محمد عبدالله الأنصاري
«I’m going to destroy your play»، هكذا كان رد شخصية الناقدة المسرحية في فيلم Birdman للممثل «Michael Keaton» الذي ينتظر افتتاح مسرحيته. هاجس الشخصية في الفيلم يعود إلى الخوف من الآراء السيئة عن المسرحية ونظرة الجمهور إليه. في سِياق صناعة الأفلام لا يمكن أن تتجاهل رأي المشاهدين تجاه الفيلم، وتبني آمال وردية حول فيلم لا يحمل أي نوع من المشاعر. قد تواجه كمشاهد غير راضٍ تجاه ما تشاهده في صالات السينما أو في منصات العرض، عبارات مثل «الفيلم ليس موجهًا لك!»، أو «الفكرة أعمق من أن تفهمها!»؛ وما هي إلا مناورات فوقية للمشاهدين.
بعد الظهور المخيب للآمال في أميركا لفيلم «Cats 2019» لاستديو «Universal»، الذي بلغت خسائره 6.5 مليون دولار قبل موسم أعياد الميلاد، فشل فيلم «Cats» في اكتساب أي شعبية بين رواد دور السينما خلال أكثر أوقات العام ازدحامًا. ففي الربع الثاني من سنة 2019، هبط الفيلم إلى المرتبة التاسعة على شباك التذاكر حول العالم، إذ جمع 8.7 مليون دولار في خمسة أيام. ولكن الجمهور الذي ما زال يضرب الفيلم بالآراء السلبية؛ ساهم في حصوله على تقييم 2/10 على منصة IMDB، وتراكمت آراء الفيلم السلبية حتى أصبحت موجة كره على مستوى العالم.
إذا كُنت صانع أفلام، فإن ردة فعل مشاهدي فيلمك هي في المقام الأول المرجع الذي تبني عليه القصة، واختيار السينما أو المنصة المناسبة لعرض الفيلم تأتي ثانيًا. وربَّما تساءلت يومًا عن سبب اهتمام مخرجي ومنتجي الأفلام العالميين بالذهاب للمهرجانات السينمائية «مهرجان كان، مهرجان فينيسا»، وعن سبب إقامة مؤتمرات صحافية أثناء هذه المهرجانات. تعود هذه الفكرة في الأساس، بغض النظر عن عرض الفيلم للمرة الأولى، إلى خلق سمعة جيدة للفيلم من خلال عرضه على الصحافيين والنقاد، وكذلك المهتمون بالمهرجان؛ لأن هذه المهرجانات أساسًا هي للاحتفاء بأفلام السنة، وقياس ردود الفعل داخل المهرجان هو حديث الساعة. ففي مهرجان كان سنة 1969 قبل 50 عامًا، ساعد المخرج الفرنسي «Jean-Luc Godard» في إغلاق مهرجان كان السينمائي في خطوة تضامنية مع الطلاب المتظاهرين في جميع أنحاء فرنسا حينها، في حدث تاريخي يثبت أن السينما تعتمد بشكل أساسي على الرأي العام، وأنهما وجهان لعملة واحدة لا يمكن تجاهل أحدهما على حساب الآخر.
رأيك كمشاهد للأفلام مهم، ونجاح الفيلم يُقاس بناء على ردة الفعل العاطفية لمشاهديه، ويمكن أن يكون هذا الرد إيجابيًا أو سلبيًا، أو أي استجابة عاطفية أخرى، وذلك يعود إلى عمق القصة وارتباطها بالمجتمع. وإن ما يُحدث فرقًا في تفاعل الرأي العام والمشاهدين تجاه أي عمل سينمائي، يأتي في تكامل عناصر الفيلم، كما حدث في الفيلمين السعوديين «حد الطار» و«أربعون عامًا وليلة». مشاهدو الأفلام أكثر تطورًا من أي وقت مضى، ولكن لا يزال هناك فئة من المشاهدين ممَّن يمكنهم الاستمتاع بأي شيء.. غير أن معظم محبي الأفلام لديهم أذواق وتفضيلات محددة، وهم لا يخجلون من مشاركتها.