تحدثنا مع المنتجة أوزما حسن عن سحر الباليه وقوة سرد القصص غير السردية في عالم ما بعد الجائحة وتخريب مفاهيم «التنوع».
جوزيف والاس
في مهمة ترمي إلى تقديم «قصص تخريبية للجمهور العالمي»، تثبت المنتجة أوزما حسن نفسها كشخصية بارزة في عالم الإنتاج البريطاني الذي لا يخشى تحدي المفاهيم التقليدية.
بصفتها المؤسس المشارك لشركة «Little House Productions»، كانت أوزما سباقة في توفير بيئة تعاونية لقطاع متعدد الثقافات من صانعي الأفلام الأكثر رؤية في بريطانيا. في عام 2019، أنتجت فيلم «Londonstani»، وهو فيلم قصير مقتبس من رواية غوتام مالكاني، وكان لديها أعمال سابقة من بينها فيلم The Infidel لجوش أبينيانيسي عام 2010 وفيلم Firstborn لنيربال بوجال عام 2016.
تتحدث معنا هنا عن مشروعها الجديد، وهو مزيج فريد من الباليه والسينما تدور أحداثه في محطة أبحاث في القطب الشمالي، حيث دخلت في تعاون مع كل من آصف كاباديا وأكرم خان.
يعد فيلم «Creature» خروج كبير عن الأنماط المعتادة في تجسيد فن الباليه على الشاشة. فما الذي جذبك إلى المشروع؟
لطالما أردت اًصنع فيلمًا مع أكرم خان بعد رؤيتي لعمل «Giselle» الذي يعد أحد أول المهام التي كلفته بها مؤسسة الباليه الوطني الإنجليزي. لم يسبق لي مشاهدة أي من عروض الباليه من قبل، لكنني رأيت كل أعماله وأصبحت معجبة ومهووسة بها. تجمع أعماله أنماط الباليه التقليدية جدًا وتعيد صياغة الكاثاك الهندي المعاصر والكلاسيكي، سينتج عن ذلك رؤية أشكال مختلفة مثيرة للاهتماممن أعماله. لقد رأيت العمل للتو وقلت لنفسي، «يا للعجب! هذه هي السينما!».
لقد صنعت فيلم «Creature» خلال فترة صعبة في انتشار الجائحة، فكيف كانت العملية الإبداعية؟
كانت عملية مثيرة، فعادة ما تستغرق عملية إنتاج وتحضير الأفلام فترة طويلة جدًا وكنا قد وضعنا ذلك في الحسبان منذ البداية. وعليه، دخلت في نقاش مع كل من أكرم ومؤسسة الباليه الوطني الإنجليزي بعد تكليفنا بإنتاج فيلم «Creature». وهذا العمل مثله كمثل جميع العروض التي تنتجها المؤسسة، إذ كان من المفترض أن ننتهي من العمل عليه في غضون ستة أشهر بينما كنا نبحث عن ممول للفيلم، ولكننا فوجئنا بانتشار الجائحة قبل أقل من ثلاثة أسابيع من موعد العرض الأول للفيلم في مسرح سادلر ويلز. ولكن فكرنا بأنها ستكون فكرة مشوقة لو أنتجنا الفيلم في وسط هذه الجائحة وقررنا أن نمضي قدماً رغم ذلك.
الفيلم هو نتاج عمل بعض من أفضل الفنانين في مجالهم الإبداعي. كيف تمكنت من جمعهم؟
لقد فكرت في ذلك، وكان ذلك في منتصف مرحلة الإغلاق، أقوم فقط بتخيل فريق الأحلام الذي يتألف من الأشخاص الذين أحب العمل معهم ولا أستطيع تحمل تكلفتهم عادة، فهكذا حصلنا على هذا الفريق الرائع بما في ذلك مصمم الصوت ستيفن غريفيث «فيلم Tár»، والمصور السينمائي دانيال لاندين «فيلم Under the Skin»، والمحرر سيلفي لاندرا «فيلم The Fifth Element» – وآصف كاباديا بالطبع. لم يسبق لهؤلاء العمل معًا من قبل، وهذا هو ما أردته. لا شك أن وجود أشخاص سبق لهم التعاون مع بعضهم فترة طويلة يعتبر أمرًا جيدًا، ولكن هناك أحيان يكون فيها اتخاذ هذا المسار ليس إلا إعادة لإنتاج نفس العمل. كان من المهم أن نغامر بشيء خارج ما اعتدنا عليه، لأن ما نقوم به جديد جدًا.
هل يمكنك التحدث عن عملك مع مؤسسة الباليه الوطني الإنجليزي. هل حاولوا دفع مسار الفيلم إلى اتجاهات أخرى؟
يجب أن أقول إنهم كانوا رائعين. لقد زودونا بشكل أساسي بمجموعة كاملة من المرافق، الاستوديو والراقصين وتركونا لنقوم بصنع الفيلم. لم يكن الرقص على خشبة المسرح والعروض المسرحية مسموحة لفترة من الوقت «بعد الإغلاق». وجدت السينما والتلفزيون سبيلًا للتغلب على ذلك، ولكن لم يستطع المسرح تخطي الأمر، لذلك قلت لهم: «يمكننا تحقيق ذلك. سيكون الأمر صعبًا ولكن دعونا نحقق ذلك» وقد فعلوا ذلك. لذلك بمجرد رفع القيود، سارعنا إلى العمل معًا. واستغرق الأمر 10 أيام لتصويره والقيام بالمونتاج في أربعة أسابيع، وأعتقد أستعي صعوبة ذلك.
هل كان التصوير عملية صعبة لراقصي الباليه المدربين بشكل كلاسيكي؟
أسميهم رياضيين وهذه ليست مبالغة. يجب أن يمارس جميع الراقصين تمارين التحمية: وكانت أجسادهم في حالة جيدة تسمح لهم بممارسة جميع الرقصات، وقد اعتادوا على مواصلة الرقص لمدة 90 دقيقة دون توقف. أما بالنسبة للأفلام، فالأمر مختلف، فهي مليئة بلحظات التوقف. لكن بطلنا، الذي يؤدي دوره جيفري سيريو، هو أيضًا ممثل، وتعبيراته لا تصدق. أتذكر أنني كنت في البروفات وأوشكت على البكاء، كوني قريبة جدًا من هؤلاء الراقصين. كان مستوى أكرم في الاهتمام بالتفاصيل مذهلاً، ولم نرغب أنا وآصف في العبث به كثيرًا.
ما الذي جذبك للعمل مع آصف؟
أردت اختيار مخرج غير ملتزم جدًا بشكل معين من أشكال التعبير. وآصف لديه نموذج بارع، حيث سبق له العمل في الأفلام الوثائقية والروائية، والطويلة والقصيرة والتلفزيونية، وأعمال الواقع الافتراضي، فهو ليس حريص كل الحرص على العمل في اتجاه ركز على ما يتيح له العثور على أعمال يمكن أن تنجح بدلًا من التركيز على ما لا ينجح.
عندما نفكر في عروض الباليه البريطاني على الشاشة، غالبًا ما نفكر في «The Red Shoes» عام 1948 لكل من باول وبريسبرجر وغيرها من الكلاسيكيات. فما رأيك في أن يصبح فيلم «Creature» جزءًا من هذا الإرث؟
هذا فيلم بريطاني، فأنا وأكرم وآصف بريطانيون كما أن العمل كان مشتركًا مع مؤسسة الباليه الوطني الإنجليزي وقمنا بتصوير الفيلم في بريطانيا، لذلك أعتقد أنه عمل فريد من نوعه مقارنة بالموضوعات التي تتناولها عادة الأفلام البريطانية ومقارنة برؤيتها عن حالة العالم، ولكن الأهم من ذلك، مقارنه بالشخصيات التي تركز عليها. ففي فيلم «Creature» كان البطلان من العمال، حيث يمثلان عينة التجربة والخاضعين للاستغلال والإساءة. وهو فيلم يفتح الباب أمام العديد من التفسيرات، بدءًا من الفاشية والتحرش بالنساء إلى الجوانب البيئية، وهو ما يعتمد على هوية المشاهد وخلفيته.
العديد من هذه المساحات لا يمكن الوصول إليها تقليديًا للناس. كيف تنقلت بين مفاهيم التفرد والحصرية؟
ثمة سبب آخر وراء رغبتي في القيام بهذا المشروع، ألا وهو الجمع بين فريق من ثلاثة مبدعين من ذوي البشرة البنية ممن كانوا يصنعون شيئًا لا يتعلق تمامًا بهويتنا الشخصية، أي هويتنا أو معاناة ذوي البشرة البنية على وجه التحديد. بالنسبة لي، هذا الفيلم سياسي بحت. فكم مرة ترى صانعي الأفلام من غير البيض يروون قصصًا خارج مسيرتهم الحياتية؟ من المحزن أن وجهة نظري تلك لا يشاركني فيها الكثير، فأنا امرأة بنية البشرة تعمل في صناعة السينما بشكل عام، ومن المهم أن يكون لدينا الكثير من الأصوات المختلفة على هذا الصعيد.
هل تشعرين أن المجال يتحرك في الاتجاه الصحيح نحو دعم المزيد من الفنانين ذوي البشرة الملونة؟
ألمس تغييرًا من حولي، ولكنه على مستوى الكتاب والمخرجين. أما الذين يتحكمون في السردية فلم يتغيروا. ويحظى دور المنتج بأهمية كبيرة في ضمان عدم مواصلة اجترار نفس القصص. فمن المهم أن تتطور الثقافة. نحن الآن في وضع يشهد وجود الكثير من المنتجين والممولين البيض الذين يرغبون أن ينظر إليهم باعتبارهم من داعمي التنوع ويرغبون في العمل مع صانعي الأفلام من ذوي البشرة السوداء والبنية، إلا أن هذه القصص ليست إلا وحوشًا غريبة وعاجزة ويرجع السبب في ذلك ببساطة إلى أن هؤلاء المخرجين ليس لديهم نظام داعم يحيط بهم. وللأسف، سيتم دومًا النظر إلى أفلامي باعتبارها عملًا سياسيًا، بغض النظر عما أنتجه. لهذا السبب أعتقد أن فيلم «Creature» قوي في رسالته.
كيف تأملين أن تكون ردود فعل الجمهور تجاه فيلم «Creature»؟
كنا نعلم أننا لن نتخذ نهج الأفلام «الوثائقية» التقليدية في إنتاج هذا الفيلم، على الرغم من أننا قد ناقشنا سابقًا استخدام الأشخاص الحقيقية أو البطاقات والعناوين الداخلية على غرار الأفلام الصامتة. ولكن بعد صدور قرار الإغلاق، شعرت أننا بحاجة إلى إخراج هذا الكبت بعدما أغرقنا بكم هائل من المعلومات يوميًا. كانت أجسادنا مضغوطة، وكنا محرومون من حريتنا في جوانب كثيرة، لذلك كان هذا بمنزلة تجربة تحرر، نستطيع فيها صنع عمل فني رفيع المستوى وأن نشعر بأننا جميعًا جزء من نفس الرقصة، أي أن نشعر بالحرية – والأهم من ذلك، أن نسمح لأجسادنا بالتحدث عن نفسها.
المصدر: bfi.org.uk