تركي صالح
لكل منا أعماله التي يحبها وشخصياته التي لا ينساها، والكثير يتعلق بأعمال مخرجين محددين، يتابعهم ويحتفظ بنسخ من أعمالهم، وهناك من يحفظ نصوصًا وحوارات معينة من مسلسلات وأفلام وحتى مسرحيات. أعرف صديقًا يحفظ كل «أفيهات» عادل إمام في مسرحية «مدرسة المشاغبين»، وهناك من يحفظ عباراته في «شاهد ما شفش حاجه»، والكثير يحفظون مشاهد محمود عبدالعزيز في «الكيت كات» و«الكيف»، هذا غير من يتابع «عودة عصويد» مرارًا وتكرارًا.
لكن، لماذا نعود لمشاهدة أعمال درامية سبق أن شاهدناها مرارًا؟ لو سلمنا جدلاً بأن هناك أعمالاً عظيمة لا يختلف اثنان على جودتها، فكيف نفسر ولع البعض وتكرار أعمال لا يلقى لها بال، وربما تعتبر رديئة نقديًا؟
ليس هناك إجابة واحدة أو محددة لهذا السؤال، فالإجابات متعددة والتحليلات متباينة. صحيح أن هناك أعمالاً مرجعية في فنها مثل: Friends وBreaking Bad وThe Simpsons وربَّما The Office، هذا في ما يتعلق بالمسلسلات، أمَّا الأفلام فالقائمة طويلة جدا تبدأ بـThe Godfather ولا تنتهي بـSaving Private Ryan، وهي أعمال يعود لها المتخصصون لأغراضهم المهنية، ويعود لها العشاق لاعتباراتهم التي تخصهم ذوقًا وربما شوقًا وأحيانًا ولعًا.
لكن علماء النفس يجدون في الأعمال الفنية فسحة لتوضيح وتطبيق طروحاتهم، ومنها مسألة التعلق بأعمال معينة وتكرار مشاهدتها، فيربطونها بالحنين للماضي «زمن، أشخاص، ذكريات، مشاعر» والتعود، فالإنسان كما يقولون سجين عاداته. والإحساس بالأمان، لأن معظم الأعمال التي يتعلق بها من يركنون إلى الإحساس بالأمان هي أعمال اجتماعية ذات حلول للقضايا البسيطة اليومية ولها علاقة بالأسرة غالبًا.
أمَّا الأكثر شيوعًا من الأعمال التي يتم طلبها تكرارًا ومرارًا، فهي الأعمال الكوميدية التي تزيل الضغط النفسي وتريح البال وتبعث على البهجة. ثم تأتي بعدها الأعمال الرومانسية التي ترتبط عند المشاهدين بذكرى شخصية، وربما حب لأبطالها وولع بهم، حيث يمثل فيلم من شاكلة Titanic أكثر الأفلام طلبًا وتكرارًا وشعبية عند المشاهدين لكل الأسباب السابقة.
هناك أيضًا من يتابع أعمالاً سبق له مشاهدتها للراحة وعدم إشغال عقله بحل ألغاز أعمال جديدة أو الربط بين الأحداث والشخصيات، حيث ستعيد تلك الأعمال بكسل لذيذ يركن إليه في قيلولته مثلاً أو فترات الراحة بعد مجهودات عملية.
أمَّا الإدمان، فهو لا شك سبب مهم ولا يمكن إنكاره عند متابعي الأعمال الدرامية، فهناك عدد لا بأس به من المشاهدين يدمنون مشاهدة أعمال معينة لا يجدون تفسيرًا لإدمانهم عليها، فتجدهم يعيدون مشاهدتها بين فترات زمنية متباعدة أو متقاربة، ويحفظون حواراتها، ويألفون مشاهدها، ويقلدون شخصياتها في اللبس والمشي والحديث، وحتى قصات شعورهم.
أنت أيها القارئ الكريم، هل تعيد مشاهدة أعمال معينة؟ ما هي؟ ولماذا؟