فهد السعير
«لدي فكرة عن فيلم سينمائي وأريد أن أذهب إلى شركة إنتاج حتى أقدمها لهم، لكن لدي خوفًا من الرفض أو سرقة الفكرة، فما الحل؟» كان هذا سؤالًا وضعه أحد الشباب على غرف المناقشات على وسائل التواصل الاجتماعي فتح الباب أمام سيل من التعليقات التي تخللها شعور مماثل من صغار الكتاب وأصحاب الأفكار الذين لم يروا الأضواء.
استوقفتني التعليقات التي شعرت فيها بطاقات مدفونة في صدور أصحابها، شباب تملأ الأفكار رأسه كما يملأ الخوف شعوره، متخبط ما بين الإقدام والإحجام، فما السبب؟ هل خوفهم المبالغ، أم يعكس واقعًا نغض الطرف عنه؟
في الحقيقة يمكن أن يكون الأمران معًا، فالخوف لا يمكن أن يصنع نجاحًا ولا يصعد الخائفون المنصات، وفي الوقت نفسه ثمة ضمائر مستترة على الشر تثبط الجامحين ولا تستوعب الطاقات. في أفضل حالات الرفض إن لم يكن إحساس الشاب وغيره معقولاً، فالسرقات أسهل الطرق.
يمتلكني إحساس يقيني أن من بين هؤلاء الشباب مدفون واحد نابغة يمكن أن يكون من الرواد لو تخلص أولًا من الخوف، وثانيًا صادف صادقًا في تقييمه مشجعًا لأنصاف الأفكار، وهو يراهن على تطورها.
الأفكار والخواطر ليست حصرية على فئة بشرية، فجميعنا يفكر ويدرك ويستطيع أن يقدم الجديد، جميعنا يملك حدسًا ويصادف مواقف اجتماعية؛ قطعًا تراوده خواطر لتحويلها إلى قصص حتى وإن كانت خيالية.
الخيال أبو الإبداع والدراما تُولد أول الأمر من أصحابها، أولئك الذين يخالطون يوميًا عشرات المواقف الحياتية ليس فقط من يجلسون في مكاتبهم، فلنكن على استعداد لاستيعاب الطاقات القادمة من المجتمع، ودور القائمين على الصناعة تطويرها وتنميتها ووضعها في إطار علمي مفاهيمي.
كم مرة قرأنا قصة نجم كبير يحكي كيف رُفض أول حياته في اختبارات التمثيل وغيرها من مجالات العمل السينمائي، وهذا ليس حصرًا على الفن، بل ينسحب على كافة نواحي الحياة، فبعضنا يريد بضاعة جاهزة ولا يبذل عناء الاكتشاف والتنمية لأنصاف المواهب.
لنكن منصفين؛ ثمة مبدعون كبار يتبنون صغار الموهوبين ويصنعون منهم كبارًا، لكن ما أريد أن أقوله أن الغالبية غير مستعدة لذلك، وهو مكمن الخوف الذي سيطر على الشاب المذكور آنفًا وغيره من رفاق الطاقات المدفونة.
ما نحتاجه هو سلوك جماعي يتبنى منهجًا جماعيًا لتنمية المواهب وصقلها. نعم، ورش التدريب واكتشاف المواهب تقوم بدور مهم، لكنها محدودة العدد والخطط، ويبقى المجال واسعًا لاستيعاب المئات ممن يرون في أنفسهم قدرة على الإبداع واقتحام السوق.. فأهلًا بالقادمين من كهوف الإبداع.