سوليوود «القاهرة»
بدأ موسم نصف العام السينمائى بداية مشجعة،تمثلت فى عرض ثلاثة أفلام دفعة واحدة هي: ساعة رضا، وعمر خريستو، و122 وهذا الأخير نتوقف عنده، لعدة أسباب. وذلك بحسب موقع الأهرام.
أول هذه الأسباب بطل الفيلم، وهو طارق لطفى الذى يعود إلى السينما بعد غياب 9 سنوات منذ آخر تجربة قدمها وكانت بعنوان أزمة شرف، وثانيا: نوعية الفيلم الذى ينتمى إلى سينما الرعب والتشويق وهى النوعية التى نادرا ما تتناولها السينما المصرية، باستثناء محاولات محدودة قدمها صناع السينما على فترات متباعدة بالإمكانات التكنولوجية المتاحة فى وقتها ومنها سفير جهنم الذى قدمه يوسف وهبى عام 1945، والذى صنفه أغلب النقاد كأقدم فيلم رعب مصري، وتلاه فيلما إسماعيل ياسين:« حرام عليك»، و«إسماعيل ياسين فى متحف الشمع» وهما الفيلمان اللذان ينتميان لكوميديا الرعب. وفى الستينيات عرفت السينما المصرية تجربة جادة للنجم محمود المليجي، ومريم فخر الدين في«القصر الملعون».. وبعد فترة انقطاع لتلك النوعيات عاد المخرج محمد شبل ليقدمها فى «أنياب» وتلا ذلك الإنس والجن للمخرج محمد راضي، والتعويذة. وبالطبع لا نستطيع أن ننسى التجارب المميزة للمخرج كمال الشيخ الأب الروحى لسينما الإثارة والتشويق فى السينما المصرية، إلا أن الحال يختلف كثيرا فى فيلم «122»، الذى توافرت له إمكانات تكنولوجية كبيرة، ويحسب لصناعه جرأة الفيلم حيث تم طرحه بنسخ عادية، وأخرى بتقنية 4D، وهو الأول عربيًا بهذه التقنية.
تساؤلات مشروعة
من الأسئلة التى يجب طرحها عند مشاهدة « 122»: هل نجح كفيلم رعب، وهل علينا مقارنته بما نشاهده من أفلام رعب أمريكية، وهل علينا أن نقف مع التجربة برغم بعض النواقص؟.
بالفعل نجح صناع فيلم» 122» فى تقديم تجربة مختلفة عن النمط السائد من السينما التجارية فى السوق المصرية والعربية، وهو ما يحسب لهم منذ مشهد ما قبل التترات، الذى بدأ بشكل سينمائى جيد من حيث الإيقاع، والموسيقي، وزاوية الكاميرا الضيقة والإضاءة المعتمة.. وفى هذه اللقطات السريعة نحن أمام واحد من أبطال الفيلم نصر الذى (يجسد دوره أحمد داود)، ويبدو عليه أنه مطارد، فى مكان مغلق، ومصاب ويحاول الفرار، وهى اللقطات التى نربطها بالأحداث بعد ذلك، حيث يبدأ الفيلم معه وهو فى طريقه إلى مكان عمله، بأحد محلات الأحذية، ونراه يتحدث فى الهاتف بلغة الإشارة إلى أمنية التى تجسدها أمينة خليل، «فهى صماء»، وتعمل فى أحد «الكوافيرات»، ومع اللقطات السريعة والمكثفة، والمونتاج الذكي، والموسيقى التصويرية المناسبة نتعرف إلى البطلين وعالميهما، وإصابتها بالصمم التى تمنع «نصر» من الارتباط بها،والوقوع فى حبها (وهذا بعد إنساني) يحسب لصناع الفيلم أيضا، دون مط أو تطويل.
ونعرف من المشاهد المتتابعة أنهما يعانيان من متاعب مادية لإتمام الزواج، بعد أن قام بتزويج شقيقته الوحيدة، وأن أمنية حامل منه فهما «مكتوب كتابهما»، لكنه يطلب منها أن، تسمح له ـ لآخر مرة ـ بالعمل مع صديقه شيكو الذى تكرهه لأنه يحاول جره لتجارة المخدرات، ويعدها نصر بأن تلك هى المرة الأخيرة ليتمكنا فقط من الزواج، وتصر هى على أن ترافقه فى تلك الرحلة ويتعرضان لحادث على الطريق، ويتم نقلهما إلى المستشفي، ليدخلا فى مواجهة أسوأ كابوس فى حياتهما ( تلك المشاهد السريعة المتلاحقة لا تستغرق كثيرا على الشاشة، مصنوعة بحرفية وتحمل قدرا كبيرا من التشويق)، خصوصا أنها تمهد للحدث الرئيسي، الذى يدور فى ليلة واحدة، ومكان واحد، (بالطبع لن نستطيع كشف تفاصيل الحدث وأحداث السيناريو تفصيليا وما الذى يدور فى هذا المستشفى الذى يديره طبيب يجسده طارق لطفي، بحرفية شديدة، ودور مغاير عن سابق أدواره المثالية، فهو طبيب لا يعرف الرحمة أو الإنسانية ويعمل فى تجارة الأعضاء البشرية، وتتصاعد الأحداث ولن نكشف تفاصيلها حفاظا على حبكة الفيلم، و حتى لا يؤثر ذلك على مرتاديه).
الفيلم إجمالًا يُمثل نقلة نوعية فى أفلام التشويق والإثارة فى السينما المصرية، ويُحسب لصنّاعه هذا التطور، إذ كانت المؤثرات البصرية والموسيقى التصويرية أحد أهم مميزات العمل وأداء الأبطال كان جيدًا للغاية؛ طارق لطفي، ودور مغاير كطبيب عن سابق أدواره المثالية، وكذلك أحمد داود الذى يقدم دورا يحمل الكثير من التحدي، ويضاف إلى أدواره المتميزة، وأمينة خليل التى أجادت إلى حد كبير دور الفتاة الصمّاء، ويبدو أنها، بذلت مجهودا لتخرج من جلباب الفتاة المثالية.
وأيضا أحمد الفيشاوى فى دور الطبيب الذى يعمل مع طارق لطفى رغم أن عدد مشاهده قليلة، ومحمد لطفى فى دور الضابط.
فيلم «122» تجربة مختلفة، تفتح بابا لسينما الرعب والإثارة مصنوعة بشكل جيد، وفى ظنى لا تجب مقارنتها بما تقدمه هوليوود، لأن المقارنة ستكون ظالمة، إلا أنه يحسب لصناع العمل محاولتهم عمل فيلم تجارى ينتمى إلى أفلام الرعب والإثارة بشكل جيد فى العناصر الفنية كلها. التصوير لأحمد كردوس، والمونتاج لعمرو عاكف، والديكور لأحمد فايز والموسيقى لسيف عريبي،.
وبرغم بعض نقاط الضعف فى السيناريو وبناء الشخصيات ودوافعها، وبعض التفاصيل المتعلقة بإصابات الأبطال، فى الأحداث والصورة التى ظهروا عليها بعد ذلك، إلا أن مشهد العودة للمستشفى ثانية وظهور محمد ممدوح كانت ما بعد الذروة anti climatic.
«122» أول فيلم مصرى بتقنية 4D ومن إخراج العراقى ياسر الياسري، الذى قدم تجربة متميزة، ويضم العديد من النجوم، ومن بينهم: طارق لطفي، وأحمد داوود، وأمينة خليل وأحمد الفيشاوي، إلى جانب محمد ممدوح ومحمد لطفي، وتارا عماد كضيوف شرف، وتأليف صلاح الجهيني.