نرمين يسر
لقد تغيرت أحوال المرأة السعودية بشكل كبير منذ أن قدمت المخرجة والكاتبة هيفاء المنصور، فيلمها الرائد عام 2013 بعنوان «وجدة»، الذي يدور حول فتاة سعودية عنيدة تتنافس في مسابقة القرآن على أمل أن تحصل على الدراجة الهوائية كجائزة المسابقة.
من قيادة السيارات إلى المقدرة على الظهور في الأماكن العامة بشعر ووجوه مكشوفة والاندماغ أكثر في البيئات التي يوجد فيها الذكور، تسربت حريات جديدة إلى حياتهن اليومية التي تصورها هيفاء المنصور في فيلم «المرشحة المثالية» بعناية شديدة وتفاؤل. في اللقطات الافتتاحية، تشاهد أولى لقطات الفيلم لمريم وهي تقود سيارتها بابتسامة تشوب منها رائحة الظفر بحرية طال انتظارها والمحاربة من أجلها، تسلك الطريق إلى وحدة الطوارئ التي تعمل بها في طريق غير معبد ومتهالك وغمرته المياه بسبب كسر ماسورة. تستجدي مريم المسؤولين بتلبية طلبها إصلاح الطريق المؤدي إلى الطوارئ حيث تعمل، إلا أنه لا استجابة من جانبهم.
ومن ثم نتعرف على الدكتورة مريم «ميلا الزهراني» وهي طبيبة سعودية شابة وبارعة في مجالها، تتعرض للإهانة من مريض عجوز يرفض أن تعالجه امرأة ويفضل ممرضًا ذكرًا على طبيبة سيدة يرفض النظر إليها أثناء استقبالها له في طوارئ الوحدة الصحية، وينصحها زميلها أن تختار معاركها، خاصة أنها تعيش في مجتمع أبوي.
من خلال مشاهد من هذا النوع تهدف إلى لفت الانتباه إلى ما تواجهه نساء المملكة، فإن المخرجة التي قيل إنها اضطرت إلى إخراج فيلم «وجدة» في شاحنة بعيدة عن الرجال، تمكنت هذه المرة من الاندماج مع طاقمها بفضل جهودها في السعي لتحقيق أهداف في جانب المرأة السعودية.
تعيش مريم في منزل عائلتها مع شقيقتيها سارة «نورا العوض» وسلمى «ضي» ووالدها عبدالعزيز «خالد عبدالرحيم» وهو موسيقي لا يزال حزينًا على رحيل زوجته ويتهرب من دوره كرئيس للعائلة، لكنه يهتم ويدعم ابنته مريم حين تقدمت بالترشح لعضوية المجلس المحلي، وبجرأة شديدة واجهت منتقديها في أثناء المؤتمر الانتخابي الذي من المفترض أن تعرض على الناخبين خطتها للمنطقة، ولكنهم صاحوا «المرأة مكانها المنزل».
تشهد مريم خيبة الأمل الساحقة، لديها العديد من الأقارب والأصدقاء يعملون في مناصب مهمة، ولكنها لا تستطيع تجديد تصريح سفرها منتهي الصلاحية والسفر إلى دبي لحضور مؤتمر طبي، فتصريح السفر لا يمكن أن يتم إلا من خلال موافقة والدها عازف العود المسافر في جولة مع فرقته الموسيقية. في حين تم إلغاء شرط حصول المرأة على إذن ولي الأمر في عام 2019 قبل تصوير الفيلم، إلا أن المخرجة كشفت عن الفوارق في تعامل القوانين مع النساء.
للأسف يفتقر فيلم «المرشحة المثالية» إلى قواعد بصرية متميزة مما يجعله يبدو أقل سينمائيًا وأقل أهمية عند مقارنته بجهود المخرجة المؤكدة في فيلمي «وجدة» و«ماريا شيلي»، لكن باعتباره فيلمًا يعترف بالخطوات العملاقة التي يمكن أن تحققها الانتصارات الصغيرة للنساء، فإنه يبدو مهمًا.