إيمان محمد
«البت الي في السيما قالت للواد الي بتحبه ياريتني حته منك عايزه أكون جوى قلبك وروحك، كلام فارغ لكن لزيز»..!.
لا أحد ينسى جملة الحوار السابقة التي قالتها الممثلة العظيمة فاتن حمامة في فيلم «صراع في المينا»، الذي صيغت فيه أروع الحوارات الواقعية المكتوبة بعناية عن إثبات عاطفية المرأة في الحب. الجملة اليوم يتم تداولها كثيرًا «كاقتباس» من قبل المغردين والسنابيين والفيسبوكيين وكافة رواد برامج التواصل الاجتماعي، وهي للكاتب والمخرج المبدع السيد بدير، الذي كثيرًا ما يقتبس من حواراته الواقعية والمعبرة بعمق عن أي حالة يريد إيصالها للمشاهد، وهذه قيمة فن الحوار الذي يجعل من المشهد خالدًا، وتبقى جمله عالقة في الأذهان مهما مر عليها الزمان.
ومن فن صناعة الحوار السينمائي تشكلت ظاهرة جديدة من «الاقتباس السينمائي» للجماهير في عالم التواصل المفتوح، كيف تشكلت وهل هي ظاهرة أم فن جديد صنعه الجمهور، لا توجد إجابة دقيقة لذلك. غير أن الانفتاح في عالم التواصل صنع هذه الظاهرة؛ أي أنها صناعة جماهيرية عفوية من عشاق ومحبي السينما، وبالرغم من بساطتها، فإن لها تأثيرًا كبيرًا في تخليد الحوارات بكتّابها وبقائليها، ولها تأثير أيضًا في الترويج الإعلامي للفيلم وبث حالة من الفضول لمشاهدة الفيلم والتركيز في كلمات الحوار وإنشاء اقتباسات أخرى.
ولمَّا كان الاقتباس واحدًا من فنون البديع العديدة التي عرفتها اللغة العربية كتعبير وتقدير للتذوق الذي كان يعرف سابقًا بفن «الذوق»، فربما نحن الآن في رحلة تمرحل سينمائية ترتقي بالفن السابع إلى «الفن الثامن». لا شيء مستبعد في عالمنا المرتبط حياتيًا بالإعلام الشديد السرعة والمفاجآت.
قد يذهب البعض إلى أن الاقتباس هو النص المكتوب على شكل سيناريو من رواية أو حدث ما. نعم، هو كذلك، وهذا قائم وليس بالجديد. ما أعنيه هو الاقتباسات الفردية النابعة من تذوق المحتوى السينمائي بعد إخراجه النهائي وتلقيه لدى المشاهد، ثم تداوله كمحتوى آخر في الإعلام الجديد الذي أصبح فيه الفرد العادي شريكًا بالنقد والتعبير والاقتباس.
اليوم وعلى صفحات برامج التواصل الاجتماعي تأتي العديد من الحسابات بمسمى اقتباسات سينمائية، التي تتنافس في صناعة الاقتباس، ولديها جماهيرية تنافس جماهيرية صناع الأفلام؛ فهل هم ظاهرة أم مرحلة جديدة؟.. الموضوع بحاجة إلى المزيد من التقصي والأبحاث.