تغريد العتيبي
حُرِّر هذا الكتاب من قبل الناقد في أدب الرعب ديفيد بنتر، الذي يُعرف على نطاق واسع بأنه مؤسس النقد القوطي الحديث حيث نشر عام 2015 نسخة جديدة ومحدثة من المساعد السابق الذي قد حرره عام 2000. يتضمن المساعد توسُّعًا في إضافة ما يقارب اثني عشر مقالة ودراسة جديدة تناقش مدى تطور وتغير بعض المفاهيم والشروحات في النظرية النقدية لأدب الرعب والقوطية. وما يبرز أيضًا هو إضافة قسم جديد يطرح توجُّه «عولمة القوطية» خلال العقد الماضي. عوضًا عن ذلك، فقد تمت مراجعة الدراسات السابقة لتعكس التوجهات المعاصرة.
يتتبع العمل بشكل عام سلسلة من الأطروحات المحفزة حول الكتابة القوطية وتاريخها وأصولها. فبعد تقديم القوطية في مقدمةٍ جديدة على أنها جسر ثقافي يمتد ما بين ما قد يُصنَّف بأنه ينتمي للأدب «العالي» أو الأكاديمية وما بين الثقافة العامة وصوت المجتمع وما تراه الأكاديمية بأنه أدب شعبي. فالقوطية قد تجمع النظريات النقدية في التحليل النفسي والصدمات كونها استُخدمت كتصويرات لبعض الحالات في أطروحات فرويد إلى دراسات ومحاضرات لاكان وغيرهما، إلى النظريات الاجتماعية والأخلاقية في تطرقها لسرديات القتلة المتسلسلين والإجرام والعقل، ودوافع الجريمة والنظريات السياسية، وما بعد الاستعمار، كتصوير أعراق وأماكن حروب ووحشية وثورات الأموات الأحياء، ونظريات العولمة والحداثة والفنون بانتمائها إلى صنف متغير في حد ذاتها، إلا أنه يملك قوالبَ متعارفًا عليها واكبت عدة حركات فكرية وفنية متغيرة، لتكون الجسر الواصل بين فترات زمنية مختلفة. حيث يتضمن المساعد عدة كتابات وقراءات من قبل مجموعة من كبار المنظرين والنقّاد لمختلف تلك التوجهات في سعيٍ لطرح شامل يبرز أهمية وحداثة وشمولية نقد أدب الرعب والقوطية.
تفتح أقسام المساعد بمقدمة معنونة «شبح التاريخ» كُتِبت مِن قِبل بنتر، متطرقةً إلى خلفيات متعددة عن القوطية وعلاقتها بالسرديات التاريخية فهي صوت وشبح تلك السرديات المهيمنة والأيديولوجيات التي سطَّرت قصصًا انحيازية، فدراسة تلك «الأشباح» تعنى بدراسة الصوت الكامن.
القسم الأول عبارة عن الخلفيات القوطية محتويًا على عدة مقالات منها ظلامية القوطية في الهتروتوبيا والثقافة والقوط في التاريخ، وقوطية «ما قبل القوطية»، وقوطية شكسبير، والقوطية الأوروبية، والقوطية في القصائد والأغاني الشعبية الملحمية. أبرز من كتب في هذا القسم هم المنظّران الرائدانِ في نظريات القوطية وأبحاثها: فريد بوتينغ، وديل تاونشيد.
أما القسم الثاني فقد تناول القوطية الأصلية مفتتحًا القسم بدراسات لأهم مؤلِّفَيْن مؤثِّرَيْن في صنف القوطية الكلاسيكية: آن راديكلف، وماثيو لويس، يليه دراسات في أعمال المؤلفة العريقة ماري شيلي ورواية «فرانكشتاين». ثم تتفرع الدراسات إلى أعمال والتر سكوت وجيمس هوغ والقوطية الأسكتلندية. على غرار ذلك تبعها دراسات في القوطية الأيرلندية وأهم مؤلفيها كـ«سي آر» ماترين و«جي إس» لو فانو. مختتمًا هذا القسم بدراسة في الثقافة السياسية للدراما القوطية.
القسم الثالث يتتبع حقبة أخرى مُعنوَنًا بـ«تحولات القرن التاسع عشر والعشرين» مبتدئًا بالقوطية الأميركية في القرن التاسع عشر ثم دراسة في ما يميزها كبروز صنف فرعي «قصة الشبح». بعدها خصَّص مقالًا يتطرق للقوطية في العقد الأخير من القرن التاسع عشر 1890. يلي ذلك مدخل في تصويرات مصاصي الدماء الأدبية في القرنين التاسع عشر والعشرين. ومن ثم مبحث في صنف كتابات الرعب والبحث عن تعريف، وآخر في الكتابات النسوية المعاصرة لمصاصي الدماء. يتبع ذلك دراسة في فيلم القوطية مختتمًا هذا القسم بمدخل في الشكل والظل، الشعر والغرابة المرعبة، الذي قد كتبه بنتر بنفسه.
القسم الرابع يأخذ منحًى أكثر تعقيدًا حيث يتطرق إلى «النظرية القوطية ودراسات الصنف»، مفتتحًا ذلك بالنقد القوطي، ثم مفهوم العظمة والرهبة القوطية، والقوطية والتحليل النفسي، والقوطية في الكوميكس، والقوطية في الروايات المصورة، وثقافة القوطية. يتميز هذا القسم بشموليته لجوانب مختلفة من تداخلات القوطية والنظرية اﻷدبية والثقافية والفنية وأيضًا لمفاهيم قوطية في حد ذاتها مثل الرهبة الظلامية والنظرية النقدية للقوطية.
أما القسم الخامس فيتطرق لعولمة القوطية مغطيًا جوانب مختلفة مثل القوطية الأسترالية وقوطية نيوزيلاند والقوطية الكندية والقوطية الآسيوية والقوطية اليابانية. حيث يتفرع كل منها في دراسة قواسم الاختلاف والتشابه وما يميز كل منطقة على حدة من تصويرات وتفسيرات لأشباح وأساطير وكتابات رعب محلية، وتأثيرها في ثقافة القوطية العالمية، من خلال عولمة بعض التصويرات، لتصبح جزءًا من «الثقافة العامة» كدراكوﻻ وفرانكشتاين.
يلي ذلك القسم الأخير وهو القضايا المعاصرة من مباحث دقيقة في ما يشغل حيِّز وفضاء النقاش النقدي حاليًّا متمثلًا في دراسة في «البطلة القوطية» ونقّادها وكيفية كتابتها، ودراسة في الجندر والأجندات في أعمال ستفين كينج، و«رؤية الأشياء»، مشيرًا إلى القوطية وجنون التفسير، ومبحث في شبح القوطية للمزيف وتقدّم دراسات «البشع» وتصويرات الفزع والاشمئزاز، ومفهوم «الأبجكشن»، وآخر في الواقعية الساحرة للقوطية المعاصرة، ومبحث في دراسات الضيافة القوطية وتصويرات الزائر والعابر والمسافر والراحل وتداخلات الرعب والزمن.
من خلال تلك الأقسام وتعدُّدها وشموليتها لمفاهيم ومواضيع ومباحث وقضايا في القوطية والرعب، ديفيد بنتر يجمع في هذا المساعد دراسات وأبحاثًا مؤثرة ومميزة في النظرية النقدية القوطية ومفاهيمها، معتمدًا على أبرز الأصوات والنقاد والمنظرين والباحثين في القوطية، كفريد بوتينغ وديل تاونشيد وفيجاي ميشرا وروبرت مايلز وفيكتور سيج وآﻻن لويد سميث وغلينز بايرون وويليام هيوز وكليف بلووم وكريس بالديك وآفريل هورنير وسو زلونسيك وكاثرين سبونر وكين غيلدر وستيف بروهم وجيرولد هوغل ومقاله الخاص غير المقدمة.
فكل هذه الأسماء العريقة ليست شاملة لكل ناقد كتب، ولكن تلك الإسهامات من كبار المؤثرين في النظرية القوطية جعلت هذا المساعد صوتًا بارزًا في دراسات القوطية لمن أراد نظرة عامة لكن عميقة وفريدة وشاملة لصنف القوطية ودراسات الرعب.