سوليوود «متابعات»
«نظام نباتي سيئ: شهرة.. نصب.. فارون من العدالة Bad Vegan: Fame .. Fraud. Fugitives» هو عنوان لأحدث مسلسل وثائقي على منصة «نتفليكس»، يتناول في أربع حلقات، وحوالي أربع ساعات، القصة الحقيقية الغرائبية لواحدة من أشهر سيدات الأعمال وأجملهن في نيويورك، والتي تحولت إلى ضحية لشاب نصاب مخبول، سلبها ملايين الدولارات، وتسبب في إفلاسها وإغلاق مطعمها وهروبها من مطاردات الدائنين والدعاوى القضائية على مدار شهور، قبل أن يتم اعتقالها بسبب طلبها لفطيرة بيتزا.
سارما ميلنجاليس كانت صاحبة أشهر مطعم نباتي في نيويورك، يرتاده نجوم السينما وكبار السياسيين، وتتصدر صورها أغلفة المجلات الاقتصادية والمتخصصة في الطعام، ومؤلفة لكتابين عن أهمية الطعام النيئ والنباتي، و«أيقونة» لحركة أنصار الطعام الصحي، وحماية الحيوانات…إلى أن التقت بمقامر نصاب اسمه أنطوني سترانجيس وقعت في حبه وتزوجته، وانتهى بهما المطاف إلى السجن بتهمة اختلاس ما يقرب من مليونَي دولار من ميزانية المطعم وإنفاقها في المقامرة عبر نوادي القمار في أوروبا وأمريكا.
المسلسل الذي أنتجته نتفليكس في إطار سلسلة أعمالها عن جرائم النصب الحقيقية، وأخرجه كريس سميث، صاحب العديد من الأعمال المتميزة، ومنها فيلم ،American Movie الحاصل على جائزة أفضل فيلم وثائقي من مهرجان «صاندانس»، وفيلم Fyre: The Greatest Party That Never Happened، والذي يرصد قصة نصب واقعية أخرى، حول محتال دعا إلى رحلة سفاري فاخرة تبين للمشتركين فيها أنها خدعة كبيرة.
بدأت سارما ميلنجاليس، التي درست فن الطبخ في باريس، حياتها العملية كشريكة لطباخ شاب ارتبطت به، وقاما معاً بافتتاح مطعم للأكل النباتي والنيئ في حي مانهاتن بنيويورك خلال منتصف العقد الأول من القرن العشرين.. لكن بعد خلافات بين الاثنين تنفصل سارما عن صديقها وتستطيع بمساعدة صديق أن تمتلك المطعم مقابل قرض مليونَي دولار، وتحول المكان إلى واحد من أشهر المطاعم في المدينة.
في 2011 يصل نجاحها إلى الذروة، وهو العام الذي تتعرف فيه على النجم أليك بالدوين، الذي يصبح زبوناً في مطعمها، ويتبادل الاثنان الرسائل والمحادثات، لكن في اللحظة التي كان يمكن أن تتطور فيها هذه العلاقة إلى أكثر من صداقة، تتعرف سارما من خلال «تويتات» بالدوين على شاب آخر، بهرها بخفة دمه، وحجمه العملاق، وثرائه الظاهر، يقدم نفسه باسم «فوكس شين»، قبل أن يتبين لاحقاً أن اسمه أنطوني سترانجيس.. تتعلق سارما بالسيد «فوكس»، على وسائل التواصل أولاً، ثم يرتبط الاثنان فعلياً، ويقنعها الشاب أنها لو نجحت في اجتياز عدد من الاختبارات، على رأسها إعطاؤه الأموال باستمرار، سوف يحولها وكلبها الحبيب إلى كائنين خالدين.
على مدار شهور وسنوات تحولت سارما إلى رهينة لأكاذيب فوكس، أو أنطوني، وبحلول 2016، بعد أن تنجح في إنقاذ مطعمها من الإفلاس والغلق، تستسلم مرة أخرى لأكاذيب زوجها، ويستوليان على أموال المطعم، ويفران عبر الولايات حيث يقضي أنطوني أوقاته كلها يقامر في نوادي القمار، وعندما يقوم بعض الدائنين بالإبلاغ عنهما، يقعان في أيدي الشرطة عندما يقومان بطلب توصيل «بيتزا» من خلال كارت الائتمان خاصتها.
كيف يمكن أن تقع فتاة جامعية مثقفة وجميلة، وسيدة أعمال عقلانية وناجحة، في مثل هذا الخداع الذي لا يليق بطفل صغير، حتى فقدت عملها وأموالها وباتت مديونة بما يقرب من ستة ملايين دولار لبنوك ومستثمرين وموظفين لديها؟
هذا هو السر الذي تحاول الحلقات الأربع الإجابة عليه، ورغم الجهد الهائل الذي يبذله صناع الفيلم لاستقصاء الوقائع وحقيقة ما حدث، واستعانتهم بعشرات اللقاءات مع سارما والمقربين منها وشهود العيان ورسائل الإنترنت والمحادثات الهاتفية، فإن المشاهد يخرج بعد الساعات الأربع أكثر تشوشاً وحيرة، ولا يدري هل السبب هو وجود أشياء أخرى غير معلنة، أخفاها فريق العمل أو فشلوا في الوصول إليها، أم أن السبب هو غموض السلوك البشري عامة، واستحالة تفسير ظواهر مثل وقوع أفراد أسوياء ناجحين ضحية أكاذيب ساذجة ينسجها محتالون مختلون نفسياً وعقلياً؟
يتكرر في مسلسل Bad Vegan نموذج pattern يمكن ملاحظته في معظم الأعمال التي قدمتها نتفليكس مؤخراً عن قصص النصب، وهو قدرة بعض الأفراد على التأثير على عقول بعض الأفراد الذين لديهم استعداد للتأثر والخضوع نفسياً عن طريق بعض السيناريوهات والحيل المتكررة.