيٍّ منها. وللتسهيل أيضًا قد وفر ترتيبات وخطوطًا زمنية لأهم الأعمال والروايات القوطية والحركات المؤثرة.
لعل أحد أهم ما قدمه المساعد هو مقدمة جيرولد إي هوغل، حيث كتب في القوطية الغربية. ومن هذا المنطلق سعى هوغل لرسم جوهر القوطية، عوضًا عن تعريفها في أسطر وكلمات محدودة، بحيث أنها في الأساس هي كل ما ينافي الحدود باختزال، لكنها لم تستقر على تكوين صنف أدبي فقط، بل تعدّته إلى إلهام ثقافة القوطية كموسيقى وأزياء وأفكار، وغيرها من الفنون والتفرعات، إلى أصناف أدبية أخرى. لكن أهمّ ما طرحه هوغل في القوطية أنه بالرغم من قوالبها المتكررة، مكونةً نمطيةً معينةً في الجماليات القوطية- فإنّها تُقرأ كـقوالب «فارغة»، بحيث إن كل ثقافة بإمكانها إلباس أي رمز في المجتمع وشاح مصاص الدماء، أو الإشارة إلى أي قضية أو عرقيات كوحشية، فتكون تلك جماليات القوطية النمطية المعتادة، لكنَّ قراءاتها الثقافية متغيرة حسب السياقات والزمان والمكان.
وكأنما أراد هوغل بعد أصول القوطية كقسم، أن يُجسِّد تلك الفكرة التي استند إليها في تحرير وتجميع المساعد في فصول عدة، تناولت قراءات متزامنة بين القوطية الفرنسية والألمانية والأيرلندية والأسكتلندية والقوطية والرومانسية في بريطانيا، والقوطية الإنجليزية ونهوض القوطية الأمريكية. فأغلب تلك الأعمال تعتمد على الجيوغرافية السياسية والحركات الفكرية واختلافها، بحكم اختلاف الأماكن والمنظورات لها.
وعلى غرار تلك اللوحة الطبوغرافية التي رسمها هوغل في تشكيل ماهية القوطية واختلافاتها وتنوعها، بالرغم من تشابه قوالبها ونمطية أسلوبها، فإنَّ القراءات تعددت والأصناف والوسائط أيضًا، فقد خُصِّص فصلٌ مثلًا من دراسة جيفري إن كوكس للمسرح القوطي الإنجليزي والقوطية الفكتورية في الروايات الإنجليزية من كتابة أليسون ميلبلانك، وتقرأ روايات القرن التاسع عشر من 1830 إلى 1880، وقد تُعدّ العصر الذهبي في إنتاجات القوطية وتفرّعها من واقعية ظلامية وقصص أشباح وقلاع شاهقة، وتكوّن أدب مصاصي الدماء، والاعتماد على العلوم النفسية والطبية والمكتشفات والتطورات في طرح تلك السرديات كدراكولا والطبيب جكيل والسيد هايد. ويطرح هوغل فصلًا آخر من بحث وكتابة أحد رواد النقد القوطي كيلي هرلي في الكتابات القوطية البريطانية، بالذات من 1885 إلى 1930؛ حيث يأتي بعد ذلك على الخط الزمني بزوغ فجر السينما، فتكتب ميشا كافكا قراءة نقدية قوطية لأعمال القوطية على الشاشة.
من هنا يتوقف هوغل على القوطية في محطة مهمة، وبحث محوري، كُتب من قِبل ليزابيث برافيسيني غيبيرت للنظر والقراءة في القوطية في الاستعمار، وما بعد الاستعمار، وما قد تكون مثلت الوحشية في كلا المنظورين، حيث إن النتاج الثقافي في كلٍّ منهما معتمدٌ على رموز القوطية في مد أصابع الاتهام للآخر وتشكيل وجه البربرية في الحروب. ويتركّز القسم على مبحث في القوطية الكاريبية كمثال على مدى تصوير الاستعمار الإنجليزي للشخوص الكاريبية كرموز للجنون والانحطاط والبدائية، وهي جميعها تصويرات تنم عن التمييز العرقي والقومي؛ حيث برزت أعمال أخرى كاريبية تكتب وتتخاطب مع تلك السرديات في أعمال قوطية أخرى.
من هنا تنتقل القراءات إلى القوطية المعاصرة من كتابة أحد منظّري القوطية ستيفن بروم، حيث يركز على أهميتها، ولماذا نحتاج إليها كصنف وكنمط قراءة للقضايا المعاصرة في خضم المتغيرات في المفاهيم وتعدد المنظورات والقراءات. ينتقل المساعد بعد ذلك إلى «ما بعد القوطية» كقراءة من فريد بوتنغ في الاستهلاكية والآلات والثقوب السوداء، حيث تنظر إلى كل ما يحيط بالقوطية كثقافة واستهلاك وعولمة. بعد تلك القراءات يتوصل المساعد إلى عرض قوائم بتعريفات مهمة واقتراحات لقراءات توسعية في أي من تلك التوجهات، وخطوط زمنية للمؤثرات والأفلام القوطية. بهذا يكون هوغل قد قدم مساعد كامبردج في شمولية واختزال يستحق الإشادة والاطلاع من قراء القوطية ومستهلكيها والباحثين وطلاب الجامعات.