سلطان فادن
منذ فترة قريبة نظمت هيئة الأفلام بالسعودية مؤتمرًا للنقد السينمائي بالرياض، احتوى على عروض أفلام وجلسات نقاش وحوارات على مستوى عالٍ من الرقي والنضج. تنظيم المؤتمر في هذا التوقيت وبهذا الاهتمام له عدة دلالات. فقد ارتأت هيئة الأفلام أن السينما السعودية التي تعيش مرحلة تكوين شخصية وإثبات حضور ووجود، تحتاج إلى النقد السينمائي كحجر زاوية أساسي ومهم لاكتمال منظومة الصناعة المنشودة؛ أو قد ارتأت الهيئة أنه مع توفر جميع مقومات الدعم والنجاح المادية واللوجستية، متبقٍ لها صوت الناقد السينمائي لضمان خروج الفيلم السعودي إلى درجة كبيرة بقيمة فنية عالية وأكثر.
رغم أن تقبل النقد السينمائي وفي عواصم السينما العالمية، هو أمر «مزعج»، وتكونت لها ثقافة عامة قائمة على أن النقاد يبرزون فقط السقطات والجوانب السلبية، وهذا غير صحيح، وانطباع أساسه غير منصف.
الناقد هو فنان أيضًا، وهو الشخص الذي ينقل تقييمًا ورأيًا لمختلف أشكال الأعمال الإبداعية، مثل: الفن والأدب والموسيقى والسينما والمسرح والأزياء والهندسة المعمارية والطعام. والناقد السينمائي هو الذي يشاهد الأفلام ويكتب عنها، وليس من يكتب عن أصحابها، أي عن الأشخاص. هو الذي يكتب عن الصور التي تتابع على الشاشة. وإن كان في أحيان كثيرة يتطرق لا إراديًا إلى تاريخ وخلفية صناع الفيلم المنشود، فقط بغرض إيصال فكرة النقد. أيضًا الناقد السينمائي هو الذي يكتشف ما لا يراه المتلقي في الفيلم، وذلك بالاستناد إلى خبرته ومعرفته وثقافته واطلاعه، وقبل كل شيء هو يعتمد على معاييره الخاصة به.
وتعتبر مراجعة الفيلم الذي يعدها الناقد أو المراجع مهمة، لأن الغرض هو مساعدة الراغبين في تحديد ما إذا كانوا يريدون مشاهدة الفيلم أو استئجاره أو شرائه، وما إن كان يستحق الوقت المخصص له أم لا. والمراجعة يجب أن تقدم تفاصيل كافية عن الفيلم حتى يتمكن المتلقي من اتخاذ قرار مستنير، دون إعطاء أي أساسيات مثل الحبكة أو أي مفاجآت.
وتكمن أهمية نقاد السينما في أنه ممكن أن يؤثر النقد بشكل عام على أداء الفيلم في شباك التذاكر. لكن ليس الجميع مستثمرين في النقد بنفس الطريقة التي يستثمر بها الكاتب والناقد المثقف.
ويعتبر روجر إيبرت هو الناقد السينمائي الأكثر شهرة بلا منازع على الإطلاق. فهو الذي قدم في «Chicago Tribune» تصنيف «إبهام لأعلى/ إبهام لأسفل» أو «إبهامين لأعلى» الذي أصبح عنصرًا أساسيًا في تقييم السينما، وكان أسلوبه عاملاً حاسمًا في تدفق الجمهور إلى صالات السينما، في صناعة استثماراتها بمليارات الدولارات.
أما عن جوائز الأفلام «وهي تختلف عن مهرجانات واحتفالات الأفلام»، ففي الولايات المتحدة التي أهم جوائز الأفلام لديها، والتي يتابعها عشرات الملايين حول العالم، هي جوائز الأوسكار وجوائز الغولدن غلوب. تأتي بعدها مباشرة جوائز نقاد السينما الأربعة المرموقة والمعروفة باسم «الأربعة الكبار»، وهي:
1- جمعية نقاد السينما في لوس أنجلوس.
2- المجلس الوطني لمراجعة الأفلام.
3- الجمعية الوطنية لنقاد السينما.
4- دائرة نقاد السينما في نيويورك «NYFCC».
وبالرغم من أزمة النقاد السينمائيين في هوليوود في الفترة السابقة واعتراضاتهم لإحساسهم بانخفاض الأهمية وأنهم زائدون عن الحاجة، مع وجود أسئلة حول غرض وقيمة المهنة في عصر المدونات واكتظاظ التعليقات والمشاركات من قبل المؤثرين والمشهورين على وسائل التواصل الاجتماعي وإهمال المراجعات ذات القيمة الثقافية، لدرجة أنهم أعلنوا «موت الناقد»؛ بالرغم من كل ذلك، تم تجاوز الأزمة، وهي ليست بالأزمة الأولى في تاريخ السينما.
ويبقى السؤال: هل السينما السعودية جاهزة لتقبل النقد السينمائي، أم هو وضع حتمي؟
كلمة: يقول الفيلسوف سارتر: الإبداع عبارة عن ثلاث حريات: حرية المبدع، وحرية المتلقي، وحرية الناقد.