سوليوود – «خاص»
تعرض صالات السينما السعودية، فيلم الدراما الأميركي «She Said»، الذي يتناول قصة مراسلتي صحيفة «نيويورك تايمز»، اللتان قامتا بكشف واحدة من أهم القصص، التي ساعدت في تحطيم عقود من الصمت، حول مواضيع حساسة في «هوليوود».
والفيلم من إخراج «ماريا شرادر»، ومن بطولة: «زوي كازان»، «كاري موليجان»، «باتريشيا كلاركسون»، «أندريه بروير»، «سامانثا مورتن»، «توم بيلفري».
كسر الصمت حول «هارفي واينستين»
يأخذ عنوان الفيلم النصف الثاني من العبارة الشهيرة، التي من المعتاد استخدامها لرفض مزاعم الاغتصاب، باعتبارها إشاعات- «قال، قالت»- وبذلك يُعيد العمل أهمية شهادة النساء، انطلاقًا من قصة «ميجان توهي» و«جودي كانتور» المراسلتان في «نيويورك تايمز»، ومعركتهما لكتابة القصة عن منتج الأفلام المسجون حاليًا «هارفي واينستين»، وممارساته التي استمرت لعقود من الترهيب والتحرش والاغتصاب للممثلات والموظفات المبتدئات، وإسكاتهم بالتهديدات.
ولذلك جرى اقتباس الفيلم من كتاب الصحفيتان الذي يحمل العنوان نفسه، الذي صدر عام 2019، ومن ثمّ تناول قصة تأسيس حركة «أنا أيضًا»، التي حطمت عقودًا من الصمت نحو الاعتداءات الجنسية في «هوليوود».
كانت خطة الصحفيتين تتمثل في محاولة نشر شهادات، حول عدد من المتهمين علنًا في الحال، للحصول على ناجية بارزة واحدة والاعتماد على الآخريات اللاتي يتقدمن، كان هذا هو أساس استراتيجية حركة «Me Too».
تلعب الممثلة «كاري موليجان» دور «ميجان توهي»، وتلعب الممثلة «زوي كازان» دور «جودي كانتور»، في حين عرض الفيلم بشكل خاطف لجهود «رونان فارو»، الذي عمل على القصة نفسها لصحيفة «النيويوركر»، ونشر تحقيقًا في أكتوبر 2017، عن تجاوزات المنتج الهوليوودي «واينستين».
وكما هو الحال دائمًا مع الأفلام التي تتحدث عن الصحف، يتمثل التحدي في جعل العمل الصحفي العادي يبدو ممتعًا في أجواء درامية، وهو ما نجحتا فيه المرشحة لجائزة «الأوسكار» مرتان «كاري موليجان»، والمرشحة لجائزة «إيمي» «زوي كازان».
وكدليل على الأهمية القصوى للصحافة الاستقصائية، يشرح الفيلم تفاصيل رحلة المراسلون والمحررون، المنخرطون في السعي الحثيث وراء الحقيقة، ويسلط الضوء على شجاعة الناجين والشهود الذين اختاروا التقدم، لمنع متهم متسلسل من ارتكاب المزيد من الأذى.
لذلك يعتبر الفيلم في جوهره قصة حقيقية عن أشخاص، كثيرٌ منهم من النساء وكثير منهن أمهات، تحدثوا عن الأسرار والكواليس وطلبوا العدالة ليس فقط لأنفسهن، ولكن لمن يأتون في المستقبل سواءً في الولايات المتحدة أوحول العالم.
والخطوة الأكثر أهمية التي يقوم بها الفيلم أيضًا هي الأكثر خطورة، حيث تتعمق الأحداث في حياة الصحفيين المنزلية، وهو عنصر لا يظهر في الكتاب، إذ يصور الفيلم «ميجان توهي» وهي تتعامل مع اكتئاب ما بعد الولادة، وصدمة «جودي كانتور» عندما تسألها ابنتها الكبرى لأول مرة عن كلمة اغتصاب.
قصة «متحرش هوليوود»
وفي مارس 2020، صدر ضد المنتج السينمائي «هارفي واينستين»، الذي نفى ممارسة الجنس مع أي امرأة دون رضاها، حكم تاريخي بالسجن لمدة 23 سنة، بعد إدانات بالاغتصاب والاعتداءات جنسية، قبل أن تظهر لاحقًا اتهامات بحق خمس نساء في لوس أنجلوس.
وظهر حينها «هارفي واينستين»، الذي كان يومًا أحد عمالقة الإنتاج السينمائي في هوليوود، على كرسي متحرك أثناء المحاكمة التي عقدت في ولاية نيويورك، وطالب محاموه من المحكمة الرأفة في الحكم عليه، لأن أقصر عقوبة سجن ستكون كأنها المؤبد بالنسبة له.
ولكن الادعاء طالب بإنزال أقصى عقوبة على «هارفي واينستين»، المعروف إعلاميًّا بلقب «متحرش هوليوود»، بسبب قضية الاعتداء على النساء خلال مشواره المهني، حيث بلغ إجمالي عدد النساء اللاتي زعمن أن «واينستين» اعتدى جنسيًا عليهن حوالي 90 إمرأة، ما بين مزاعم بالاغتصاب وأخرى بالتحرش.
«جودي كانتور»
يذكر أن «جودي كانتور» المراسلة الاستقصائية، حائزة على جوائز في صحيفة «نيويورك تايمز» ومؤلفة، قد كشفت أعمالها عن حقائق خفية حول السلطة والجنس والتكنولوجيا والسياسة ومكان العمل.
في أكتوبر 2017، كسرت هي و«ميجان توهي»، قصة عقود من مزاعم الاعتداء الجنسي ضد «هارفي واينستين»، وهو ما ساعد في إطلاق حركة «Me Too»، وفي تغيير المواقف وتحفيز قوانين وسياسات ومعايير جديدة، للمساءلة في جميع أنحاء العالم.
وحصلت الصحفيتان على جائزة «بوليتزر» للخدمة العامة، وهي أعلى جائزة في الصحافة، كما حصلتا على العديد من الأوسمة الأخرى بما في ذلك جائزة «جورج بولك»، وجرى تصنيفهما في قائمة مجلة «تايم»، لأكثر 100 شخص مؤثر في العام.
وصفت صحيفة «واشنطن بوست»، كتابهما الذي يسرد قصة اعتداءات «وينشتاين» بأنه «عمل غير مسبوق»، واعتبرته «جامعة نيويورك» واحدًا من أفضل عشرة أعمال صحفية في العقد.
بدأت «كانتور» حياتها المهنية في مجلة «سلايت»، وانضمت إلى «ذا تايمز» عام 2003 كمحررة لمدة ست سنوات، حيث كتبت عن الرئيس السابق «باراك أوباما» وعن «ميشيل أوباما»، ويروي كتابها «أوباما» عن كواليس دور الرئيس والسيدة الأولى.
«ميغان توهي»
أما «ميغان توهي» فهي مراسلة استقصائية، حائزة على جوائز في صحيفة «نيويورك تايمز» ومؤلفة لعدد من الكتب، حيث ركزت الكثير من تقاريرها على معاملة النساء والأطفال.
كانت «توهي» من أوائل الصحفيين، الذين كشفوا عن مشكلة أدوات الاغتصاب غير المختبرة، وكشفت عن السوق السوداء للأطفال المتبنين، في سلسلة من القصص التي وصلت إلى نهائيات جائزة «بوليتسر» للتقارير الاستقصائية، كما قامت بالتحقيق حول الرئيس الأميركي السابق «دونالد ترامب»، وكشفت عن مزاعم سوء السلوك الجنسي، وألقى الضوء على الجهود غير القانونية لإسكات النساء، اللواتي زعمن أنهن على علاقة معه.