نرمين يسر
عن واقعة حقيقية في بداية الألفينيات وهي قصة شهيرة عن المحتال الذي احتال على عدد كبير من المستثمرين وحصل على مليارات الريالات.
في فيلم «الهامور» لعبدالإله القرشي، يتغير حال حارس الأمن حامد «فهد القحطاني» ليصبح ثريًا للغاية من خلال القيام بعمليات احتيال، يتغير موقفه بعد أن يجني ثروة ضخمة ليصبح فظًا ومتغطرسًا، تصرفاته تدفع أحباءه بعيدًا عنه فيهجرونه، وتتركه زوجته، وبقدر ما يتعلق الأمر بحامد فقد امتص الجميع كل الأموال وتركوه وحيدًا خلال أصعب الأوقات، إنه لا يدرك مدى عدم احترامه للأشخاص الذين يهتمون به، هذا المخلوق المخدوع يعيش فقط من أجل المال، والحياة تجعل منه مزحة عندما يتم انتزاع مدخراته وثروته.
ما يعنيه كل هذا أن «الهامور ح.ع» هي قصة صعود وهبوط جيدة التنفيذ، يبدو القحطاني مشغولًا باستخلاص الفرص في مشاهد تتحرك بقوة، وتلك الوتيرة السريعة ساحرة، حيث توضح كيف يجعل المال الحياة أكثر حيوية ورخاء، وتظهر رذائل حامد على السطح جراء هذا الرخاء، ويتغير محيطه بسرعة شديدة لدرجة أنه يشعر بالملل بسهولة من أشيائه القديمة. وهذا يعني أيضًا أنه بدأ يجد زوجته الأولى فاطمة «خيرية أبو لبن» غير جذابة، خاصة بعد لقاء جيجي «فاطمة البنوي»، فيبدأ في رؤية النساء كأشياء مادية يجب أن تتغير وفقًا لمتطلباته.
يطلب من فاطمة أن تصبغ شعرها باللون الأشقر كما لو يطلب استبدال مقاعد الصالون بأخرى جديدة. المرأة بالنسبة إلى حامد لم تعد أكثر من أداة للمتعة، يحبها بنفس الطريقة التي يحب بها سياراته، فهو شخص غير رومانسي وقصير النظر لدرجة أن السيارة الفاخرة هي الهدية الوحيدة التي يمكن أن يقدمها لزوجته وأصدقائه.
من أفضل مشاهد الفيلم هو ذلك الذي يتساقط فيه المال على حامد، حيث تكشف لنا الشخصية – بعد كسر الجدار الرابع – آراءها الأنانية مما يخلق مسافة بيننا وبينه بدون تعاطف، بل نسخر من أفعاله طوال 120 دقيقة هي مدة العرض، وتزداد السخرية عندما تتركه جيجي اعتراضًا على عقليته الرجعية. فالمرأة التي تتخذ خياراتها المستقلة في الحياة لا يتقبلها ولا يتحمل فكرة علاقاتها السابقة، منذ ليلة الزفاف تكتشف مدى شخصية حامد المسيطرة والكارهة للنساء ومنعها من الاختلاط بصديقاتها والتحكم في اختيار ملابسها، وأخيرًا افتعل عراكًا مع أحد أقاربها في زفاف بمنزل عائلتها وذلك بعد تناوله قرص مخدر من الأنواع التي اعتادها بعد هطول الثروة فوق رأسه كالمطر، الثروة التي عانت منها زوجته فاطمة، التي أعتبرها أولى ضحاياه، فقررت تركه بعد أن علمت بأنه على علاقة بأخرى.
لسبب غير معروف اختار المؤلف تجاهل أصدقاء وأقارب حامد وإظهارهم على هامش السيناريو، حيث لن يعلق أحد أسمائهم في ذاكرتنا، ولن نردد نكاتهم ومداعباتهم بعد انتهاء الفيلم. المؤلف فوكاس على الشخصية الرئيسية وتغيب في حالة نسيان لشخوصه التي لم يرسمها بنفس المجهود الذي صنع به.
الفيلم من إخراج عبدالإله القرشي، صاحب فيلم «كيكة زينة» و«مدينة الملاهي» وفيلم «الهامور» محور حديثنا؛ وبطولة فهد القحطاني، وإسماعيل الحسن، وعلي الشريف، وفاطمة البنوي، وخيرية أبو لبن؛ وتأليف هاني كعدور.