سلطان فادن
فيلم هيت «HEAT» من إنتاج عام 1995م، له أحداث وقصص مشوقة جدًا عند إنتاجه وبعد صدوره.
الفيلم من نوعية دراما وجريمة، وأهم حدث فني في الفيلم هو أنه أول فيلم يجمع بين الممثلَين الرائعين روبرت دينيرو وآل باتشينو، اللذين كانا حينها في قمة تألقهما ونجوميتهما ونضوجهما الفني «كلاهما تخطى سن الخمسين حينها».
سبق للنجمين أن اجتمعا من قبل في نفس العمل وهو الجزء الثاني من فيلم «العراب2 – The Godfather 2». ولكن لم يحصل أن اجتمعا في مشهد واحد لأن شخصيتيهما كانتا في زمنين مختلفين «سيفهم هذا أكثر من شاهد العراب2».
طبعًا جمع هذين النجمين في فيلم واحد كان يتطلب عملاً يتم إعداده بطريقة تناسب ومكانة النجمين. فوجد المنتجون ضالتهم في المخرج والكاتب والمنتج مايكل مان، وهو الذي كان يعيش نجاح فيلمه «The Last of the Mohicans». لكن سجله الأقوى كان بسبب نجاحه التلفزيوني عبر المسلسل المميز «Miami Vice».
ما لا يعرفه الكثيرون أن فيلم «هيت» هو فيلم إعادة لفيلم كتبه وأخرجه مايكل مان نفسه عام 1989م واسمه «L. A. Takedown». فيلم تلفزيوني لم يلقَ إقبالاً جيدًا، وكان يفترض أن يكون بداية لمسلسل تلفزيوني بنفس الاسم، ولكن المنتجين قرروا إيقاف المشروع. إلى أن ارتأى مايكل مان أنها مادة جيدة ولم تقدم حينها بالمستوى والأدوات المطلوبة، فقرر أن يعيد عمل الفيلم من جديد باسم «هيت»، أي اقتباس ذاتي. مع الاحتفاظ بنسبة كبيرة من القصة والمشاهد للفيلم الأصلي هي ذاتها في الفيلم الجديد.
كما ضم طاقم التمثيل، بالإضافة إلى النجمين الكبيرين، نجوم سينما من الصف الأول في الأدوار الثانوية. يحكي فيلم «هيت Heat» الصراع بين محقق شرطة بمدينة لوس أنجلوس «يلعب دوره باتشينو» ومجرم محترف «يلعب دوره دي نيرو»، ويصور أيضًا تأثير ذلك على علاقاتهما المهنية وحياتهما الشخصية.
المقصود بعنوان «Heat» في الفيلم ليس الحرارة، بل هو مصطلح يستخدمه اللصوص والمجرمون عند إحساسهم بخطر زيادة مراقبة الشرطة لهم، وخصوصًا في مدينة لوس أنجلوس.
صدر الفيلم بقيمة مميزة وأيضًا تقييم عالٍ، وإن لم يحقق أجندة جوائز الأوسكار حينها «تقييمات منصة «روتن توميتو» 89% من النقاد و94% من الجمهور». الفيلم كان متوازنًا ومنصفًا في توزيع ثقل الأدوار على الشخصيات، وبخاصة دوري دينيرو وباتشينو. ومارس المخرج مان أسلوبه في تميز السيناريو والتصوير السينمائي وتحرير الصوت والأغاني. ومن ذلك استخدامه لمكبرات صوت وسماعات لنشر صوت إطلاق الرصاص في شوارع وسط مدينة لوس أنجلوس لزيادة الأثر وإعطاء صبغة حرب مدن أهلية، وذلك في مشهد تبادل إطلاق النار بعد حادثة سرقة البنك.
ربَّما لم يلاقِ الفيلم التقدير المناسب من الجمهور حين صدوره يناسب جودته لعدة أسباب، منها توقع الجماهير لتصورات معينة لالتقاء هذين الجمين، واحتمال أيضًا للمزاج العام لسوق الأفلام لعرض الفيلم حينئذٍ.
إلا أن أثر فيلم «هيت» وتقديره بدأ يزداد بعدها سنة بعد أخرى. فالمخرج مايكل مان وضع بصمته بعد هذا الفيلم وأخرج مجموعة مميزة من الأفلام مثل: «The Insider, Ali, Collatetal».
الأثر المثير للجدل للفيلم بعد صدوره كان أثره في عالم الجريمة الواقعي. فمثلاً، ريدوان فايد وهو لص ورجل عصابات فرنسي شهير صرح للمخرج مان بعبارة «أنت مستشاري التقني». وبعدها أيضًا، حدثت وقائع سرقات في جنوب إفريقيا وفي كولومبيا والدنمارك والنرويج وكذلك في شمال هوليوود، اتبع فيها اللصوص نفس تقنيات السرقة التي جاءت في الفيلم. كما نفذ أحد اللصوص ويدعى لاري فيلبس في سرقته لفرع بنك أميركا، طريقة مشابهة لما جاء في الفيلم. وعثرت الشرطة على نسخ من فيلم «هيت» في منزله.
من ناحية فنية، صرح المخرج المعروف كريس نولان أنه استلهم من فيلم «هيت» نفس أجواء مدينة لوس أنجلوس وطبقها في تصوره لمدينة جوثام «الفاسدة» في فيلم شخصية الوطواط باتمان «The Dark Knight».
هذا الفيلم أحد الأدلة التي تبرهن أثر وتأثير القوة الناعمة للسينما سواء سلبًا أو إيجابًا.
مقولة في الفيلم:
«عندما تكون أعمالك في الشوارع، لا تسمح لنفسك بالتعلق بأي شيء، أنت لست على استعداد للتخلي عنه خلال 30 ثانية إذا شعرت بالحرارة قاب قوسين أو أدنى».