سوليوود ( مراكش )
اسمها بالأمازيغية “ورزازات” وبالعربية “بدون ضجيج”، لكنها في الحقيقة تثير صخبا في كل دول العالم بفضل احتضانها العديد من الأعمال الفنية الشهيرة، خصوصا في المجال السينمائي والتلفزيوني كما ذكر موقع البشاير.
تتألف ورزازات من كلمتين أمازيغيتين (وار) و(زازات)، وتعني بدون ضجيج، هي مدينة مغربية تقع في الجنوب الشرقي من مراكش، وتلقب بـ”هوليوود أفريقيا”.
تلقب كذلك بـ”مدينة الضوء” ويصفها البعض بـ”أكبر استوديو طبيعي في العالم”، إذ تتوفر على إنارة طبيعية تجذب عمالقة الإنتاج السينمائي، مما يساهم في تطوير اقتصاد وسياحة المدينة.
بنيان هذه المدينة لا يشهد بعضه، كلّ يحكي حكايته بلغته الخاصة، لرسم مشهد من مشاهد المعالم الحضارية والتاريخية في المنطقة، الأمر الذي يسيل لعاب المخرجين والمنتجين.
ويقول مؤرخون إن المدينة، التي يناهز عدد سكانها 60 ألف شخصا، كانت خلال الحقبة الاستعمارية عبارة عن قاعدة عسكرية للسيطرة على المنطقة الجنوبية الشرقية من المغرب.
“السينما فن وتجارة وصناعة”، تنطبق هذه المقولة على ورزازات، التي جعلت من أغصانها أفلاما سينمائية وتلفزيونية باع صيتها في ربوع العالم وأدرت مداخيل مهمة على المملكة، مثل “كليوباترا” و”جوهرة النيل” و”ألف ليلة وليلة” و”غلادياتور” و”صراع العروش”..
وتضم “هوليوود أفريقيا”، التي تتميز بسحر طبيعتها وطقسها المشمس وتنوع تضاريسها، استوديوهات عالمية داخل قصباتها وقصورها التاريخية، كما أنها تقدم بعض الامتيازات لشركات الإنتاج الأجنبية من أجل تشجيعها على الاستثمار.
وكان المغرب أقر، عام 2017، قانونا يسمح لشركات الإنتاج الأجنبية باستعادة 20 في المئة مما تنفقه خلال تصوير فيلم أو مسلسل، وذلك لإغراء الأجانب وجذبهم للاستثمار “الفني” في المملكة.
ولتصوير أفلام سينمائية أو وثائقية أو تلفزيونية أو وصلات إعلانية وغيرها من الإنتاجات الفنية، يلجأ عدد من المنتجين إلى ورزازات لعدة اعتبارات، أبرزها الديكورات الطبيعية والمتنوعة التي تزخر بها المنطقة، والتسهيلات الإدارية والمالية التي تقدمها السلطات، بالإضافة إلى الأجور “الزهيدة” للتقنيين والممثلين الثانويين “الكومبارس”.
السينما تبيع الأحلام.. لكنها تخلق أيضا مناصب شغل
لم يكن أشد المتفائلين يعتقد، قبل عدة عقود، أن ورزازات ستصبح قبلة عالمية للتصوير السينمائي والسياحة، إذ لم تكن معروفة كثيرا ولم يكن فيها ما يجذب السائح قبل المنتج أو المخرج.
إلا أن التحول الكبير بدأ في النصف الثاني من القرن العشرين، حين قصدها أشهر المخرجين والمنتجين والممثلين، مثل ألفريد هيتشكوك ومارتن سكورسيزي وأنتوني كوين وريدلي سكوت ومصطفى العقاد وأوليفر ستون وسيرجيو ليوني وليوناردو دي كابريو ومايكل دوغلاس وجان بول بلموندو.
هذا التطور سيساهم، منذ ذلك الحين، في تنمية الوضع الاقتصادي للمدينة، من خلال خلق عدد مهم من مناصب الشغل وتحسين معيشة السكان، الذين باتوا يشتغلون كممثلين ثانويين أو تقنيين أو مساعدين فنيين.
وعام 2016، كشف المركز السينمائي المغربي أن مداخيل الإنتاج الأجنبي ناهزت 330 مليون درهم، مشيرا إلى أن نصف هذه الأرباح جرى تحقيقها في ورزازات فقط (أي ما يعادل 165 مليون درهم).
كما تفيد أرقام رسمية بأن عدد السائحين، الذين زاروا المدينة، العام الماضي، ارتفع بنسبة 38 في المئة، حيث بلغ أكثر من 260 ألف شخص، أغلبهم من دول أوروبية كفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وهولندا.
هذا وقال الفاعل الحقوقي بورزازات، عبد السلام أطالب، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن هوليوود أفريقيا تعد من بين المدن المعروفة على الصعيد العالمي لعدة أسباب، مضيفا أن “إنتاج الأفلام، خصوصا الحربية والتاريخية، يتطلب مجموعة من المآثر والبنايات والآليات القديمة وهو ما تتوفر عليه هذه المدينة”.
وتابع أطالب، وهو أيضا عضو بالغرفة الفتية الدولية ورزازات الكبرى، أن “استوديو أطلس على سبيل المثال يضم قلاع مصر القديمة ومعابدها وسجونها وتوابيت ملوكها وبنايات الصين ومعابد بودا وعربات الحرب العالمية”.
وأردف قائلا “هذه البنية التحتية السينمائية يتم ترميمها وبناؤها حسب الطلب من طرف عمال ينتمون إلى أهل المدينة.. كل هذه الأمور تساهم في تنمية الاقتصاد عبر زيادة عدد ليالي المبيت في الفنادق وتشغيل أبناء المنطقة الذين أصبحوا بدورهم يتمتعون بتجربة فريدة في أداء الأدوار”.
تبقى إذن ورزازات ضالة كبار المخرجين والممثلين، إلا أن المفارقة الوحيدة التي تطبعها، هي أنها مدينة بدون قاعات سينما.