سوليوود «متابعات»
أفرزت رؤية 2030 وتركيزها المتجدد على الإعلام والترفيه إلى زيادة الطلب على إنشاء محتوى احترافي في الإنتاج الإعلامي والأفلام يلهم ويعزز مجتمع نابض بالحياة، وأصبح لدينا مهنيون مؤهلون لتلبية احتياجات السوق لهذه الصناعة المزدهرة من طلاب برنامج بكالوريوس العلوم في الفنون السينمائية بجامعة “عفت” القائم على أسس استراتيجية، حيث يقدم برنامجها الدرجة الجامعية الأولى والوحيدة في التعليم العالي في السعودية.
وفي حديث “العربية.نت” مع الدكتور محمد غزالة أستاذ الرسوم المتحركة ورئيس مدرسة الفنون السينمائية بجامعة عفت بجدة، وهي أول أكاديمية من نوعها في السعودية لتدريس صناعة الأفلام والرسوم المتحركة، إلى جانب كونه نائباً لرئيس الاتحاد الدولي لأفلام الرسوم المتحركة (ASIFA)، ومؤسس الفرع الإقليمي للاتحاد الأول في إفريقيا وفي العالم العربي.
البرنامج الأكاديمي
يقول الدكتور غزالة إن الدراسة وحدها لا تستطيع أن تجعلك محترفاً سينمائياً، وهي فقط تجعلك على وعي وإدراك بتفاصيل المهنة ومعرفة كيفية العمل في المجال السينمائي، وإدراك تعقيد الصناعة، فالفن السابع معقد أكثر من الفنون الستة الأخرى، وهو فن بنائي، يعتمد على فن ما قبل الإنتاج وأثناء الإنتاج وما بعده، ومن المهم أن يدرك العامل دوره الحقيقي والمحدد في الصناعة، لذلك لا نغفل أهمية التدريب العملي وأهمية الممارسة الفعلية للنشاط السينمائي، الذي يساهم في تطوير وبلورة العامل في فريق العمل الفني وتكوين الخبرات.
وأعرب الدكتور غزالة عن سعادته بدوره الأكاديمي، لأنه يعطيه بعض العزاء ويعوضه عن وقت عدم صناعة الأفلام، فهو يساعد أجيالا في تعلم وسيلة للتعبير عن أنفسهم ويعكس حضارتهم وثقافتهم من خلال أعمالهم الفنية، وأوضح أن الهدف الأساسي من البرنامج الأكاديمي هو تقديم منهج دراسي حديث في مجال الإعلام والفنون السينمائية، سريع التغير والمساهمة في كتابة تاريخ صناعة الأفلام في السعودية والخليج.
مدرسة الفنون السينمائية ومهرجان دولي للطلاب
احتفلت جامعة عفت مؤخراً بمرور عشرة سنوات، حيث بدأت الدراسة السينمائية في خريف 2013 تحت مسمى الإنتاج المرئي والرقمي، وأول دفعة كانت “16 طالبة” تخرجن في ربيع 2017 وهن يعملن في السوق بشكل احترافي ومنهن من أكملن الماجستير في التخصص.
وكشف أن هناك طالبات منهن متميزات إحداهن “جواهر العمري” التي أصبحت من مؤسسي جمعية السينما السعودية، وحصل مشروع فيلمها الأخير على دعم وجائزة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي، وهو نفس الفيلم الذي حصل على دعم من مهرجان القاهرة الدولي.
وأوضح الدكتور غزالة أن مهرجان عفت السينمائي الدولي لأفلام الطلاب، بدأ في ربيع 2014 كمنصة لعرض أفلام للطلاب خلال سنة كاملة من الأكاديمية والإنتاج المتنوع سواء في الرسوم المتحركة أو الأفلام الوثائقية أو الأفلام الروائية القصيرة، وتطورت الفكرة مع الوقت إلى مهرجان رسمي في 2018 وفي عام 2023 تحول إلى مهرجان دولي بحيث أصبحنا نستقبل أفلاما من العالم كله من طلاب مدارس السينما في العالم كله، وبالفعل تم مشاركة 2001 فيلم من 103دول، وتم تصفيتهم إلى أفضل 47 فيلما من 27 دولة، وأصبح لدينا تنوع في الأفكار والقصص والتقنيات، وأصبحت لجنة التحكيم من عدة دول وكنا محظوظين في الدورة العاشرة لتواجد أسماء مهمة في الصناعة.
وأبان أن أهم ما يهدف إليه مهرجان عفت السينمائي الدولي لأفلام الطلاب، هو أن يلتقي الطلاب بصناع السينما المحترفين والأكاديميين، بهدف توسيع أفق العاملين في المجال ونشر الثقافة السينمائية، وهي أيضا وسيلة للحصول على فرص للمشاركات السينمائية في أطر متعددة من أهمها التعاون والاستشراف للمستقبل في التوزيع والإنتاج.
لجان التحكيم
عمل الدكتور محمد غزالة مستشارًا سينمائيًا لعدة مهرجانات دولية، يقول: دوري كعضو لجنة تحكيم هو فرصة للاطلاع على المزيد من الأفلام، كما كان هدفي الأول هو التعريف بسينما التحريك في المنطقة العربية والإفريقية وإثبات التواجد المحلي، فهناك فجوة تاريخية عن إسهامات المنطقة، وقد كنت عضوا في أكثر من 30 مهرجاناً عالمياً مختلفاً في دول مختلفة ولجان متباينة، من حيث طريقة تناول العمل الفني، وهناك جماهير شديدة الاختلاف من حيث علاقتها بالفيلم، إلا أن الجماهير دائما تبحث عن المختلف وتحتاج أن تشاهد أعمالا مختلفة عن أعمال ديزني والإنمي الياباني الشهيرة، لذلك من الممتع أن أساهم في الترويج لأعمال وثقافة وحضارة المنطقة المتنوعة، ليس فقط المصرية أو السعودية بل العربية والشرق أوسطية والإفريقية وثقافة دول البحر المتوسط والإسلامية، هذه المشاركات أيضا تجعلني أكثر انفتاحا على العالم وبلا شك تطور من ذائقتي ورؤيتي الفنية وشخصيتي الفنية.
ريادة ورسالة
تابع الدكتور غزالة: إن الأفلام المتحركة هي لا تختلف عن الأفلام السينمائية الحية، فقط الاختلاف في التقنيات المختلفة في توصيل الرسالة، لكنها هي بنفس المعايير من تفاصيل الصوت والصورة والمونتاج والكادر السينمائي، ومن عنصر الوقت والقصة والسيناريو ودراما الشخصيات “كاركتر”.
كما أن فن السينما هو فن عابر للحدود، وصناعة العمل الفني هي عمل جماعي يشبه بناء منزل أو مبني، يحتاج دائماً إلى عدد كبير من تخصصات مختلفة، فبالتالي يشارك عدد كبير من الصناع في هذا العمل، وهي سينما تحقق عائدا اقتصاديا للأفراد والدول، وقد نجحت عدة دول في فرض تأثير ثقافتها على العالم، وأفلام الرسوم المتحركة هي أفلام مجدية واقتصادية تحقق أرباح مذهلة ومؤثرة على سبيل المثال فيلم “افتار” الذي كسر حاجز المليار دولار أرباح.
وأضاف: لها جمهور عظيم رغم أن هناك نظرة قاصرة من بعض النقاد والجمهور، تقول عن هذا الفن ووصمه بالمسلي والطفولي، نسبة إلى جمهوره، حيث ظلّ فن التحريك حتى وقت متأخر على هامش الأدبيات والدراسات السينمائية على صعيد عالمي، وبشكل حاد في العالم العربي الذي ما زال يفتقر إلى مناهج تكونيّة خاصة به ومدرجة بشكل فعّال، وقد لا يوجد لدينا نقاد متخصصون في هذا المجال السينمائي في عالمنا العربي.
أبحاث أكاديمية وكتب
ويهتم الدكتور محمد غزالة في أبحاثه الأكاديمية برصد تاريخ سينما التحريك في المنطقة العربية والإفريقية، له كتابان عن الرسوم المتحركة في الوطن العربي وإفريقيا، فنشر كتابه الأول بعنوان “الرسوم المتحركة في العالم العربي” (ألمانيا 2011). وأصدر كتابه الثاني بعنوان “سينما التحريك في إفريقيا” (القاهرة 2013).
ومن خلال بحث استمر أكثر من عشر سنوات، يحاول الباحث أن يغطي تفاصيل نادرة عن فن سينمائي هام، لم يرصد من قبل بهذه الكثافة والتركيز، ومن خلال لقاءات مع صناع الأفلام والمختصين، يحاول الكتاب تقديم صورة تقريبية عن نشاط سينما التحريك عبر القارة الإفريقية، والذي استقى الكثير من معلوماته من أفواه صانعي الأفلام والنقاد، خلال لقاءات شخصية، وبحث في أرشيف العديد من مراكز السينما ومراجع الفنون الإفريقية، والتي لم تكن ميسورة بدون التواصل المباشر والشخصي للباحث، بالإضافة للسفر إلى العديد من البلدان لاستقاء المواد من منابعها والتقاء الرواد مثل مصطفى الحسن من النيجر، ومحمد عرام من الجزائر، ومحادثات مع الرائد المصري على مُهيب، وغيرهم من أساطير هذا الفن في العديد من البلدان مثل جنوب إفريقيا وكينيا ونيجيريا وغانا وتونس والجزائر والمغرب وليبيا وجزر القمر والرأس الأخضر وتنزانيا.
الأفلام والإخراج
يركز الدكتور غزالة بشكل أساسي على إنتاج أفلام تحريك تجريبية مستقلة بمفرده أو في سياق ورشات العمل الدولية أو من خلال الإقامات الفنية مثل التي تم تنظيمها من قبل هيئة اليونيسكو في كولومبيا وكينيا أو المركز الثقافي السويسري في زيوريخ، كما أخرج العديد من الأفلام التي حازت عدت جوائز دولية.