سوليوود «خاص»
يعتبر الإعلان الضمني «Product Placement»، من أبرز الاستراتيجيات الإعلانية التي ظهرت منذ منتصف القرن الماضي، وزادت أهميتها مع التطور التكنولوجي ووسائل الاتصال؛ إذ أتاح الإعلان الضمني فرصة بديلة للمعلنين للوصول إلى الجمهور المستهدف من خلال المضامين التي يفضلون متابعتها.
الإعلان الضمني.. النشأة والتطور
يعدُّ فيلم «The Garage» أول فيلم ظهر فيه إعلان ضمني عام 1919م، في حين كان فيلم «Wings» أول فيلم ظهر فيه إعلان ضمني وفاز بالأوسكار عام 1927م. لكن البداية الحقيقية والأكثر نجاحًا كانت في فيلم «E.t» في ثمانينيات القرن الماضي، فقد زادت مبيعات حلوى«Reese’s pieces» إلى 50% خلال شهر واحد من عرض الفيلم.
وقتئذٍ ظهر المنتج بشكل مرئي «visual» ولفظي «verbal»؛ إذ وصف أبطال الفيلم الحلوى بأنها «تذوب في فمك»، وأدرك صناع الأفلام أنه يمكنهم التوفير في النفقات عن طريق الترويج الضمني للسلع والمنتجات في الأفلام.
تحولت هذه الرغبة إلى صـناعة منظمة، فأسست استديوهات الإنتاج إدارات متخصصة في مواءمة السيناريوهات لترويج السلع والمنتجات؛ إذ تعتبر مؤسسة «Savvy» هي الأشهر في الخطط الناجحة، مثل الترويج لـ«BMW:BMW328i» بفيلم جيمس بوند «Golden Eye»، وهو أنجح ترويج في عام 1995. وأيضًا الترويج الضمني لـ«Apple computers» في فيلم «Mission Impossible» عام 1996.
نماذج أفلام تضمنت إعلانات ضمنية
بعد ذلك تعددت الأفلام والمسلسلات والبرامج التي اتجهت إلى استخدام الإعلان الضمني، منها التاليفيلم «Transformers» روَّج سيارة «Corvette».
– فيلم «Top Gun» روَّج نظارات «Ray-Ray Ban».
– فيلم«The Avengers» روَّج سيارة «Audi».
– فيلم «Back to the Future» روَّج حذاء «Nike» و«Pepsi».
– فيلم «The Terminal» روَّج مطعم «Burger King».
– فيلم «E.T» عام 1983 روَّج حلوى Reese’s pieces ، وCoca cola.
– فيلم «Pulp Fiction» تضمن حوارًا بين بطلي الفيلم «جون ترافولتا» و«سامويل جاكسون» حول مطعم ماكدونالدز.
– فيلم «Cast Away» روَّج شركة «Wilson Sports» للمنتجات الرياضية.
– فيلم «I am Sam» روَّج قهوة «Starbucks».
– فيلم «Where the heart is» تضمن شخصيات عاشت في متجر «WalMart».
– فيلم «The Italian Job» روَّج سيارات «Mini Coopers».
– جميع أفلام «James Bond 007» روَّجت سيارات «BMW»، وساعات «Rolex».
– فيلم «Jerry Maguire» روَّج «Reebok».
– فيلم «You’ ve got mail» روَّج «AOL»، و«Starbucks».
– فيلم «Jurassic park» روَّج «Ford Explorer».
– فيلم «The Matrix» روَّج هواتف «Nokia».
– أفلام «Mission Impossible 1,2» روَّجت «Apple Computers».
– فيلم «Night in The Museum» روَّج «Ford, Nike, Toyota».
الإعلان الضمني في الفيلم العربي
لكن رغم ذلك لا يزال حجم صناعة الإعلان الضمني في العالم العربي أقل من الغرب بكثير، ويعتبر الفيلم المصري «صعيدي في الجامعة الأميركية» أول وأكثر فيلم حظي بظهور مكثف للعديد من المنتجات والماركات المشهورة لفظيًا أو مرئيًا. وكانت أغنية «كاجولوه» الشهيرة حظيت بنجاح منقطع النظير بكل ما تتضمنه من أسماء لمنتجات معروفة مثل: Nike ،Ray ban ،Versace.
ويؤكد المخرج المصري طارق العريان ضرورة أن يتمتع المخرج بموهبة إدراج المنتج في أحداث الفيلم أو الأغنية، ويعبر أبطال فيلمه «السلم والثعبان» عن مشاكلهم وأحاسيسهم بطريقة إعلانية بالمنتجات التي امتلأ بها الفيلم مثل: «Marlboro»، و«سيارات» و«Seat»، و«Pizza Hut»، و«Cola Coca».
وظهر شعار «Cook Door» على أفيش الفيلم المصري «عمر وسلمى” بجوار شعار مغربي للبصريات، فضلاً عن تصوير الفيلم في الجامعة الكندية CIC وظهور اسم وشعار الجامعة. وقال منتج الفيلم محمد السبكي إن أي منتج سيسعد بوجود إعلانات داخل فيلمه بما يخفف أعباء ومصاريف الإنتاج.
أساليب الإعلان الضمني وتحدياته
وباتت الإعلانات الضمنية صناعة تساوي مليارات الدولارات في الولايات المتحدة وأوروبا في الوقت الحالي، فحتى نهاية عام 2008 وصل حجم صناعة الإعلان الضمني في الولايات المتحدة فقط إلى 7.76 مليار دولار.
وباعتبار أن أفلام السينما من أقوى وسائل التسويق لوصولها إلى الجمهور المستهدف من السلعة بشكل فوري ودقيق في إطار مضمون وممتع، فإن ظهور وانتشار قنوات الأفلام ومواقع الإنترنت التي تتيح تحميل الأفلام، أدى إلى انتقال الفيلم من دور العرض إلى باقي الوسائل في أقل من عام.
وأدى ذلك إلى استمرار دورة حياة الأفلام وزيادة تذكر الجمهور للمنتجات الموجودة بها، مما يؤدى إلى زيادة دورة حياة المنتج لعشرات السنوات. ويقول أحد خبراء الإعلان: “اذهب إلى فيلم، شاهد نجمك المفضل وتعرَّف على أحدث المنتجات”.
ويأتي الإعلان الضمني في عدد من الأشكال، فيمكن أن يتم إدراج المنتج لفظيًا في الحوار بين شخصيات العمل، أو مرئيًا بظهور المنتج على الشاشة، ويمكن أن يظهر المنتج بشكل مستقل على الشاشة عن طريق اللقطات المقربة Close Up Shots للمنتج أو للعلامة التجارية logoK، أو استخدام فنان مشهور للسلعة داخل أحداث العمل الفني يساهم في إبراز المنتج بشكل كبير وزيادة احتمالية شراء المعجبين للسلعة.
طرق الإعلان الضمني
ويبدأ الإعلان الضمني بطرق مختلفة، أولها يكون مسؤولو استديو التمثيل على دراية بتطور السيناريو، فيخبرون مسؤولي تسويق المنتجات بوجود فرصة ملائمة لإدراج المنتج داخل الفيلم، ويتواصل مسؤولو التسويق مع مديري استديوهات التمثيل لمعرفة فُرص إدراج منتجاتهم داخل الأفلام التي يقوم الاستديو بإنتاجها.
وعند استقرار مسؤولي التسويق على سيناريو فيلم معين، تبدأ المفاوضات مع استديو الإنتاج لتحديد التكلفة وملاءمة وضع المنتج داخل الأحداث؛ في حين تختلف التكلفة باختلاف أسلوب إدراج المنتج أو الماركة داخل الأحداث، مثل ذكره في حوار، أو استخدام النجم، أو باقي الشخصيات للمنتج.
وأصبح في استطاعة أي دولة أن تقوم بالترويج لمعالِمها السياحية – مثلاً – من خلال الأفلام السينمائية «السياحة السينمائية Tourism Film»، إذ ينجذب الجمهور أو يتحمس إلى زيارة دولة أو مكان ما بعد رؤية معالمها في فيلم، أو أغنية، أو مسلسل.
ولم يقتصر الإعلان الضمني على الأفلام والمسلسلات فقط، وإنما امتد إلى «برامج تلفزيون الواقع «Reality TV Shows»، حيث رفع برنامج «Survivor» الذي بدأ عام 2000 مبيعات «Doritos» و«Mountain Dew» بنسبة 30% لاستخدام شخصيات البرنامج لهما.
أنواع الإعلان الضمني
من جانب آخر، رصد الباحثون والخبراء نوعين للإعلان الضمني، من حيث استخدام المنتج داخل العمل؛ أولها الاستخدام الاستراتيجي للمنتج Strategic Use Of Brands، وهو استخدام المنتج لخلق انطباعات معينة عند الجمهور مثل «إظهار الممثلين في صورة أكثر جاذبية»؛ والثاني الاستخدام الدعائي للمنتج Promotional Tools، وتظهر المنتجات فيه كأدوات دعائية داخل العمل كمقايضة مثلاً.
وكلما زادت شهرة الفنان الذي يستخدم المنتج زاد وعي الجمهور بالمنتج، وزادت نسبة تفضيل المنتج واحتمالية اتخاذ قرار شرائي له؛ إذ لا يرفض المستهلكون الإعلان الضمني، ويرى معظمهم أنه وسيلة فعَّالة لتسويق المنتجات نظرًا لشعورهم بالملل تجاه الإعلانات التقليدية.
لذلك، فإنَّ الإعلان الضمني تنظمه قوانين مفصلة، تفرض رسومًا على منتجي هذه الأعمال والوسائط التي تعرض هذه الأعمال مقابل ما يحصلون عليه من المُعلن التجاري.
التوصيات
ومن أجل مواكبة التطورات العالمية والمنافسة في سوق الإعلانات الضمنية يفضل العمل على الآتي:
- ضرورة إيجاد آلية لربط المنتجين بسوق الإعلانات والعلامات التجارية المحلية والعالمية.
- إنشاء منطقة لإنتاج الأفلام تجمع صُنَّاع الأفلام بالعلامات التجارية.
- تنظيم معرض سنوي لصناع الأفلام وسوق الإعلانات والعلامات التجارية المحلية والعالمية.
- نشر ثقافة الإعلان الضمني للمساهمة في تعزيز سوق الأفلام المحلية.
*ما سبق جزء من محتوى ورشة عمل نظمتها «هيئة الأفلام» بالشراكة مع موقع «سوليوود» السينمائي بعنوان: «استخدام الإعلانات الضمنية في الأفلام السينمائية»، يوم الثلاثاء 18 يناير 2023.