سوليوود «خاص»
تُساهم السينما بشكٍل جَلِيّ في تشكيل ثقافات الشعوب، وتؤثر كذلك في نشر المُصطلحات الدارجة التي تنُقل من إفيهات وقفشات الأفلام، التي قد تكون كوميدية حينًا، وتراجيدية واجتماعية حينًا آخر، وبين هذه وتلك لا يمل المُشاهد من رؤية تلك الأعمال المؤثرة مرات عديدة، وقد يجد أيضًا متعة في تكرار الإفيهات مع المُمثلين حين عرض الفيلم، وتبقى تلك العبارات متداولة لوقت طويل على مرّ الأجيال سواء كانت جديدة أو قديمة خاصة إذا كان العمل ناجحا وذا قيمة.
وننتقي خلال هذا التقرير 5 مشاهد من أفلام سينمائية مصرية يُمكن رؤيتها أكثر من مرة دون كلّل، وأكثر الُمقاولات السينمائية الواردة فيها، والتي ما زالت مؤثرة وموجودة بيننا نتذكرها في مواقف مشابهة لقصة العمل ونُرددها ومنها:
مشهد فتح الهويس في فيلم شيء من الخوف
اشتهر فيلم شيء من الخوف، الذي تم عرضه للمرة الأولى عام 1969م، بمشهد فتح الهويس للفنانة شادية، كما ذاع صيته أيضًا بجملة «جواز عتريس من فؤادة باطل»، في إشارة إلى جبروت بطل العمل «عتريس»، والذي أَدَّى دوره الفنان محمود مرسي، الذي أعلن زواجه من البطلة فؤادة والتي قدمت دورها شادية، دون موافقتها ورغمًا عنها ما دفع أهل القرية لترديد جملة «جواز عتريس من فؤادة باطل» للتنديد بظلم البطل.
والمشهد يبدأ بظهور فلاحي القرية من الدهشانة، والحُزن واليأس يُخيم على عمومهم بسبب انقطاع مياه الري عن أراضيهم بأمر من «عتريس»، الذي عاقب أهل القرية بإغلاق الهويس، بعدما ُقتل أحد رجاله، وبصوٍت يُسيطر عليه اليأس يقول أحد الفلاحين للبطلة: «ديا منوباة وإذا ذهب ميعادها يُجف الزرع»، مع بث موسيقى حزينة تدعم الموقف، والكلمات المؤثرة «الزرع جف الأرض بتقول غيثوني جف الشجر مات القمر»، ويُظهر المشهد الشهير تحدي الفنانة شادية للبطل عتريس وضربها لأوامره بغلق الهويس عرض الحائط، وفتح الهويس ثم جريان المياه على الأرض الجافة وفرحة الفلاحين بالمياه وسط زغاريد نساء القرية، وتفاجأ «عتريس»، ورجاله بعودة المياه للقرية، ثم ذهابه إلى موقع الهويس ليرى «فؤادة» وهي من قامت بفتحه ثم يحاول أحد رجاله قتلها إلا أن البطل يأمرهم بالتراجع فيخضعوا لأمره ظنًا منهم أنه يريد هو قتلها لكنه يطلب منهم ترك المكان والتراجع فورًا، وبعدها تُغني البطلة “شادية”، أُغنيتها الحزينة «يا عيني على الولد»، على أنغام الموسيقى الحزينة.
عبارات شهيرة في الفيلم: «يا عيني يا عيني على الولد، قول لعتريس الجوازة باطلة، الأرض تغرق الجوازة باطلة، البلد تنحرق الجوازة باطلة».
أبطال المشهد: فؤادة، عتريس، إسماعيل، مجموعة من فلاحين القرية.
طاقم العمل: المُخرج حسين كمال، المُنتج صلاح ذو الفقار، ثروت اباظة كاتب الرواية، والحان وموسيقى الفيلم بليغ حمدي، وباقة من عمالقة السينما ومنهم شادية، محمود مرسي، محمود ياسين.
مشهد العزاء في فيلم الكيف
يُعتبر فيلم الكيف الذي تم عرضه للمرة الأولى عام 1985، من أبرز الأفلام التي تضم مشاهد كوميدية كثيرة، وعبارات شهيرة يتم تداولها حتى الوقت الراهن بهدف الدُعابة، ولعل أكثر المشاهد التي كانت سبب وراء نجاح الفيلم، كان مشهد العزاء، حينما قرر بطل العمل دكتور الكيمياء «صلاح أبو العزم»، حضور عزاء أحد معارفه مع شقيق زوجته «عادل»، وقام بتجسيد دوره في العمل الفنان محمد صفوت، وذلك بعدما تناول مُخدر الحشيش، الذي عرضه عليه شقيق زوجته، وحين رآها البطل اكتشف أنها المادة المُخدرة التي قام هو بتصنيعها بخلطة كيميائية مكونة من مجموعة من الزيوت العطرية والحناء، وبعض الأعشاب، حين أراد أن يثبت لشقيقه كمال أبو العزم الشهير بمزاجنجي وأدى دوره الفنان محمود عبد العزيز في الفيلم، أن الكيف ما هو إلا وهم يحققه ضباب الدخان وضجيج المجلس.
لتكون المُفاجأة حين يقع البطل تحت تأثير المُخدر ويخرج عن وعيه خلال حضوره العزاء ويدخل في موجة هيسترية من الضحك، وحين يعود دكتور الكيمياء إلى وعيه يُحلل المادة المخدرة التي تناولها ليكتشف أنه تمت إضافة مادة الماكس إليها، ويشعر بتأنيب الضمير ويقرر عدم الاشتراك مع شقيقه في تصنيع المخدر مرة أخرى.
عبارات شهيرة: «يا جدع امسك نفسك.. مش قادر تعالى امسكها معايا، حضرتك جاي تعزي ولا جاي تهزر؟.. لأ أنا جاي أهزر، إحنا ساعة الغلط نطرطش زلط، بحبك يا ستاموني مهما الناس لموني، واديني في الهايف وأنا أحبك يافننس».
أبطال المشهد: الدكتور صلاح، عادل، مجموعة من الكومبارس المشاركين في الفيلم.
طاقم العمل: المُخرج علي عبد الخالق، وألحان وموسيقى حسن أبو السعود، والمؤلف محمود أبو زايد، ومجموعة من الفنانين ومنهم محمود عبدالعزيز، نورا، يحيى الفخراني.
مشهد المُحاكمة في فيلم «الناصر صلاح الدين»
مشهد المُحاكمة في الفيلم السينمائي «الناصر صلاح الدين»، للمُخرج يوسف شاهين، وتم عرضه عام1963، من أبرز المشاهد بالفيلم حيث نجح المُخرج في مزج محاكمة الفارسة الصليبية لويزا، ومحاكمة والي عكا، في المشهد نفسه، وينقسم إلى جُزأين، الأول كان يخص الفارسة الصليبية لويزا، التي وقعت في حب الفارس العربي عيسى العوام، والجزء الثاني مُحاكمة والي عكا بتهمة خيانة الوطن، والذي جسد دوره الفنان توفيق الدقن.
ويبدأ مشهد المُحاكمة بعبارة الأمير كونراد الشهيرة، والتي يتم استخدامها حتى الوقت الحالي كنوع من الدُعابة للتعبير عن الخيانة: «وهكذا سقطت لويز؛ أيها الملوك، يا من تركتم أواطنكم وزحفتم بجيوشكم لتطهروا أرض المسيح من أعداء الصليب هكذا أصبحت الأميرة الصليبية من الخونة»، وفي الوقت ذاته كانت تتم محاكمة والي عكا الذي يبدأ المشهد بانحناء طويل في مُحاولة منه لكسب تعاطف الأمير بقوله: «دعني أعفر رأسي في التراب تحت قدميك»، إلا أن صلاح الدين يرفض فعلته ناهرًا له: «لا تحني رأسك لغير الله»، ويطلب والي عكا من صلاح الدين الرحمة من أجل أطفاله.
ثم يعود لمشهد مُحاكمة لويزا وتظهر على صوت الأمير كونراد قائًلا: «هكذا اقتلعت الكراهية المُقدسة من قلبها»، فيرد صلاح الدين خلال محاكمة والي عكا مخاطبًا الوالي الخائن وكأنه يرُد على افتراءات الأمير كونراد ضد الفارسة لويزا: «فأصبح قلبك كمدينة بلا أسوار منذ نسيت الحب؛ كرهت عروبتك فهان عليك أن تسلم عكا».
عبارات شهيرة في الفيلم: «وهكذا سقطت لويزا»، ولكنكم تحرقون أغصان الزيتون، كل حلفائك خانوك يا ريتشارد، أن أحبوا الناس يرحمكم الله».
أبطال المشهد: الأمير كونراد، لويزا، ريتشارد قلب الأسد، زوجة ريتشارد، فيرجينا، ملوك الصليب، صلاح الدين، والي عكا.
طاقم العمل: المؤلف يوسف السباعي، والمُخرج يوسف شاهين، وسيناريو وحوار عبد الرحمن الشرقاوي، ومجموعة من نجوم الفن المصري، ومنهم أحمد مظهر، نادية لطُفي، صلاح ذو الفقار، ليلى فوزي، حمدي غيث.
مشهد سحل الفنان محمود المليجي في فيلم الأرض
يُعد مشهد سحل الفنان المصري محمود المليجي، من أهم وأشهر المشاهد في تاريخ السينما المصرية، والذي تم عرضه للمرة الأولى عام1970، وكانت به الكثير من الجُمل السينمائية المُنتشرة حتى وقتنا الحالي للتعبير عن القسوة والظلم، ويبدأ المشهد عندما رفض أبو سويلم بطل الفيلم والذي جسّد دوره «المليجي»، التخلي عن أرضه فيتم توثيقه من قدمه بأمر من المأمور وسحله بشكٍل قاس، ويظهر خلال المشهد تَشَبُّث أبو سويلم بأرضه رغم استمرار سحله وسيلان الدماء من جسده، واختلاط دمائه بطين الأرض، وغصون القطن مع بث الموسيقي الحزينة وكلمات الأغنية الشهيرة «الأرض لو عطشانة» التي تُعبر عن أهمية الأرض بالنسبة للفلاح المصري والتي يعتبرها بمثابة عرضه وهويته.
عبارات شهيرة في الفيلم: «الأرض لو عطشانة نرويها بدمانا، كنا رجالة ووقفنا وقفت رجالة، الناس عايزة الأرض والأرض عايزة المياه والمياه عايزة واسطة».
أبطال المشهد: أبو سويلم، عبد الهادي، علواني، محمد أفندي، وصيفة، المأمور.
طاقم العمل: المُخرج يوسف شاهين، أشرف فهمي، مساعد المُخرج، المؤلف حسن فؤاد، ومجموعة من الفنانين ومنهم محمود المليجي، صلاح السعدني، عزت العلايلي، نجوى إبراهيم.
مشهد ضرب الفنان ممدوح عبد العليم في فيلم البريء
ومن أهم المشاهد التي أشتهر بها فيلم البريء، الذي عرُض للمرة الأولى عام 1986، هو مشهد الاعتداء بالضرب على الفنان ممدوح عبد العليم، في المعتقل حيث ظهرت براعة الفنان أحمد زكي، وهو بطل الفيلم الذي قدم شخصية الجندي الفقير أحمد سبع الليل، في دفاعه عن ابن قريته الشاب الجامعي المُثقف ممدوح عبد العليم، الذي قدم شخصية حسين وهدان في الفيلم، بعدما تم القبض عليه وتعرضه للضرب في المُعتقل، وسبع الليل شاب فقير، لم يتمكن من تلقي تعليمه بسبب ظروف معيشته القاسية، يتعاطف معه حسين وهدان الشاب الجامعي المثقف، ويعلمه المبادئ الوطنية، ويشجعه على الالتحاق بالقوات المسلحة، ثم يُحوله إلى حراسة المعتقلات، وهناك يتم إيهامه أن كل من في المعتقل هم أعداء الوطن الذين يحاربون تقدم البلد، ويتم تعليمه الطاعة العمياء، وفي نفس التوقيت يتم القبض على حسين مع مجموعة من الطلاب اليساريين ويحوّلون إلى نفس المعتقل الذي يخدم به سبع الليل، يلتقي الصديقان في لحظة فارقة تنكشف فيها الحقيقة للمجند المُغيّب، فيرفض تعذيب صديقه، يتم حبس الاثنين معًا، يكشف حسين وهدان الحقيقة كاملة لسبع الليل الذي يثور بعدها ندمًا على ما فعل بالأبرياء، يتم قتل حسين بالأفاعي السامة، فيقرر سبع الليل الانتقام لصديقه.
ولعل براعة الفنان محمود عبدالعزيز، والذي أدى شخصية الضابط في الفيلم دور كبير أيضًا في نجاح العمل وشهرة هذا المشهد بالأخص، حيث قدم الفنان خلال المشهد شخصية مغايرة تمامًا عن شخصيته الكوميدية والميلودراما التي اعتاد جمهوره أن يراه عليها في معظم أعماله حيث قدم هنا شخصية الضابط الصارم في عمله بخلاف تعامله مع المجتمع.
عبارات شهيرة في الفيلم: «إحنا اللي فهمنا يا سبع الليل، لا يمكن يكون حسين ابن عم وهدان من أعداء الوطن».
أبطال المشهد: الجندي سبع الليل، حسين وهدان، العقيد توفيق شركس، الضابط فهيم.
طاقم العمل: المُخرج عاطف الطيب، قصة وسيناريو وحيد حامد، وكلمات الأغاني لـ عبد الرحمن الأبنودي، الموسيقى التصويرية عمار الشريعي ومجموعة من الفنانين ومنهم أحمد زكي والفنان محمود عبدالعزيز، ممدوح عبدالعليم، إلهام شاهين، حسن حسني.