سوليوود «خاص»
تستقبل صالات السينما السعودية، فيلم الدراما والتشويق «مندوب الليل»، بدءًا من اليوم الخميس، وتأتي حبكة الفيلم السعودي بصورة مغايرة للأفلام التي طرحت خلال الفترة الماضية بالمملكة؛ لتكسر الصورة التقليدية المنمطة في السينما عن المجتمع السعودي التي اشتهرت بالثراء الفاحش فقط، وغفلت عن رصد تباين الأحوال بين طبقات المجتمع. كما شاركت مدينة الرياض بليلها الساحر كجزء أساسي في السيناريو.
صناع العمل أعلنوا عن قيامهم بعرض السيناريو على طبيب نفسي أخبرهم أن شخصية البطل تُعاني من اضطراب القلق العام والرُهاب الاجتماعي. كما أكدوا أنهم استهدفوا كشف تفاوت الأجيال وتأثير ذلك على طبيعة الحياة، الذي يظهر جليًا في الاختلاف بين الأحوال الاجتماعية لأهل المدينة العصرية المتنامية «الرياض»، بتجسيد رمزي ما بين الصخب وليل المدينة الذي لا ينام من جهة، والهدوء وحال ذوي الدخل المحدود من جهة أخرى. ظهر ذلك في تقديم الاختلاف بين طبقة أصحاب الوظائف الكبرى ذات الرواتب الضخمة، وطبقة المهمشين الذين لا يعرفون عن الحياة سوى العمل القاسي لكسب لقمة العيش. علاوة على إظهار حبكته لصورة تحمل أبعادًا خاصة عن الاختلافات الطبقية الناشئة في الثقافة السعودية بين الماضي والحاضر.
عروض خاصة بالمهرجانات
شهد الفيلم عرضه العالمي الأول في «مهرجان تورنتو السينمائي الدولي»، في الدورة الـ48 من المهرجان بقسم «ديسكفري»، وبدوره أعرب مخرج العمل علي الكلثمي، عن سعادته وفخره أن يكون العرض العالمي الأول لـ«مندوب الليل»، في مهرجان قوي وعالمي مثل تورنتو، وبشكل خاص في قسم اكتشافات، الذي انطلق منه مخرجون عالميون، من بينهم كريستوفر نولان. كما كان للفيلم السعودي مشاركة أخرى في فعاليات «مهرجان زيورخ السينمائي». ومؤخرًا شارك الفيلم في فعاليات النسخة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي»، بمدينة جدة.
أبطال الفيلم وحبكته
الفيلم السعودي جاء من إنتاج «استوديوهات تلفاز 11»، بدعم من «مؤسسة مهرجان البحر السينمائي»، وهو الفيلم الطويل الأول للمخرج علي الكلثمي، ومن بطولة كل من: محمد الدوخي، ومحمد الطويان، وسارة طيبة، وهاجر الشمري؛ وهو من تأليف علي الكلثمي ومحمد القرعاوي. وصُوِّر الفيلم في الرياض خلال الليل، وقال الكلثمي إن فكرة الفيلم جاءت خلال فترة جائحة كورونا، حيث يوجد به العديد من المناديب باعتبارهم شريان الحياة في هذا الوقت. وأكد في تصريحات صحفية، أن صناع العمل قاموا بالعديد من الأبحاث الميدانية في مدينة الرياض أثناء التحضير.
وعن فكرة اختياره للتصوير في الليل قال: «لأن ليل مدينة الرياض فيه حالة من الغموض والرومانسية، مما سيؤثر على الفيلم والشخصية الرئيسية، ولأن المغامرات تحدث غالبًا في هذه الفترة من اليوم، علاوةً على أن البطل يعمل في الليل وهذا سيُساعده في ظهور اضطراباته الشخصية».
مزيج من الدراما والتشويق
في إطار درامي مشوق تأتي قصة الفيلم حول شخصية الشاب فهد القضعاني، الذي يبلغ الثلاثينيات من عمره والأعزب المضطرب الذي يتوه كل ليلة وحيدًا مهمومًا بشوارع الرياض، وبين فقدان العاطفة والخوف من ضياع وظيفته وتوصيل الطلبات تأتي كل تلك الأسباب لتدفعه للتخلي عن مبادئه في عالم لا يفقه فيه أي شيء؛ حيث يضطر أن يرزح تحت وطأة الضغوط المادية لإعالة والده المريض وأخته المطلّقة وابنتها، ويسعى لتحقيق الموازنة بين وظيفته الأساسية ذات البيئة القاسية في مركز العناية بالعملاء الخاص بشركة اتصالات، والوظيفة التي يحصل منها على دخل إضافي وهي مندوب توصيل الطلبات. ويضطر هذا الشاب أن يتجه لبيع الخمر حتى يستطيع تلبية متطلباته المادية. تلك الخطوة التي جاءت للتعبير عن فقدانه لمبادئه وأخلاقه في سبيل كسب لقمة العيش. كما أظهرت بعض مشاهد الفيلم الاختلافات الطبقية الناشئة في الثقافة السعودية بين الماضي والحاضر، خاصة مشهد لقائه مع حبيبته السابقة «مها»، التي ذهب إليها فهد مرتديًا أفضل ثيابه وفقًا للزي التقليدي، لكن مها وزملاءها يظهرون بملابس حديثة وكاجول ولا ترتدي النساء غطاء الرأس أو العباءات السوداء كما كان في السابق.