ترجمة: عبير عبد الواحد
في ظلّ تَغيُّب أعظم حركة سينمائية، باتت الدروس والأفكار التي قَدَّمتها لصانعي الأفلام اليوم أكثر أهمّية وانتقادًا من أيّ وقتٍ مضى.
«آن فيازمسكي» من فيلم «الصِّينية La Chinoise» من إخراج جان لوك غودار عام 1967- كورتيسي إيفريت كوليكشن.
بقلم: إيرك كون [1]
عمود كون: زاوية أسبوعية من تقديم إيريك كون، يتناول فيها التحدّيات والصعوبات التي تواجه ثقافة السِّينما الأمريكية، وفُرص الحِفاظ عليها.
إن كنتَ مُهتمًّا بالسينما العالمية، فمن المحتمل أنك مُهتمّ بالموجة الجديدة في السِّينما الفرنسية[2]. وهي عبارة عن تجمّعٍ فوضوي من المخرجين الشَّباب الذين جاءوا لتحديدِ هوية السِّينما في بلادهم ومَنحها طابعًا مُميّزًا، وذلك منذ نهاية الخمسينات وحتى نهاية الستينات من القرن الماضي. لقد منحت الموجة الجديدة الفرنسية للسّينما الإذنَ بأن تكون جريئة ثابتة، وعنيدة لا تقبل المساومة في تعزيز أسلوبها وهويّتها. تَمتّعت هذه الموجة بجاذبيّةٍ خاصّة وهدفٍ واضح.
جاك روزييه، آخر مَن تبقى على قيد الحياة من أعضاء الموجة الجديدة الفرنسية، توفّيَ هذا الأسبوع عن ستّة وتسعين عامًا. كانَ روزييه بقعةً غائمةً بالنسبة لي، أو بمعنى آخر لم أكن مُلمًّا بأعماله تمامًا «عندما كنتُ في الجامعة، شاهدتُ أوّل ظهور له عام 1962 فيلم «وداعًا الفلبّين-Adieu Philippine»، وهو قصّة غرامية هزلية تدورُ أحداثها أثناء الحرب الفرنسية الجزائرية»، لكن الموجة الجديدة الفرنسية كانت دليلي لِفهمِ ما يمكن أن تكون عليه الأفلام.
عندما كنتُ مراهقًا، ملأني فيلم «مُنقطع الأنفاس- Breathless» لجان لوك غودار بالإثارة والدّهشة حيالَ إمكانيات السينما؛ غمرني بِشعورٍ لم أعهدهُ من قبل. وكانَ فيلم «الضربات الأربعمئة» لفرانسوا تروفو بالنسبة لي لقاء تكوينيًّا بالاحتمالات الواسعة لقصص النموّ الشخصي وبلوغ سِنّ الرشد. وقد أَبرزَ فيلم «كْلِيو من 5 إلى 7» للمخرجة آنييس فاردا دور الوقت وقوّتهِ في السّرد السينمائيّ. كما أثبتَ فيلم آلان رينيه «العام السّابق في مارينباد» بأنّ الأفلام غير مُلزَمة بِشرحِ نفسها لك، بل من الممكن أن يكون الغموض جزءًا من الفنّ.
مَثّلت الموجة الجديدة في السينما الفرنسية والشخصيات الحيوية المحيطة بها العديد من المسارات الإبداعية الخلّاقة للإبقاء على الأفلام السينمائية حيّة بوصفها شكلًا مِن أشكال الفنون. ومن اللّافتِ للنَّظر أكثر أنَّ العديد من مُخرجيها استمروا في ابتكارِ أعمالٍ نابضة بالحياة وزاخرة بالتحدّيات لعقودٍ من الزمن، حتى عند بلوغ بعضهم التسعينات من العمر. لقد تغيّر العالم تغيّرًا جذريًّا، وتغيّر أيضًا دور الأفلام فيه، ولكن من المُطمئِن معرفة أن بعض مظاهر الموجة الجديدة الفرنسية ما تزال معنا.
إلى حدٍّ ما، لا يزال هذا القول صحيحًا. إذ لا يزال لدينا «جان بيير ليو» الممثّل الطفل في فيلم «الضربات الأربعمئة» «الذي يبلغ من العمر الآن 79 عامًا، ولم يلعب دور البطولة في فيلم منذُ فيلمهِ المذهل الأخير «موت لويس الرابع عشر» الصادر سنة 2016، وأيضًا هناك عدد قليل من المخرجين الذين كانوا مُجاورين للموجة الجديدة الفرنسية وارتبطَت أسماؤهم بها، مثلَ «فيليب غَاريل» البالغ من العمر 79 عامًا، و«كلود لولوش” البالغ من العمر 85 عامًا، و«لُوك مُوليه»، أيضًا بلغَ عامه الخامس والثمانين، والذي استهلّ مسيرته في صناعة الأفلام في مرحلة لاحقة من حياته، وأخرجَ عددًا قليلًا من الأفلام فقط. وعلى العموم، إنّ إرث الموجة الجديدة في السينما الفرنسية مُقتصر على كتب التاريخ فقط.
نظرًا لأنّ معظمنا لم يكن لديه علاقة شخصية مع المساهمين في «الحركة»، فإن هذه هي نقطة تحوّل وهمية، يمتدُّ إرثها إلى ما هو أبعد من الأفراد: فقد أثبتت الموجة الجديدة الفرنسية بأنهُ من الممكن إنتاج أفلام مؤثّرة وذات مغزى، بغضّ النظر عن الشّكل الذي تَتطلّبهُ السّوق.
لهذا السَّبب، يُمكن لأيّ صانع أفلام، وبالأخص المخرجين الأمريكيين، الاستفادة من إلقاء نظرةٍ فاحصة على الأنماط التي امتازت بها الموجة الجديدة الفرنسية، والتي أدَّت إلى إبداع أعمالٍ خالدة. فيما يلي بعض الاستنتاجات الخاصّة بي، وأُشجِّع القراء الذين يُشاطرونني حماسي لهذهِ الجَّمهرة الأسطورية مِن صانعي الأفلام على مشاركة آراءهم الخاصة: [email protected]
تَعلّم الكتابة عن أعمال الآخرين
العديد من المشاركين الأصليين في الموجة الجديدة الفرنسية بدأوا مسيرتهم المهنية بالنّقد السّينمائي. صارت مجلة «كاييه دو سينما» «التي فقدت أهميّتها الثقافية اليوم للأسف، نظرًا لتغيير مِلكيّتها مرّات عِدة» مِنصّة رئيسة لِغودار وتروفو وجاك ريفيت وسواهم للكتابة بأسلوبٍ حادٍّ وبليغ حول الأفلام التي شوهد الكثير منها في «السِّينماتيك الفرنسية[3]» التي أسّسها هنري لانغلوا.
كَتبَ غودار في مجلّة كاييه دو سينما في أواخر الخمسينات: «أن ننظر مِن حولنا يعني أن نعيش بِحُريّة. لذلك يجب على السينما، التي تُعيد خَلق الحياة وإنتاجها، أن تُصوِّر شخصيّات تنظرُ مِن حولها». كانَ يُشيرُ بكلامهِ هذا إلى أعمال ألفريد هيتشكوك، غير أنَّ غودار نَحى بِذلك المنظور إلى اتّجاهٍ آخر بواسطة توظيف مجموعتهِ الخاصّة من الابتكارات الفنّية المتمرّدة على القوالب السينمائية النمطية، في بواكير أعماله التي حظيت باستحسان واسع؛ حيثُ الأشخاص المتمرّدون وغريبو الأطوار في أفلام مثل «مُنقطع الأنفاس» و«بييرو الأحمق» الذين سئِموا من قيودهم وانتهكوا القوانين لتحرير أنفسهم. تُحاكي أفلام غودار هذه الشَّواغل من خلال تحطيم القواعد التقليدية لرواية القصص، واستخدام لحظات أو مَشاهد مُجَزّأة، وحيَلة كَسر «الجدار الرابع[4]» بين الممثّل والمُشاهِد، بالإضافة إلى حيلٍ وأساليب أخرى.
كَم مِن صُنّاع الأفلام العاملين اليوم بمقدورهم توضيح علاقتهم بالأفلام بِدقّةٍ مُماثلة؟
انسَ أمر طول الفيلم
في مرحلة معيّنة من تاريخ الأفلام الطويلة، أدّت مجموعة من الاعتبارات العملية إلى الاعتقاد بأن الأفلام يجب أن تكون مُدّتها حوالي 90-120 دقيقة. في وقتنا الحاضر تدفع الصناعة الهوليوودية حدود هذه المدّة إلى ساعتين ونصف من الأفلام العملاقة التي تُهيمن على المجمّعات السّينمائية مُتعدّدة الإرسال. هذه الأفلام لا تَتطلّب ثِقلًا أو عمقًا كبيرا؛ إذ أن هذا النظام الترفيهي أُعِدَّ لتقديم مناظر مذهلة ضخمة مولّدة باستخدام الكمبيوتر «[5]CGI»، وذلك بغرض جذب الجماهير التي تبحث عن تجارب مُكثَّفة ومؤثرة بصريًّا، مما يُؤدي غالبًا إلى أفلامٍ ذات مدة زمنية أطول. وعادة ما يكون الأمر صادمًا عندما لا يتجاوز الفيلم الهوليوودي المدة المُرحَّب بها: فيلم «المتحولون: صعود الوحوش” مُدته ساعتين و21 دقيقة، وفيلم «فاست إكس» يستمر ساعتين و12 دقيقة، وَهلُمَّ جرًّا.
إنَّ سينما الموجة الجديدة الفرنسية متفاوتة للغاية. لقد ابتدعَ هؤلاء المخرجون مناهجَ سرديّة مُبتَكرة، بحيث يأتي طول الفيلم متناسقًا وطبيعيًّا ضمن إطار العملية الإبداعية كَكُلّ. فيلم جاك ريفيت «آوت-1» سُجِّلَ في 13 ساعة مُقسّمة إلى أجزاء أو أقساط متعددة، مُتَنبِّئًا قبل عقود بمرونةِ وقت التشغيل في منصّات البثّ التي نشهدها في العصر الحديث؛ بينما يمتدُّ فيلمه الكوميدي الميتافيزيقي «سيلين وجولي تتنزهان في القارب» على مدار ثلاث ساعات و12 دقيقة، إلا أنهُ عبارة عن متعة خالصة مُبهجة. بالمقابل، يستغرقُ فيلم آلان رينيه الوثائقي «الليل والضّباب» اثنتين وثلاثين دقيقة، وهو عبارة عن تأملات حول المحرقة النّازية، ويُعتبرُ واحدًا من أعظم أعمال رينيه؛ والأمر ذاتهُ يَنطبقُ على رائعةِ المخرج كريس ماركر “الرصيف”، وهو فيلم درامي ديستوبي عن السَّفر عبر الزمن، وتبلغُ مُدّتهُ 28 دقيقة.
بعضٌ من أساتذة السينما وصُنّاع الأفلام اليوم فَطِنوا إلى هذا المنطق. هذا الأسبوع، أعلنتُ خبرًا بأنَّ المخرج ويس آندرسون كَيّفَ «القصّة الرائعة لهنري شوغر» لـِصاحبها «رولد دال» في فيلمٍ قصيرٍ لنيتفليكس، يستغرق أقلّ من أربعين دقيقة. كما يَستمرّ لمدةٍ مشابهةٍ فيلم “طريقة حياة غريبة» المُشَاد به في مهرجان كان السينمائي، للمخرج الإسباني «بيدرو ألمودوفار»، وهو فيلم ويسترن «غرب أمريكي كلاسيكي» ويتطرق إلى المثلية الجنسية. صُمِّمَ كلا العملين ليعكسا إيجاز مفاهيمهما: دراسة شخصية قصيرة وقطعة فنية مزاجية. ومن جهة أخرى أفسحَ المخرج مارتن سكورسيزي المجال لفيلم «قَتَلة زهرة القمر» بأن يستمر ثلاث ساعات و24 دقيقة، لأنّ ذلك يتماشى مع نطاق السّرد الممتدّ عبرَ الزمن الذي سعى إلى صُنعه. ومع ذلك، وبصورة عامة، فإن صناعة السينما المعاصرة لا تُفكر في مفهوم الابتكار عندما يتعلّق الأمر بمدّة الفيلم.
فلتكن الميزانية منخفضة «أو معقولة»
أخرَجت آنييس فاردا أوّل فيلمٍ طويل لها، وهو دراما زواجٍ ريفيّ بعنوان «لا بوانت كورت»، بِتكلفةٍ قدرها 14,000 دولار، ما يوازي 153,000 دولار في عام 2023. وهو رقم أقلّ بكثير من تكلفة معظم الأفلام ذات الميزانية المتوسطة اليوم، فكيف نجحت في فعل ذلك؟ بواسطة قروض من الأصدقاء. هذا ليس نموذج عملٍ تجاريًّا، لكنها خَفّضت التكاليف بما يكفي لإتمام عملها بأكبر قدرٍ ممكن من النجاح، وصَورّت في مواقع خارجية «ليس في الاستوديو» مع مُمثّلين غير مُحترفين في الغالب. لا يُعاني الفيلم إطلاقًا من محدوديّة مَصادره، ويمكن قول الشيء نفسه عن فيلم «مُنقطع الأنفاس»، أو حتى عن «العام السّابق في مارينباد» الذي استفادَ من التصوير الخارجي في قصورٍ في ألمانيا لِخَلقِ مَشاهد خارجية بارزة ومثيرة للإعجاب «بتكلفة قدرها 500,000 دولار، كانَ هذا الفيلم واحدًا من مَساعي الموجة الجديدة الأعلى تكلفة».
فتِّش وستجدُ قليلًا من الأمثلة على أفلام الموجة الجديدة التي تطلّبت موارد إنتاجٍ أكثر مما كانَ متاحًا لها. فقد تعامل أولئك المخرجون مع الحدود على أنّها قوّة. لقد جادلتُ لسنوات بأنَّ الأفلام ليست في طريقها إلى الانقراض؛ بل هي تصير أصغر فقط. في الواقع، إن صِغَر نِطاق إنتاج الأفلام قد أسهمَ في تشكيل بعض أهمّ الإنجازات السينمائية المثيرة على مَرّ التاريخ.
فَكِّك تاريخ السِّينما بواسطة صناعة الأفلام
أحد الجوانب الأكثر إثارة للإعجاب في الموجة الجديدة الفرنسية هو استلهام صُنّاع الأفلام من سينما هوليوود غير المتوفرة لسنوات أثناء الحرب العالمية الثانية. بعد السَّماح للمُنتجات الثَّقافية الأمريكية بالعودة إلى البلاد عام 1946، وجدَ جيلٌ مِن عُشّاق السِّينما أنفسهم يَستوحون من صناعةِ السينما الأغزر إنتاجًا والأعلى تكلفةً في العالم، وذلك مِن منظورِ حَساسيّتهم الثقافية والفنّية. وقد أدّى ذلك إلى إنتاج أفلامٍ انخرطت في حوارٍ مُستمرٍّ مع الأنواع والموضوعات السِّينمائية في هوليوود، حتى عند انطلاقها من أراضٍ إبداعية جديدة.
بعد سنوات، صار كوينتين تارانتينو مَلِكَ دَمجِ السينيفيليا[6] «الولع بالسينما» مع صناعة الأفلام «وقد رفعَ قبّعتهُ للموجة الجديدة الفرنسية من خلال تَسمية شركة الإنتاج الخاصة به «A Band Apart[7] أو عُصبة الغرباء». كما تتجلّى روح إنغمار برغمان في عمل آري أستير. ومع ذلك، وبصورة عامَّة، لا يبدو أنَّ صانعي الأفلام الأمريكيين يتصارعون مع مناهج صناعة الأفلام المعمول بها خارج حدودهم. والنتيجة هي نظام محكوم عليه بتقليد ذاته حتى الموت – والذي انتظرَ طويلًا انبعَاثه مِن جديد.
من فيلم آمن فيلم آنييس فاردا «جامعو المخلَّفات وأنا».نييس فاردا «جامعو المخلَّفات وأنا».من فيلم آنييس فاردا «جامعو المخلَّفات وأنا».من فيلم آنييس فاردا «جامعو المخلَّفات وأنا».
على الرُّغم مِن أنها قد تبدو ظاهرةً رَاجَت في السّتينات، فإنَّ الموجة الجديدة الفرنسية استمرّت حتى أوائل الألفيّة عندما توافقَ ظهور الثورةُ الرقميةُ مع تَطلُّعات المخرجين الذين شعروا بالحاجة الماسّة إلى إعادةِ ابتكارِ أنفسهم. أتاحت “تجارب الفيديو” لـِغودار بأن يدفع الوسائط المتعددة باستمرار في اتّجاهاتٍ جديدة «بما في ذلك بعض تطبيقات الـ3D الأكثر إثارة حتى الآن»، في حين حوّلت «فاردا» نفسها عمليًّا إلى علامة تجاريّة لسردِ القصص الوثائقية الشَّخصية في فيلمها “جَامعو المُخلَّفات وأنا – The Gleaners & I» «والذي اتَّخذَت منهُ ابنتها الآن مِنصّة تعليمية». تُبرهنُ هذه الإنجازات على أنّه بوسع الفنانين الإفادة مِن تَجنُّب حتى الأنماط الخاصّة بهم، وتَقييم فُرص بيئاتهم، وخلقِ أعمالٍ نابضةٍ بالحياة تَتخطّى أيّ تاريخَ انتهاء صلاحية مُفترض.
ناقشَ العَمود الذي نُشِرَ في الأسبوع الماضي التباين الذي سمحَ بِصدور فيلم «The Flash» من بطولةِ عزرا ميلر وإنتاج شركة واستديو «وارنر برذرز بيكتشيرز»، بينما لا يمكن صدور أفلام وودي آلن ورومان بولانسكي. وقد أثارَ هذا الطرح، على نحو مفهوم، ردود فعلٍ قوية لدى القُرّاء. وفيما يلي بعض المقتطفات مِن ردودهم:
«لا يتعلّق الأمر فيما إذا كانَ الفيلم جيّدًا أم لا، وما إذا كان يجب تقديمهِ إلى الجمهور الذي قد يرغب فيه. فالرجال الذين استفادوا مِن نظام أنشأهُ الرجال ويُفضّله الرجال، كانوا قادرين على القيام بهذه الأفعال لأننا عبّأنا جيوبهم بِتقديرنا لِفَنّهم، وأنفقنا أموالنا على إيماننا بهم. لكن هؤلاء الرجال أثبتوا بأنهم بعيدين جدًّا عن استحقاق هذا التقدير والاحترام، ولأسفنا جميعًا، وأيضا المكانة الاجتماعية التي حققوها بفضل الجمهور. وهم لم يُسيئوا استخدام هذه الميزات فحسب، بل استغلوها للقيام بأفعالٍ يَتعذّر إصلاحها. لذلك، ومثلما نُجرِّد الجنديّ الذي ارتكب خطأ مِن وِسَامهِ، يجب علينا أن نرفض فَنّ هؤلاء الأفراد. وأولئك الذين يرغبون في مُشاهدة هذه الأفلام يمكنهم أن يجتهدوا للعثور عليها. فإذا لم يتمكنوا من إيجادها، لا أستطيع التظاهر بالحزن عليهم».
«صحيح تمامًا، يا سيدي. ما كانت شركة “وارانر” لِتُلقي بـِ400 أو 500 مليون دولار في سلّة المهملات. من شأن هذا المبلغ أن يُغطّي إنتاج العشرات من أفلام بولانسكي وآلن. ونظرًا لاهتياجهم في سبيل خفض التكاليف، توقعتُ منهم احتمال الخسارة على أنها خصم ضريبيّ كبير، ولكن “الاستوديو” بِأمَسِّ الحاجة إلى فيلمٍ ناجح، لذلك نحنُ هنا الآن».
لا يمكنني التصديق بأنك تُقارن هذين الرجلين القذرين العجوزين بِشابٍّ، والذي على الرغم من كونه مُذنبًا ويُلام على أفعالهِ، فهو مريض نفسيّ. «ملاحظة المُحرِّر: يُعرّفُ ميلر نفسه على أنهُ غير ثنائيّ الجندر-Non-binary».
«إن بولانسكي هو حقًّا مُدان بارتكاب جريمة. لطالما اعترف بممارسة جنس غير قانوني مع فتاة قاصر. لقد أقرّ بأنه مُذنِب. من ناحية أخرى، لم يثبت أبدًا أي دليل على أنّ وودي آلن ارتكب جريمة، ولطالما نفى ذلك. لم يُوجَّه إليه أيّ أتهام. لذا أطلبُ منك إعادة صياغة هذا البيان. الفيلم الوثائقي المعروض في شبكة «هوم بوكس أوفيس» التلفزيونية «HBO» ليس دليلًا.
[1] إيريك كُون: المحرر التنفيذي، مقرّه نيويورك، ونائب رئيس استراتيجية التحرير في موقع «إندي واير»، حيث عمل منذ عام 2007. يسافر كون إلى مهرجانات الأفلام حولَ العالم، ويُجري مقابلات مع صانعي الأفلام ويُدير شبكة “إندي واير” لنقاد السينما المحترفين «the Criticwire Network». قبل انضمامه إلى “إندي واير” ساهمَ إيريك في صحيفة نيويورك تايمز ومنابر إعلامية أخرى.
[2] الموجة الجديدة الفرنسية: بالفرنسية La Nouvelle Vague /نوفيل فاغ، من أبرز التيارات السينمائية، نشأت في أواخر الخمسينات وحتى نهاية الستينات من القرن العشرين، واعتمدت أسلوبًا مختلفًا في الكتابة السينمائية والتصوير والإخراج والمونتاج. ومن أبرز أسمائها جان لوك غودار وفرانسوا تروفو وجاك ريفيت وآنييس فاردا.
[3] السينماتيك الفرنسية: Cinematheque Francaise: أو مؤسسة السينما الفرنسية ومقرها في باريس، هي مكتبة أفلام فرنسية تشتمل على إحدى أكبر محفوظات وثائق الأفلام والمجسمات المتعلقة بالسينما في العالم.
[4] الجدار الرابع: Fourth wall هو اصطلاح تمثيلي، يشير إلى جدار مُتخيَّل غير مرئي يفصل الممثلين عن الجمهور.
[5] CGI هي اختصار Computer Generated Imagery ، وهي الصور أو الرسوم المتحركة المكونة باستخدام برامج إنتاج الجرافيك الثابت أو المتحرك.
[6] سينيفيليا: أيضًا سينيمافيليا أو فيلموفيليا : Cinephilia هو المصطلح المستخدم للإشارة إلى الشغف أو الاهتمام العاطفي بالأفلام، ونظرية الفيلم والنقد السينمائي. وهو لفظٌ منحوت عن كلمة سينما وفيليا، إحدى الكلمات اليونانية القديمة الأربع للحب. و”السينيفيل» هو عاشق السينما والمولع بها.
[7] A Band Apart: اسم الشركة مستوحى من فيلم جان لوك غودار «Bande à part» أو عُصبة الغرباء.