سوليوود «وكالات»
يستمر الفن في استخدام التطور التكنولوجي لخدمة أفكاره، ومع تزايد النقلات الفكرية التي تتيحها المعرفة العلمية، أصبحت عملية الدمج بين الفن والعلم تمثل جاذبية للمشاهد، بهدف اكتشاف المستقبل والتعرف على التقنيات التي سيسير عليها العالم بعد عقود، وذلك كما ورد في إرم نيوز.
ففي فيلم ”message man“ للمخرج الأمريكي كوري بيرسون، والمنتَج عام 2018، يقدم فريق العمل أفكارًا لافتة، من خلال رصد التحرك للإنسان عبر تقنيات إحداثية مصورة من القمر الصناعي، يستخدمها الإنسان هذه المرة في القضاء على مجموعة من القراصنة.
الفيلم من بطولة بول أوبيرون، الذي قدم شخصية راين، وفيردي سليمان، الذي قدم شخصية إلي، وآجي سانتوزا، الذي قدم شخصية الطفل دوني.
وتتطرق أحداث الفيلم إلى جزيرة في شرق آسيا، يعيش فيها مجتمع من الفقراء والكادحين، وتقوم مجموعة منظمة من القراصنة بالإعتداء بشكل دوري على أهل هذه الجزيرة، بهدف اختطاف البنات والاعتداء عليهن، ومن ثم بيعهن كإماء، بالإضافة إلى القرصنة على أموال الفقراء، الذين كانوا يعطونهم ما يريدون من أجل الحفاظ على حياتهم.
وصدفة يدخل الجزيرة رجل أبيض اللون، يتعرف إلى عائلة من خلال طفل يساعده في أعماله داخل الجزيرة، وفي لحظة ما، تبدأ واقعة الصراع بين الأبيض والقراصنة، بعدما اعترضوه، والطفل، في مكان ما.
ويخوض مراحل مختلفة من العراك مع أفراد القرصنة، ويقوم بقتلهم جميعًا من خلال إحداثيات يحصل عليها من القمر الصناعي، مقابل أموال طائلة، بغية تخليص الجزيرة من سطو أولئك.
ويحتوي الفيلم على لمحات تصويرية تستحق التركيز، وهي من المهارات التي تسهم في إبراز قدرات مخرج عن آخر، في مشهد يلتقطه المخرج لبيوت الجزيرة الملونة من الأعلى، بيوت صغيرة مصففة بشكل جميل وبألوان مختلفة، وسط مساحات كبيرة من الخضار والطبيعة، كأنه يريد أن يوصل كم الهدوء الذي يحياه الإنسان في هذا المكان، لولا اعتداءات الآخرين.
مشهد آخر، لقطة تنقيط الدم بعد العراك فوق الماء الصافي، وكيف يتعكر الماء بالدم، لحظة ذوبان، تعكس حجم الصراع المقبل في أحداث الدراما الفلمية، كما أن لهذا المشهد أثرًا في نفس المشاهد، لما للدم من فورة موازية في جسد المتلقي العاشق للسينما.
ومشهد آخر، يصور فيه المخرج لحظة توجيه القناص للمؤشر الدائري على جسد الرجل الأبيض، تلك لحظة توتر للمشاهد، وإيحاء يمكن تأويله بطرق مختلفة، منها: أن يوضع جسد، أو جزء من جسد شخص يعنيك، في دائرة الموت. هو أسلوب فني تكرر كثيرًا، لكن، أظنه لا يفقد بريقه، طالما تم توظيفه جيدًا في هيكل الأحداث.
ويمكن تصنيف الفيلم من أفلام الأكشن، والخيال العلمي، والاجتماعي في آن واحد، وتعدد التصنيفات هنا يعتبر إضافة لصناعة السيناريو والمخرج، تلك القدرة على الدمج بين العقل والعاطفة الإنسانية.
ويستغرق الفيلم 90 دقيقة، وهو قت يمضي سريعًا، وسط الأحداث الحادة كطرف حجر مكسور، يتوزع خلالها المسار الدرامي بشكل منتظم، ما يعطي للفيلم تسلسلًا للأحداث لا فجوات فيه.
وعن شخصية البطل الأبيض اللون راين، وهو مغاير لألوان الوجوه في تلك المنطقة، التي يغلب عليها اللون الأسمر الداكن، فقد جاءت شخصيته محملة بالهيبة، والهدوء وقلة الكلام، والقوة، والأهم من ذلك امتلاكه للحس الإنساني، الذي يدفعه ليكرس كل ما يمكله من مال وقوة؛ ليسخره للدفاع عن أهل الجزيرة. وشخصية إلي قائد القراصنة، المتعالي، الظالم، الدموي، الموتور، الأناني، كلها صفات نجح المخرج في نقل أثرها لنفس المشاهد.
أما شخصية الطفل الطموح دوني، الذي فقد والده من أثر اعتداءات القراصنة، فتمر بمنعطفين، منعطف الخضوع للاعتداء، الذي اكتسبه من النمط السائد في مجتمع الجزيرة، بمن فيهم أمه، حتى حين اعتدى الكلب على دجاجته المفضلة، وقتلها، بكى ولم يحاول الانتقام من الكلب. لكن راين الأبيض علمه وقتها أن مثل هذه الكلاب يجب أن تموت؛ حتى نحمي ما تحبه بعد ذلك من شرها، وكذلك نحمي من حولنا. وهو ما جعل لشخصية دوني أثر انقلاب الحدث في نهاية الفيلم، حيث قام بقتل ”إلي“ قائد القراصنة، بعدما تمكن من راين، ونطقها أخيرًا: ”مثل هذا الكلب يجب أن يموت“.
تتنوع في الفيلم التركيبات الديكورية التي صنعها فريق العمل، حيث البيوت الفقيرة البدائية، والتصوير في الأماكن المفتوحة، والبيوت العصرية، والغرف التكنولوجية المتطورة، وأنظمة البحث عن الأشخاص. كل هذه التنوعات ساهمت في إبراز المحتوى الفني الذي يطمح إليه المخرج.