سوليوود «خاص»
يتميز مجال النقد السينمائي بطابع جمالي وتحليلي خاص؛ إذ يُعدّ من أبرز العناصر الفنية الهامة في مجال صناعة الأفلام التي تهتم بتذوق وتقييم الأعمال الفنية بداية من السيناريو والقصة، والتصوير والموسيقى، والتمثيل والإضاءة والمونتاج وما إلى ذلك. والشغف بالسينما والخبرة أهم العناصر التي يمتلكها الناقد السينمائي بجانب الدراسة الأكاديمية والعملية لصناعة الأفلام، والدراسات السينمائية.
ويهتم الناقد السينمائي، برصد كل مكونات العمل، ويحلِّلها من الناحية الفنية والتقنية لتبسيط الرسائل النفسية والفنية التي يهُدف العمل إلى إيصالها للمشاهد من خلال استجلاء ملامحه المتنوعة والرسائل التي يتبناها المخرج لتمرير خطابه من خلال المضمون الإيحائي والرمزي، وكذلك الدلالي للأفلام.
ويسعى الناقد بشكل مستمر للخروج بتحليل موضوعي رصين عن العمل يَضُمّ الأبعاد الجمالية والفكرية له، عارضًا آراءه السلبية وكذلك الإيجابية. وفي سياق متصل يهدف إلى تقريب الجمهور من رسائل الفيلم ما يجعله يُنتج آراء مُتباينة عن الفيلم تُساهم بشكل كبير في نجاحه أو فشله.
ويُعدُّ الناقد السينمائي صاحب دور محوري في زيادة أو تراجع إيرادات الأفلام التي ينقدها، إضافة إلى تأثيره المباشر على كيفية استقبال الجمهور للأعمال؛ إذ يمتلك مخزونًا ثقافيًا بتاريخ السينما وحاضرها، ومهارات الكتابة النقدية الجيدة، ومهارة الإقناع والتواصل الجيد مع الجمهور، وفهمه المميز للغة الشاشة بشكل بديهي وسريع، وتعمقه في الجوانب المختلفة من علم النفس وتحليل الشخصية ولغة الجسد.
ونستعرض خلال السطور التالية نبذة مختصرة عن أشهر نُقاد السينما العالمية، ومنهم الناقد الأميركي «إدغار آلان بو»، والناقد البريطاني «فيليب فرنش»، والناقد الفرنسي «جون فرودون»، والناقد المصري – الأميركي «إيهاب حسن»، وقائمة تضم مجموعة من الكتب الخاصة بالنقد السينمائي، التي تُسهم في فهم أعمق وأنضج للأعمال الفنية التي يشاهدها الجمهور.
الناقد الأميركي «إدغار آلان بو»
هو ناقد أدبي أميركي، وكان أول كاتب أميركي معروف يحاول كسب لقمة العيش من خلال الكتابة وحدها، مما جعله يعيش حياة صعبة ماليًا ومهنيًا. وله عدة قصص شهيرة ومنها «القط الأسود». ويعتبر مخترع نوع خيال التحري، وله الفضل في المساهمة في هذا النوع النقدي.
الناقد البريطاني «فيليب فرنش»
يُعدُّ أحد كبار نقاد السينما في العالم، بدأ العمل مع «الأوبزرفر» في فبراير 1963، واعتبرته مجلة السينما الأميركية «فيلم جورنال» من العظماء في مجال النقد السينمائي.
وشارك «فرنش»، في لجنة التحكيم الدولية بمهرجان كان السينمائي عام 1986. وأَصدر عددًا من الكتب المهمة، منها: «وجدتها في الأفلام: انعكاسات هاوي سينما»، و«الويسترن: جوانب النوع السينمائي»، و«الرقابة على الصورة السينمائية».
حصل على لقب أفضل ناقد سينمائي في العام (2009) في بلده، ومُنح لقب «فارس» من بريطانيا. كان «فرنش»، دائمًا مهتمًا بالتطرق إلى الأفلام القديمة وتذكير القراء بها واستعادة تقاليدها في معظم كتاباته.
الناقد الفرنسي «جون فرودون»
وهو ناقد سينمائي فرنسي وواحد من أهم النقاد السينمائيين حول العالم، وكان مسؤولاً عن صفحة السينما في موقع «سليت» الإلكتروني، وعمل بتدريس النقد السينمائي في فرنسا، ودائمًا ما يؤكد في مقالاته أن مهمة الناقد السينمائي الأبرز لا بدَّ أن تكون في ربط السينما بالمجالات الأخرى كالمجتمع والسياسة والاقتصاد.
شارك في العديد من المهرجانات الدولية حول العالم، كناقد وعضو لجنة تحكيم ومحاضر، ومنها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2016، وكانت له عدة إسهامات في عالم السينما، منها: فيلم «جا جنكي: رجل من فينيانج»، الذي صدر عام 2014، وشارك الفيلم في الكثير من المهرجانات العالمية.
الناقد المصري ـ الأميركي «إيهاب حسن»
وهو ناقد مصري هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1946، وعمل في تدريس الأدب واحتل موقعًا متميزًا، سواء على الصعيد الأكاديمي الأميركي والعالمي «حاضر في قارات العالم الخمس»، أو على صعيد النظرية والدراسات النقدية، وصدرت له العديد من المؤلفات النقدية، منها: كتاب «البراءة الراديكالية: دراسات في الرواية الأميركية المعاصرة».
وأجرى سلسلة تنويعات على مبدأ نقدي متماثل يرى أن السمة المركزية في الأدب الحديث هي العدمية الراديكالية في مسائل الفن والشكل واللغة.
3 كتب تُغير منظور مشاهدة الأفلام السينمائية
وقد يلجأ الكثير من مُحبي الفن السابع إلى مشاهدة الأفلام لقضاء وقت ممتع ومسلٍّ فقط؛ بينما يهتم فريق آخر من الجمهور بتفكيك تلك الأفلام وتحليلها لفهم الرسائل الخفية والأبعاد الجمالية لها. ونرصد فيما يلي مجموعة من الكتب الخاصة بالنقد السينمائي، التي تُسهم في فهم أعمق وأنضج للأعمال الفنية التي يشاهدها الجمهور، ومنها: كتاب «التذوق السينمائي» لـ«آلان كاسبيار»، وكتاب «تشريح الأفلام» لـ«برنارد ف. ديك»، وكتاب «عن النقد السينمائي الأميركي» لـ«إدورد ماري».
«التذوق السينمائي» لـ«آلان كاسبيار»
يناقش كتاب «التذوق السينمائي» لـ«آلان كاسبيار»، في الجزء الأول منه أساسيات صناعة الأفلام وكل السبل السينمائية التي تعتمد على قدرات المتفرج الإدراكية والانفعالية.
وهو مؤلف سلس وبسيط في أسلوب سرده بحيث يُمكن المشاهد من تحليل عناصر أي مادة فيلمية يقوم بمشاهدتها ليجعل فهمه أعمق لبنائها وتركيبها، ويدرك الرسائل الغامضة والإيحائية من العمل.
ويركز الجزء الثاني منه على الكيفية التي تخلق بها الصورة السينمائية الواقع واللاواقع. ويختتم الجزء الثالث بفحص دقيق للأساليب السينمائية وبعض الأسس النظرية للنقد السينمائي.
وعلى ذلك، يمكن القول إن هذا الكتاب يُعد دليلاً إرشاديًا بسيطًا لمن لديه شغف بعالم السينما، فهو يجعله قادرًا على تذوق الأفلام السينمائية بشكل ناضج وعميق من خلال إدراك الوسائل المندمجة البصرية والسمعية وغيرها من نواحي الفيلم التي تخرجه إلى نطاق الواقع.
«تشريح الأفلام» لـ«برنارد ف. ديك»
يقدم المؤلف «برنارد ف. ديك»، في كتابه «تشريح الأفلام» مجموعة مميزة من النصائح حول التحليل النقدي للأعمال الفنية، ويرفقها بنماذج لنصوص نقدية لأفلام كلاسيكية وحديثة مثل «الثور الهائج» لـ«مارتن سكورسيزي».
ويبرز في الكتاب أهم المصطلحات السينمائية التي يؤسس عليها هذا الفن، ومن المهم أن يكون على دراية كاملة بها كل شغوف بعالم السينما.
ولعل أبرز ما يميز هذا الكتاب النقدي هو الصياغة الهادئة والبسيطة التي تُمكن القارئ والمشاهد غير المتخصص في هذا الفن من فهمها وتطبيقها على نماذج الأفلام المفضلة لديه لرؤيتها بشكل أعمق. ويهتم المؤلف بشرح طبيعة اللقطات وأنواعها، والزوايا وحركات الكاميرا ومدلولاتها، والانتقالات وأشكالها، وأنواع ونظريات المونتاج، والاستخدام الإبداعي والرمزي للإضاءة والألوان.
«عن النقد السينمائي الأميركي» لـ«إدورد ماري»
يُمكن القارئ لهذا الكتاب عن النقد السينمائي، من مشاهدة الأعمال الفنية بمنظور متطور وتذوق حساس للأفلام؛ إذ يتناول أعمال تسعة من أكبر متخصصي النقد في الولايات المتحدة الأميركية، يمثلون تيارات نقدية متنوعة وشاملة لفنون النقد، جاءت في فصول مقسمة داخل الكتاب، ومنها: الناقد الهاوي، وجيمس أجاي، وبولين كيال والنقد التعددي اللاجمالي، وروبرت وارشو والنقد الاجتماعي.
وأفرد الكتاب مساحة كبيرة لطبيعة العلاقة المتوترة في معظم الأحيان بين صُنَّاع الأفلام والنقاد، وأبرَز النظرية النقدية والجمالية للأفلام، والنقد التطبيقي لها.