سوليوود «القاهرة»
ما بين المجاز والواقع، تتقاطع أبعاد الفيلم الجديد «بورتو فارينا» للمخرج إبراهيم اللطيف.
في هذا العمل السينمائي الجديد استعار المدير السابق لأيام قرطاج السينمائية من التاريخ التسمية ومن الجغرافيا المكان، فعنون فيمله بـ«بورتو فارينا» و ارتحل إلى ميناء «غار الملح» ببنزرت أو كما سميّ قديما «بورتو فارينا» ليضع ديكوره ويوّزع مشاهده ويلتقط زوايا تصويره… ومن هنا تتأتى مشروعية وسم إبراهيم اللطيف فيلمه الجديد بعنوان «بورتو فارينا». وقد يتهيّأ لنا أن هذا الفيلم بما يحمله من مناخات تاريخية قد يكون وثائقيا إلا أنه في الحقيقة لا يمكن أن يكون إلاّ وفيّا لخيارات صاحبه السينمائية: الكوميديا الإجتماعية. وذلك كما جاء في جريدة المغرب.
بعد أن حصد فيلمه القصير «فيزا» التانيت الذهبي في أيام قرطاج السينمائية سنة 2004، كانت آخر أفلامه الروائية الطويلة سنة 2011 بعنوان «هزّ يا وّز» لينقطع بعدها عن عدسة الإخراج. وإذا بـ«بورتو فارينا» يعيد إبراهيم اللطيف إلى الإخراج ليكون العرض ما قبل الأوّل للفيلم يوم 18 جانفي 2019 بقاعة الكوليزي في العاصمة.
التبّني قضية إنسانية
لئن يحيل فيلم «بورتو فارينا» على تسمية تاريخية ومكان واقعي معلوم العنوان، فإنه في مضمونه يتخذ من ميناء «غار الملح» مسرحا مصغرا ليختزل تونس بكل ضفافها وفي كل وجوهها… بل هو يتناول قضية إنسانية غير مرتبطة بحدود جغرافية في انفتاح على كل مكان وزمان حيث يوجد الإنسان.
في تقديم فيلمه الجديد صرّح إبراهيم اللطيف لـ «المغرب» بالقول: «هو مشروع سينمائي يعود إلى 5 سنوات خلت حيث حصل على منحة دعم من وزارة الثقافة تحت عنوان «عرسين وثورة». ولكن تأجل تصوير هذا الفيلم لعدّة ظروف سيّما أمام انشغالي بالمهام الإدارية على رأس أيام قرطاج السينمائية».
ويتطرق فيلم «بورتو فارينا» إلى مسألة التبني ما بين التحريم والإكراهات الإجتماعية عن طريق قصة شاب يقيم بفرنسا لكنه يعود إلى أرض الوطن ليتزوج ابنة عمّه… ولكن في الرحلة من المجتمع الغربي إلى المجتمع العربي هل ستحلّ إشكالية التبني؟
عودة محمد إدريس إلى التمثيل
يستعين المخرج إبراهيم اللطيف في فيلم «بورتو فارينا» بنخبة من الفنانين القادمين من المسرح إلى السينما على غرار فاطمة بن سعيدان ولطيفة القفصي وجميلة الشيحي ووجيهة الجندوبي و نجوى زهير ومحمد السيّاري ومنيرة الزكراوي … وبخصوص هذا الخيار الفني أكد إبراهيم اللطيف إيمانه بأن المسرح هو مدرسة التمثيل الكبرى وأن الركح هو خير معلم وأن الفنان المسرحي أكثر إبداعا وفنا في الأداء…
ولعل من مفاجآت هذا الفيلم الجديد لإبراهيم اللطيف إعادة الفنان محمد إدريس إلى التمثيل وشاشة السينما بعد طول غياب عن الساحة الفنية التونسية. وقد أفاد المخرج بأن «السيناريو هو الذي أقنع محمد إدريس بالعودة إلى التمثيل بالرغم من أنه قد اختار منذ سنوات الاستقرار بفرنسا ليكون التواصل أولا حول الدور عن طريق وسائل التواصل الحديثة ليلتحق بعدها محمد إدريس بفريق الفيلم في مكان التصوير بميناء غار الملح».
«بورتو فارينا» نقد
في ثوب السخرية
إلى أي مدى سيتقاطع فيلم «بورتو فارينا» مع الرؤية السينمائية والأطروحات الجمالية في أفلامه السابقة، يجيب المخرج إبراهيم اللطيف فيقول:» مع كلّ فيلم جديد أمسك فيه الكاميرا أبذل قصارى جهدي حتى أقدّم سينما مختلفة. ولأن الكوميديا الاجتماعية تستهويني وتأسر اهتمامي فإني أجد نفسي في كل مرّة أشتغل على هذا الصنف السينمائي الذي أراه أصدق تعبيرا وأكثر تأثيرا بما يحمله من نقد لاذع وإن جاء في خطاب ساخر. ولعل فيلم «بورتو فارينا» هو أكثر أفلامي نضجا لأنه استهلك وقتا وجهدا في وضع السيناريو بل قد يصح القول بأننا أعدنا كتابة السيناريو أثناء التصوير. ولهذا أعتبر أن هذا الفيلم ليس فقط من إخراج إبراهيم اللطيف بل هو بإمضاء كل من شارك في العمل من تقنيين محترفين وفنانين مبدعين…».
ولئن أبدى إبراهيم اللطيف أسفه لأن الوقت لم يمهله ليكون العرض الأول لفيلمه الجديد في أيام قرطاج السينمائية فإنه خيّر بدل استعجال التصوير أن يقدم عملا في مستوى الانتظارات وإن كانت ولادته على مهل.