مروى محمد إبراهيم
عاشت هوليوود ليلة استثنائية ، بحفل تاريخى لتوزيع جوائز الأوسكار الـ91 وشهد تغييرا فى المقاييس والشكل التقليدى للحدث الفنى الأبرز فى العالم.
فقد شهد أوسكار 2019 وجودا عربيا غير مسبوق توجه النجم الأمريكى المصرى الأصل رامى مالك بفوزه بجائزة الأوسكار كأحسن ممثل عن دوره فى فيلم »بوهيميان رابسودى»، إذ أدى ببراعة متناهية شخصية فريدى ميركورى نجم فريق »كوين» الغنائى البريطاني.
ليصبح بذلك ثانى مصرى يفوز بالأوسكار بعد أحمد يسرى الذى حصل عليها مرتين عن المؤثرات البصرية عن فيلم Hugo أو»هوجو» عام 2012، ثم عن فيلم interstellar أو »بين النجوم»عام 2015.
لكن الإنجاز التاريخى الذى حققه مالك لا يعنى تجاهل الإنجاز العربى الذى حققته المخرجة اللبنانية الشهيرة نادين لبكي، حيث شارك فيلمها »كفر ناحوم»، الذى يدور حول مأساة اللاجئين السوريين فى لبنان، فى فئة أفضل فيلم أجنبي، لتصبح بذلك أول سيدة عربية تقتحم عالم الأوسكار الساحر، حيث أكدت نادين لبكى »أن وجودها وترشحها للأوسكار هو الإنجاز الأهم بالنسبة لها، بغض النظر عن فوزها من عدمه».
كما وجد العرب أيضا فى فئة أفضل فيلم وثائقى بفيلم »عن الآباء والأبناء» للمخرج السورى طلال ديركي، الذى يحكى عن وباء الإرهاب وأجيال الدواعش التى تعانيها سوريا والعالم العربى ككل.
إن ترشح مثل هذه الأفلام للحصول على أهم جائزة سينمائية فى العالم، يعكس حالة النضج الفنى فى العالم العربي. ففى أجواء من المعاناة والصراعات والحروب، تولد الموهبة وتزدهر وتكبر لتبهر العالم كله. كما أنها تؤكد أيضا النظرية القديمة التى تؤكد أن »الإغراق فى المحلية هو الطريق للعالمية».
وتفرد أوسكار 2019 لم يقتصر على هذا الوجود العربي، ولكنه شهد سلسلة من المتغيرات. فللمرة الأولي، يتم ترشيح 8 أفلام فى فئة أفضل فيلم ، من بينها فيلم »روما» الذى يشكل فى حد ذاته سلسلة من السوابق بالنسبة للأوسكار..
كما اتسم الحفل بشكله غير التقليدي، فبدلا من المقدم الأوحد للحفل الذى عادة ما كان أحد نجوم الكوميديا البارزين، شارك هذا العام نحو 33 نجما فى تقديم الحفل.
ففى بداية غير تقليدية للحفل، نجح منظموه فى تحريك قلوب الملايين حول العالم من خلال أداء فريق «كوين» التاريخى لعدد من أغانيه الملهمة مثل «نحن الأبطال» وغيرها، ليقف النجوم وعلى رأسهم برادلى كووبر وكريستيان بيل فى حالة من الذهول والتأثر أمام هذا الافتتاح الاستثنائي. وعبر النجم اللاتينى خافيير بارديم عن انبهاره بروعة أداء الفريق الغنائى البريطانى بتأكيده أن هذا الافتتاح منحه أفضل دقائق عاشها فى حياته.
فللمرة الأولي، يشارك «روما» وهو فيلم أجنبى يتحدث الإسبانية ومن إنتاج مكسيكي، بل وبمشاركة إحدى القنوات الرقمية البارزة، فى فئة أفضل فيلم وأفضل فيلم أجنبى من العام نفسه. ليعلن عصرا جديدا من الإنتاج السينمائي. فعلى الرغم من الجدل الذى أثير حول فيلم «روما» نظرا لمشاركة قناة رقمية فى إنتاجه ورفض عدد من دور العرض السينمائى لعرضه على شاشاتها، إلا أنه حقق إنجازا تاريخيا بفوزه بجائزة أحسن مخرج لـ «ألفونسو كوارون» فى ثالث أوسكار يحصدها على مدار تاريخه – وفوزه أيضا بجائزة أحسن فيلم أجنبي.
ووجه منظمو الحفل والنجوم رسالة قوية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب وسياساته المعادية للمهاجرين، ففى وقت تعيش فيه أمريكا فى حالة طوارئ بسبب رغبة رئيسها فى بناء جدار حدودى لمنع دخول المهاجرين، فاز العديد من النجوم الذين أدوا أدوار مهاجرين أو هم من المهاجرين بالجوائز الكبرى فى الحفل، فى تأكيد جديد أن أمريكا دولة قامت على أكتاف المهاجرين، وأن منعهم من الدخول هو انتهاك لأحد المبادئ الأساسية الأمريكية.
أوسكار 2019 جاء أخيرا، بمثابة نقلة نوعية تعكس التغييرات التى طرأت على هوليوود فى الآونة الأخيرة ، وسيطرة الشركات الرقمية على العالم كله وليس قطاع السينما فقط.
المصدر: صحيفة الأهرام

